ماذا حدث بالقاهرة سنة 88…الجزء الحادي عشر

ماذا حدث بالقاهرة سنة 88…الجزء الحادي عشر

بقلم فراس الور

توزعت وحدات الصاعقة على مشارف #الإسكندرية جميعها، انتشرت بالأجواء هتافات “صاعقة!َ!!” و سمعت لمسافات بعيدة لكترة الجند الذين كانوا ينتشرون وفق خطة أمنية محكمة رسمتها قيادات رفيعة المستوى بالجيش #المصري، انتشر #الجند بين آليات ثقيلة كالدبابات و حاملات الجند و العربيات المصفحة التي تحمل الرشاشات الثقلية بكثافة، تحولت الإسكندرية الى #ثكنة #عسكرية مغلقة و الجيش يستعد لإقتحامه الكبير على احيائها و مدنها، ارست عشرات من السفن الحربية و البوراج مرساتها على مقربة من الشط و ابتدأت كل نصف ساعة بقذف عشرات من المتفجرات البحرية بهدف قتل اية مسوخ كانت تحاول الإقتراب منها، انتشرت بالسماء من فوق عشرات الطائرات المروحية المقاتلة و سمعت من حين لآخر و هيا تفتح رشاشاتها الفتاكة من علو بعيد على المسوخ و هي تمشي بالشوراع من تحتها، فكانت الإسكندرية بقبضة الجيش المصري خلال ساعة واحدة و انتظر المشاة و هم يحملون على ظهورهم قاذفات اللهب و القنابل اليدوية الإشارة ليبدأوا عملية تطهير المدينة من مصاصين الدماء،

نظر دراكولا من على بناء عالٍ الى ثكنة عسكرية و هي تنتظر بعتادها اشارة بدئ الهجوم، نظر الى السماء من فوق فكانت الشمس الحارقة بأوجها، ضعف جسده من الحر و شعر بالإرهاق الكبير، كان يعلم ان الجيش علم نقطة ضعفهم و لم يكن امامهم وقت كثير لتنفيذ المخطط الذي استيقظوا من سباتهم الطويل لأجله، داليا سلطان الأميرة ميريت، يجب ان يجعلها تأتي اليه سريعا ليحصلوا على كنوز الملكة، و لكن اين هي؟ فالإسكندرية كانت تعج بالمشاكل و هي لم تأتي بعد، لم يكن يعلم اذا اختارت التضحية بسلامة جنسها البشري بالإسكندرية ام لم تكن على دراية بالكارثة التي حلت بالمدينة، سمع صوت طوافه تقترب من المكان، نظر الى فوق فرآها تطير بسرعة بالقرب منهم، كان مكتوب عليها القناة الأولى و كانت تطير على علو منخفض، كان احدهم يصور من بابها المفتوح المسوخ و هي تنتشر بالإسكندرية، تيقن انها مسالة وقت قبل ان تذاع الأنباء على الشاشات و تصلها الأخبار، ابتسم قائلا في ذاته “سريعا سيرون كم نحن مازلنا اقوياء،” احضر ضحية كانت راقدة وسط بقعة دماء كبير، كانت تنزف بشدة من يدها على مقربة منه، كانت إمرأة بيضاء البشرة بالثلاثين من العمر ذات شعر اشقر و عيون زرقاء، كانت موظفة استقبال في احد الفنادق التي هاجمها، سحبها الى منتصف سطح العمارة و ضغط على يدها التي امتص منها دماءا سابقا فنزفت بشدة، تنهدت المرأة تنهيدة قوية من شدة الألم ثم رقدت من دون حراك، اخذ دماء منها و رسم على الأرض رسمة خفاش كبيرة، سحب المرأة حال انتهاءه و وضعها بمنتصف الرسمة، كتب حولها بأحرف لاتينية “تقبل طاعتي لك يا ملك الظلام، رائحة دماء البشر تملأ المدينة و أتمنى ان تكون راضِ عما ارتكبنا!!!”

مقالات ذات صلة

فجأة ابتعد عن الجثة، رأى ايادي لونها زرقاء تكسر اسمنت الأرض و تمتد من دماء الخفاش و تمسك بالذبيحة، كان عددها تسعة ايادي، فجأة استيقظت المرأة من سباتها و نظرت الى الايادي التي حوطتها، ارتسم على وجهها الرعب و صرخت صرخة مدوية جعلت دراكولا يبتعد اكثر فأكثر عنها، و لكنه ابتسم حال مشاهدته خدام ملك الظلام يأسرونها، فجأة رقدت الضحية من دون حراك مفتوحة العينين، تغيرت ملامح وجهها و اصبح لون وجهها و جسدها شاحب جدا، تحركت الكلمات المكتوبة بالأحرف اللأتينية و تحولت الى سيل دماء و عادت الى جسدها، تحركت رسمة الخفاش الى سيول دموية و عادت الى جسدها، نهضت الإمرأة من مكانها و وقفت على قدميها، عادت القوة اليها و اقتربت من دراكولا و قالت له بنبرة نسوية خشنة “ملك الظلام قبل ذبيحتك و سيعطيك ما تريد،”

نظر اليها دراكولا بقليل من الهيبة و قال “هل انتِ مرسال منه؟ من انتِ؟”  كانت ألسن من النيران تتراقص في عينيها و كان جهها يشع غضبا و توعدا،

اجابت “انا منهيت خادمة ابوفيس أله الفوضى و خادمة ملك الظلام،”

ركع عند قدميها و قال لها “مولاتي اعطيني جيشي،”

نظرت له و قالت بنبرة حديدية “سامنحك ما تريد!” سارت الى جانب من جوانب السطح المواجه للشط و اشارت بيدها الى الأفق البعيد وقالت “بالأفق،” نظر دراكولا الى السماء فكان هنالك سواد يقترب من شط الإسكندرية، ارتسم على وجهه علامات الرضى و هو يرى آلآف الخفافيش تقترب من المدينة، نظر الى منهيت و ركع مرة ثانية عند قدميها و قال “شكرا مولاتي….”

اجابت “الجان الأزرق يأمرك بقتل داليا سلطان، و لكن قبل ان تفعل ذلك نريد منها الطريق الى كنوز الملكة!!!”

نهض دراكولا و اجاب “تحت امرك مولاتي، تيقني ان الكنوز اصبحت بين يديك منذ الآن،”

أكملت آمرة “و لكن اذا فشلت فسيسحقك مولاي، السبات العميق ارحم من العقوبة التي تنتظرك!!!” نظرت اليه غاضبة و قالت “أفهمت نحن لا نمزح في هذه المعركة!!! فساد البشر انتشر بالعالم و لنا فرصة بالسيطرة عليه!!! اذا فشلت سيستغني عنك ملك الظلام!!! الإنسي استحضرنا عن طريق الساحر الى هذه الدنيا بطمعه و جشعه و هو لا يعلم مع من يتعامل بالضبط!!! العالم اصبح بمتناول يدينا!!!”

نظر دراكولا اليها بخوف، كان يعلم ان ملك الظلام يحكم سلطانه على عالم البشر رويدا رويد، ففسادهم و حبهم للمال و ابتعادهم عن الجامع و الكنيسة مرتع له، قال لها “تحت امرك،”

فجأة انطلقت يد من الايادي التي احكمت قبضتها على الضحية و امسكت برقبته، تحولت الى نار فصرخ دراكولا من شدة من الألم، ركع مرة ثانية و الضعف يزلزل كيانه، صرخ لها “تحت امرك و لكن ابعدي اليد عن رقبتي!!!”

اختفت اليد و النار بثوانٍ و بقي على الأرض منهك القوة، قالت له “هذه لمسة من العقاب الذي ينتظرك مني و ملك الظلام اذا فشلت بمهمتك!!!”

اجاب و هو ينهض موجوعا “لن افشل، أؤكد لك لن افشل!!!”

نظر مرة ثانية الى السماء و هو يلهث من التعب، كانت الطيور قد وصلت الى مشارف المدينة، كانت بالآلآف فأبتدأت بحجب اشعة الشمس عنهم، دخلت مناطق من الإسكندرية في ظل مريب و الخفافيش تملأ السماء، اقتربت الطوافه منهم اكثر فلاحظ فجأة انها قد صورت كل الذي حدث معهم، ابتسم لأنه تيقن انه عاجلا ام آجلا ستعرف داليا سلطان بما يحدث و ستأتي اليه راكعة لتنقذ سكان المدينة من الجحيم الذي سيحل عليهم،

راقب طيور الظلام و هي تنتشر بالسماء من فوقهم، بعضها نزل الى الأرض و تحول الى مسوخ و مصاصين للدماء، قد عوضهم ملك الظلام عن الذين قتلوا بأسلحة البشر، رفع يديه نحو السماء و قال آمرا “افتكوا بجنس البشر، لا اريد احد حي بالمدينة إطلاقا!!!”

_______________________

نظرت داليا سلطان الى التلفاز بخوف و قلق و البث المباشر يصور المسوخ و هي منتشرة بمدينة الإسكندرية، كانا والدتها و فريد يقفان بجانبها ينظران بصدمة كبيرة الى ما حل بهذه المدينة المسالمة، كانت الكاميرا تصور تارة المسوخ و هي تهاجم ما تبقى من البشر بالمدينة، و تارة الخفافيش و هي تملأ سماء الإسكندرية، امسكت داليا جهاز التحكم عن بعد و رفعت الصوت، كان هنالك معلق يعلق على الأحدث فقال صارخا ً”لا اعلم اين الجيش و الأمن من كل ما يحصل!!! لا اصدق ان هذه الإسكندرية أأمن نقطة سياحة بمنطقة الشرق الأوسط، مسوخ تملأ شوارعها و سفك للدماء في كل مكان!!! اين الجيش و الشرطة من كل ما يحدث!!! الدماء تسيل بالشوارع يا خلق الله!!!”

خَفًضَتْ صوت التلفاز من شدة حزنها و التفتت الى والدتها و فريد قائلة “انا المقصودة بكل ما يحدث، يريدون كنوز الملكة، يريدونني ان اركع لهم لكي اعطيهم موقع الكنوز،”

نظر اليها فريد قائلا “و سيناء، يجب ان نذهب الى سيناء،”

“قد نذهب لاحقا، انا لا استطيع ان ادير ظهري الى هذه الكارثة،”

قالت والدتها بنبرة قلقة “قد تقتلك المسوخ يا بنيتي،” جلست و ابتدأت بالبكاء “انا لا اعلم اين كان يختبئ كل هذا لنا،”

قالت داليا “امي، هذا قدري، انا اكون بصلب معركة من الواضح انها تدار من قبل الشياطين و عالم الش،” نظرت اليها بحنو و أكملت “اعدك انني سأعود اليك سالمة،” نظرت الى فريد و قالت “اوصلني الى الإسكندرية، يجب ان اكون هنالك بأقرب فرصة ممكنه،”

فكر فريد مليا بالموضوع و قال “لي صديق يعمل بالأمن بالقاهرة، يبدو لي اننا بحاجة لطوافه للوصول بسرعة،”

نظرت اليه داليا بإستغراب، “هل تعني اننا سنطير الى الإسكندرية؟”

امسك سماعة الهاتف و اتصل بالعميد سعدالدين ذكي مدير امن القاهرة…

_______________________

نظرت داليا بخوف من الطوافه العسكرية الى الخفافيش التي كانت تغطي سماء الإسكندرية، كان عددها بالآلآف فاخترقتها الطوافه العسكرية بعنف كي تصل الى مهبط ميناء شرطة الإسكندرية باقل خصائر ممكنة، كانت تجلس بالمقعد بجانب الطيار و كان خلفها يجلس فريد، نظر فريد بصدمة كبيرة الى الخفافيش و هي ترتطم بزجاج الطوافه، شعر و كأنها تحاول اختراق الزجاج لتهاجمهم، سأل فريد الطيار بقلق “هل سنصل الى المهبط بآمان…”

نظر الملازم اول متحدت متولي الى الطيور و هي تصطدم بصورة عشوائية بالطوافه، كان يعلم بقرارة نفسه انهم لن يصلوا بسلام الى مهبط شرطة الإسكندرية، فكان هنالك خطورة كبرى على مروحيات الطوافة فقد تتعطل حركة دورانها، اجاب بقلق “انا مضطر للإشتباك معها فاثبتوا بالكراسي جيدا،”

فجأة فتح رشاشات الطوافه بقوة فانطلقت سيول من الرصاصات منها بإتجاه الخفافيش، فجأة ابتدأت الطوافه بحركة دائرية فسقطت العشرات منها بإتجاه الأرض مع حركة دوران الطوافه، شعر فريد و داليا بدوار شديد و الطوافه تلتحم بشراسة مع الطيور فإبتدأوا بالصراخ من شدة الخوف، صرخ الطيار “موتي و ابتعدي عنا يا شياطين!!!” و هو يطلق رشاشات الطوافه عليها، هدأت سرعة الطوافه ثم تابع بإتجاه مهبط الشرطة بسرعة قصوى، كان لا يزال على مسافة منه، ابتعدت الخفافيش عن الطوافه لبعض الوقت و لكن سرعان ما عادت و غرزت مخالبها بهيكلها الحديدي، تكاثر عليها مئات الخفافيش لتغطيها بالكامل، فجأة اشتعلت اضواء الخطر داخل غرفة التحكم و تعطل عمل مروحياتها، ابتدأت الطوافه بالسقوط بسرعة بإتجاه الأرض، اتصل الطيار بالقيادة العامة للجيش و صرخ “هنا نسر 122!!! اصبنا بأضرار جسيمه من الخفافيش، الطوافه تهوي نحو الأرض!!!” صرخ فريد من شدة الرعب و الطوافه تفقد توازنها و تسقط نحو شارع مليئ بالمسوخ تحتهم، “ميريت افعلي شيئا!!!” فجأة اشتعل وهج بالطوافه لفت انتباه الجميع، نظر الملازم الى يمينه فرأى داليا سلطان بلباس محارب فرعوني قديم، صرخ قائلا “من انتِ!!!”

صرخ فريد “سمو الأميرة تصرفي!!! سنموت!!!” فجأة صرخت ميريت بصوت عالٍ “نسورايزيس!!! مولاتكم تطلبكم!!!”

فجأة انتشرت حولهم نسور كبيرة من كل جانب، حلقت لفترة و الطوافة تهبط بسرعة بجانبها، نظر اليها الطيار برهبة و هي تُخْرِجْ من فمها نار فهربت من اماها الخفافيش سريعا، توقفت الطوافة عن الهبوط و ابتدأت تعلو من جديد، اكملت طريقها نحو مهبط امن الإسكندرية بسلام، نظر الطيار برهبة الى المحاربة الفرعونية فكانت ذات لباس مزين بالذهب الخالص، كانت تشبه داليا الى حد بعيد و لكن لباسها كان لباس ملكة خارجة الى حرب ضروس، كان على جنبها سيف غمده ذهبي و كان على خصرها خنجر ذهبي، كانت جالسة بكل هدوء بنظرة ملكية سامية على وجهها و كأنها كانت مطمئنة الى ما يحصل،

__________________________

نظر احمد عبدالسلام الى الاربعة نسور وهي تمسك بالطوافه و تنزلها ببطئ الى مهبط أمن الإسكندرية، كان يحيط به اربعة من رجال الشرطة فنظروا معه الى ما كان يحصل بصدمة عنيفة، فجأة ارتطمت عجال الطوافة العسكرية بالأرض بسلاسة كبيرة، صرخت النسور بشراسة فابتعدت عن المهبط مئات الخفافيش التي حاولت مهاجمتهم، التهب جسدها بالنار فاحاط اللهب بالطوافة فماتت عشرات منها كانت عالقة بالطوافة، طارت النسور بعيدا و فتح باب الطوافه، خرج الطيار و هو يصرخ نحو احمد “هل انا في حلم سيادة المقدم!!! نسور انقذت الطوافه من الدمار المحقق!!!”

اجابه و علامات الصدمة ترتسم على وجهه “انا عن نفسي اشعر و كأنني بحلقة من حلقات مغامرات السندباد!!! استلمت اشارة من القيادة العامة للقوات المسلحة بأن طوافه حربية ستتجه نحونا!!! من اين اتت النسور!!! هذا ما كان ينقصنا بعد الخفافيش!!!”

لهث لسان الضابط و ابتدأ يتنفس بصعوبة لبضعة ثوان ثم قال “هنالك انسانة مريبة داخل الطوافه!!! هي من سخرتها لتحضر!!!”

اصطحبه الاربعة رجال الى داخل المديرية ليرتاح بينما اقترب احمد بحذر من الطوافه، خرجت داليا بلباسها الفرعوني من الباب ثم خرج فريد ورائها، سلم فريد على احمد قائلا “سيادة الضابط شكرا لإستقبالنا في مديريتكم،”

“اهلا و سهلا بكم،” تفحص داليا و قال و علامات التوتر تملأ وجهه “من الأخت،”

قالت داليا آمرة “يجب ان اصل الى المناطق التي فيها المسوخ، بسرعة يا حضرة الضابط!!!”

اجاب أحمد متسائلا “استطيع ايصالك الى حيث تريدين فاوامرنا ان نسهل مهمتك، و لكن و لما لم تصطبحك النسور، انا فقط مستغرب،”

اجابت داليا بإلحاح “لن استطيع تفسير لك كل شيئ، الإلهة ايزيس لم تسمح لجيشها بالإلتحام لغاية الآن مع الخفافيش، اوصلوني الى منتصف مناطق الإسكندرية، سيحصل شيئ سيئ لجيوشكم ان لم اصل هنالك بأقرب سرعة ممكنة!!!”

سأل احمد “الإلهة ايزيس؟! سأوصلكم الى حيث تريدون و لكن لم افهم شيئ!!! الإلهة ايزيس؟!!! من انتِ؟!!!”

قال قريد “حضرة الضابط، هنالك شر في هذا العالم و خطيبتي هي مفتاح حله، سأحاول شرح لك بالطريق كل شيئ و لكن يجب ان تصل خطيبتي الى ارض المعركة بسرعة،”

ارتفعت بالخلفية اصوات انفجارات الغام البوارج الحربية من جديد، امتزجت معها اصوات انفجارات و قذائف دبابات شديدة، اغمض عينيه احمد محاولا تحليل ما يحصل فلم يكن يصدق انه يقف امام محاربة فرعونية اوصلتها اليه اربعة نسور و هي ممسكة بطوافة حربية كانت على وشك الإرتطام بالأرض، اخذ نفسا عميقا و اكمل “هنالك امور لا افهمها، و لكن امري الى الله، اصوات الإنفجرات التي نسمعها تعني ان المعركة الأرضية مع المشاة ابتدأت،”

صرخت داليا “لا قل لهم ان يتراجعوا!!! الخفافيش جند من المسوخ ستنقض على جيوشكم لتمزقها!!!”

“هيا الى عربيتي يا جماعة، سأوصلكم بنفسي!!! بسرعة!!!”

صعدوا الثلاثة الى عربية الضابط التي كانت متوقفة بمكان قريب من المدرية، توجه احمد بإتجاه منطقة ساخنة من مناطق المعارك قائلا “ساحول اقناع اللواء المسؤل عن المعركة بذهابك اليها!!! و لكن ان فشلت فانتم ستتولون هذا الأمر بمفردكم!!!”

اجاب فريد “اترك الأمر لنا، الى اين سنتجه بالضبط؟!”

اجاب احمد و هو يقود بسرعة جنونية بإتجاه كبري الناموس، “الى فندق جنة الإسكندرية، اشرس المعارك مع مصاصين الدماء كانت على الشواطئ، و لكن لا افهم، لما لا تهاجمنا الخفافيش؟!” نظر الى السماء قائلا “انها بالآلآف بالسماء!!!”

كانت شوارع الإسكندرية خالية من العربيات ما عدا مدرعات الجيش، و كان ظلام قريب من ظلام الليل يخيم على الأجواء بالكامل، كانت المدرعات متمركزه على جوانب الشوارع بكثافة كبيرة، لم توقف عربيات الجيش احمد بالرغم من ان سرعته بلغت 140 كليومتر بالساعة بسبب لوحة عربيته الأمنية فقاد بأرحية كبيرة متجها الى كورنيش الأسكندرية،   

اجاب فريد متسائلا “لا اعلم و لكن امرها مريب جدا!!!”

“لن تتجرئ على اذيتنا!!! قُدْ و انت مطمئن!!! هم يعلمون منذ ان خدمتنا النسور انني لن اسمح لهم بذلك!!!”

“يا رب يا…ما اسمكِ؟”

“انا الأميرة ميريت ابنة فرعون مصر،”

نظر اليها احمد بإستغراب و هو يتعدا حديقة الحيوانات، كان هنالك خمسة دبابات متمركزة على جوانب الطريق امام الحديقة، فكر في ذاته “ابنة فرعون مصر!!!” حاول مليا تحليل ما يحصل و لكن لم يصل الى اية نتيجة، توالت الأفكار و الإحتمالات في ذهنه الى ان وصل الى شارع كورنيش الإسكندرية، قاد لفترة الى ان توقف اخيرا على مدخل الفندق، كانت مدرعات الجيش تحيط بمدخل الفندق بالكامل و معها مدرعة مسورة بالحديد كان يجلس بها عددا من الضباط، كانت الخفافيش تملأ الأجواء و تحاول مهاجمت الدبابات و المدرعات فكانت تصطدم بهيكلها الفولاذية من حين لآخر، كان على يمينهم مدخل اسلفتي عريض يؤدي الى مدخل رئيسي مغطى من فوق بمظلة اسمنتية، و كان امامه على جانب آخر موقف كبير للسيارات كانت تملئه مسوخ كثيرة،

سألت داليا بإستغراب “اين الجيش، ها السموخ تسير من دون اية مقاومة من الجيش؟”

اجاب احمد “هنالك عدة محاور يعمل عليها الجيش، عاجلا ام آجلا سيتعامل معها،”

اجاب فريد “لا تخرج من العربية سيادة المقدم، الخفافيش ستهاجمك!!!”

“اريد ان أتأكد انكم ستعبرون الى الفندق بسلام!!!”

اجابت ميريت بنبرة واثقة “لا تخف!!! خدامي سيحموني!!!”

صرخ احمد “اكاد أُجَنْ، منذ ثلاثة ايام و الجان يهاجمني انا و اسرتي، و انا اقوم بتتبع مع الأجهزة الأمنية نشاط ساحر مريب قد يكون مسؤلاً عن ما يحصل، و الآن تقولين لي انك ابنة فرعون مصر عاش منذ غياهب التاريخ!!! ماذا يحصل بالقاهرة سنة 88؟!!!”

اجابت ميريت “راقبوا خدامي!!!” قالت لفريد “لا تخرج من العربية!!!”

نظر اليها فريد بخوف قائلا “داليا، انا احبك، عودي الي سالمة!!! ارجوكِ”

نظرت اليه نظرة حنونه و قبلت شفاهه، راقب احمد المشهد و احمرت وجنتيه و هو يرى فريد يقبل ميريت بحرارة، اجابت مريت “سأزلزل شوارع القاهرة تحت اقدامهم، سأكون خصما عنيدا امامهم، لا تخف يا فريد، الآلهة ستكون معنا!!!”

قال احمد “انت مسلمة، ما قصة الاآلهة؟!”

اجابت ميريت “لا افهم ماذا تقصد،”

خرجت ميريت من العربية و سارت بخطوات واثقة بالشارع المؤدي الى الفندق، إبتدأت الخفافيش بمهاجمتها بشراسة حال رؤيتها فالظلام الذي تسبب به كثرتها ساعدها برؤية امور كثيرة، التهب جسمها بالكامل بألسن نارية فانحرقت الخفافيش حال اصطدامها بها و سقطت على الأرض، نظر احمد بصدمة كبيرة الى جسد ميريت و هو مشتعل بالنار و الى الخفافيش التي تموت حال لمسها، سارت ميريت الى داخل الفندق و تعدت عدة مسوخ حاولوا مهاجمتها في البهو و لكنهم احترقوا لحظة لمسهم جسدها، كان البهو في فوضى كبيرة فشعرت و كأن اعصارا ضخما ضرب المكان، كان مليئاً بالجثث و سيول الدماء البشرية و انتشر على الأرض من حولها بقايا لأثاث و اطقم كنب و طاولات محطمة، كان الزجاج و قطع الخشب المهشم يملأ الأرض بكثافة فسارت ميريت بحذر حول الحطام نحو مخرج منطقة البهو و خرجت نحو الشط، سارت بإتجاه الشط الذي كان مليئ بمصاصين الدماء، التفوا حولها عشرة مسوخ و لكنهم لم يتجرؤا على الإقتراب منها بسبب حرارة النيران التي غلفتها، فجأة ارتفع من الرمال برواز كبير معلق بمنتصفه صنج نحاسي كبير، كان معه على الأرض مضرب نحاسي كبير، كان منحوتا على الصنج شكل الإلهة ايزيس، فهمت ميريت ما كان عليها فعله فامسكت بالمضرب و ضربت الصنج بقوة، انتشر صوته بسرعة بالأجواء و وصل الى قلب احياء الإسكندرية، سمعتها المسوخ و جمع غفير من الذين كانوا محبوسين بالمدينة، كررت ميريت ضرب الصنج فسمعه حتى الجند و الألوية داخل المدرعات، اغلقت المسوخ التي كانت على الرمال اذنيها و ابتعدت عنها فكان صوته يرعبها بقوة،  

فحأة اطل دراكولا من فوق سطح المبنى، راقب ميريت و هي تضرب الصنج فانتابه قلق شديد مما يحصل، كان يعلم ما يعني هذا، اطلت منهيت و راقبت ما كانت تفعل ميريت و صرخت مستاءة “يا عاهرة فرعون!!! انها تطلب نسور ايزيس ليقتلوا الخفافيش!!!”

فجأة لمع ضوء من جسد دراكولا و انسخط الى هيئة خفاش، طار نحو الشط بسرعة و حلق فوق ميريت محاولا تشتيت اتباهها، و لكنها سحبت خنجر من خصرها و رمته الى الاعلى بإتجاهه، اشتعل الخنجر بالنار و اخترق جسد الخفاش، صرخ من شدة الألم و سقط على الأرض، عاد دراكولا الى هيئته و جلس يصرخ بشدة من النار الآكلة التي احرقته، نظر الى ميريت متألما و قال لها “لا تظني انكم ربحتم المعركة، فهذه فقط البداية،”

نظرت اليه ميريت نظرة استحقار و قالت “قد اخترتم اعادت التاريخ مرة آخرى يا خادم السفلة، نسيتم ردنا الساحاق عليكم و على الجان الأزرق، عد الى سباتك يا كلب الجان الأزرق!!!”

قال لها و تعابير الكره تملأ وجهه “يا عاهرة فرعون ستدفعين الثمن غاليا!!! يا حقيره!!!” بصق عليها و استكمل قائلا “سيتغير التاريخ قريبا فالساحر الذي سخرني سحره اقوى مما تتخيلي!!! نحن لن نموت!!! اسمعتي!!!” اخترقت الرمال ايادي زرقاء و ابتدأت بسحبه الى داخل الرمال، حاول الإفلات منها و لكنها امسكته بقوة و سحبته اكثر فاكثر الى داخل رمال الشط، صرخ بشدة و حاول مقاومتها و لكنه خسر بسرعة معركته و اختفى تماما في باطن الأرض، نظرت ميريت الى اعلى المبنى و رأتها، تسارعت الذكريات في ذهنها فعادت اليها اصوات معاركها الشرسة، امتلأت الأجواء بصيحات القتال و صرخات الجند و هم يتحاربون في معركة كبيرة كانت قد شاركت بها بالماضي، تذكرت ميريت وجهها الكريه و شعرت بأنها هي من تطل عليها من اعلى المبنى، فجأة انتشرت نسور كبيرة بالسماء من فوق، تكاثر عددها بسرعة كبيرة و اصبحت بالمئات، كانت تحلق فوق الإسكندرية في كل انحاء سماءها الرحبة، فجأة انقضت بشراسة على الخفافيش و ابتدأت بتطهيرها منها، هاجمت النسور الخفافيش بمخالبها و منقارها و مزقتها الى اربا صغيرة، تساقطت الخفافيش على شواطئ الإسكندرية كمطر الشتاء بسماء ملبدة بالغيوم، ابتسمت ميريت الى خيوط الشمس الذهبية و هي تخترق من جديد جدار الخفافيش التي اخفتها لساعات طويلة،

تراجعت منهيت الى الوراء، اختفت تماما عن رؤية ميريت، حَوًلَتْ نظرها الى البحر لبرهة من الزمن و قالت في ذاتها “يجب ان آخذ القرار الآن، مصير بلدنا يبدو انه متوقف على قرار شخصي مني،” لم تستطع الذهاب الى رؤية شيخ عشيرتها في سيناء فالشر الذي افلته الساحر في عالمها كان مرعباً جدا، كان لا بد لها ان تفهم امورا كثيرة فهذه المعركة كانت تعيد الى آذهانها اصداء لماضي بعيد لم تفهمه كليا، انتشرت في عالمهم المسوخ و مصاصين دماء و الجان الأزرق و أَسَرَوا مدنهم البشرية بلا رحمة و لا شفقة، سمعت من احمد الضابط تأكيداً اقلقها حول ساحر كان يحاول مهاجمتهم بواسطة الجان الأزرق، و كأنها بوابات زمنية فتحت على بعض فكل الجيوش الذي قهرها فرعون في حربه مع جيوش ادغال الحبشة تم تحريرها من سجونها و اصبحت تسير بعالمهم، ماذا كان يحدث و لما كانوا يريدون كنوز مليكتهم، كانت تعلم ان القرار بات بيدها فإيزيس سندت ظهرها بجيوشها من الطيور الكاسرة، و ها سماء الإسكندرية عادت لها اشعة الشمس من جديد،

نظرت حولها الى الخفافيش التي كانت تسقط بالعشرات من سماءٍ كانت تعود الى طبيعتها الزرقاء، نظرت الى البحر فكانت حائرة بين ما يجب ان تفعله و بين التريث و انتظار نتيجة هجوم صاعقة الجيش على المسوخ، فجأة انطلق من الفندق اصوات انفجارات قوية و لمع من خلال زجاج البهو اضواء نيران فعلمت ان المشاة وصلت الى فندق جنة الإسكندرية،

“لم تتغيري يا ميريت، انت كما كنت منذ ان التقينا في آخر مرة…”

التفتت ميريت الى الصوت النسائي الذي كان يكلمها، لم يكن غريب عليها، و لكن تفاجئت ان التي تكلمها إمرأة جميلة و شابة بلباس موظفة فندق، اكملت بنبرة ساخرة “مازلت الفتاة المغرورة التي تظن انها تستطيع حل المشاكل كلها،”

ارتسم على وجه ميريت نظرة غضب و اجابت “منهيت زوجة ابي، او لأصحح حقيقة هويتك القذرة، الجنية التي تشكلت على هيئة إمرأة من بلاد الحبشة لتوقع ابي بجمالها، هل مازلتِ بنفس خبثك يا سافلة الجان الأزرق؟ و لما سرقت جسد انسية لتسكنيه؟ هل تخجلين من منظرك الحقيقي الكريه؟”

“اخرسي! لا تكملي! انت تعلمي جيدا ان مصر كانت لنا، و كادت ان تقع في قبضتنا لولا سخر والدك جيوش الجان الأحمر و استطاعت كسرنا بالمعركة، و ها عدنا و بوابات الأزمنة فتحت على مصرعيها و سننجح هذه المرة!!! ام هل تظنين ان بضعة المومياوات التي استحضرتيهم امام المطعم و هذه النسور الكريهة تستطيع ايقافنا،” اقتربت منها و قالت و علامات الكره تملأ وجهها “مصر واقعة في قبضتنا يا ميريت، هذه المسوخ مقدمات لجيش جرار من الجان و الوحوش التي لن تستطيع جيوش الإنسيين ايقافها، جيوشها لا تموت يا ميريت!!!”

نظرت ميريت اليها بِتَمَعُنْ فعادت ذكريات كثيرة اليها، تذكرت اروقة قصر والدها الفاخرة و كيف عاشت بها بسلام و آمان الى ان ظهرت بحياتهم، تذكرت كيف تغير كل هذا حينما اغوت والدها الى فراشها، كم كانت جميلة حينها و كم احبها والدها بجنون، و كم كرهتها حينما توضح انها مرسلة من قبل ملك الحبشة للإقاع بهم و قهر مملكتهم التي باتت ضعيفة بين ليلة و ضحاها، قست مملكة الحبشة عليهم و استطاعت قهر قومها لبضعة سنين، بعد ان اخرج والدها الشعب اليهودي من مصر و خسر اقوى رجال جيشه حينما ابتلعهم البحر الذي شقه النبي موسى لإخراج اليهود من مصر، حينها خسروا جزءا كبيرا من جيشهم و باتت مصر ضعيفة جدا،

 فجأة ركعت ميريت امامها، نظرت اليها و قالت “انا سأسلم لكم ما تريدون فانا استسلم امامك يا منهيت،” ابتسمت منهيت و ضحكة ضحكة طويلة و ساخرة سمعت اصداءها في كامل ارجاء الشط، حامت طوافة القناة الاولى المصرية فوقهم و ابتدأت تصوير ما يدور على الشط، سُمِعَ من الفندق اصوات انفجارات مدوية و لمعت اضواء قاذفات النيران مرة آخرى من خلال زجاج البهو، تقدمت منهيت و مدت يدها نحو ميربت و قالت آمرة “ابقى ساجدة لملكتك الجديدة و قبلي يدي،”

قالت ميريت خاضعة “حاضر مولاتي،”

امسكت ميريت يدها و سحبتها قليلا نحو فمها، فجأة شعرت منهيت بألم كبير يجتاح ساعدها، صرخت باعلى صوتها و هي تشعر بعظم يد السيدة التي تسكنها تتكسر من الضغط، خرج بعض من جنود المشاة الذين كانوا يشتبكون في البهو مع مصاصين دماء الى تيراس الفندق لرؤية ما سبب الضجة، احكمت ميريت قبضتها على يد منهيت و عصرتها بشدة فتوالت الصرخات الموجعة و تراقصت بمكانها من شدة الألم، وقفت ميريت قائلة “يا قحبة الجان الأزرق!!! لن انسى كيف اغتصبتم حكم مصر منا، هل تظنين ان ابنة فرعون تحتمس ملك مصر العظيم ستركع لقحبة قذرة مثلك!!! لن يتكرر التاريخ إطلاقا!!!” واصلت ميريت الشد على ساعد منهيت و نزعتها بالكامل من كتفها، غرزت اسناها بساعد منهيت و مزقت قطعة من لحمها و رمت ساعدها بعيدا فسارت منهيت الى الوراء بضعة خطوات و هي تصرخ بجنون، صرخت ميريت بقوة “اكرهكم و اكره ما تفعلوه بمصر!!! سأدوسكم انا و قومي بأقدامنا كما فعلنا بالسابق!!!”

نزفت دماء زرقاء من كتف منهيت فتحول صراخها الى عويل و هي تتلوى من الأوجاع ، صرخت متوعدة “ستري يا ميريت كم ردي سيكون قاسي!!!” تراقصت كالسكارى من اوجاعها امام ميريت و جند المشاة و هي تسير نحو البحر، غمرتها مياهه و هي تسير و تصرخ من كتفها الى ان اختفت كليا بين امواجه،

صرخت ميريت الى الجند “ابتعدوا عن الشط!!!”

صرخ احد الجند “من انت و لما تطلبين منا الإبتعاد!!!”

فجأة اهتزت الأرض من تحت اقداهم و كأن زلزال يضرب الإسكندرية، رجت مياه البحر بقوة مع كل اهتزاز و هاجت من حولهم نوء قوية، ابتعدت البوارج بعيدا عن الشط لتتفادى ارتفاع الأمواج المفاجئ، فجأة ارتفعت الأمواج بقوة الى الأعلى و كأن شيئ نهض من قعر البحر، نظرت ميريت الى الأمواج و هي ترتفع بصورة عامودية بحذر كبير فلم تكن على دراية بما تحضر لها منهيت، سقطت المياه مرة ثانية نحو البحر لتكشف عما حملته الى عالمهم، نظرت ميريت الى ثلاثة تنانين كبيرة عائمة على وجه المياه، كان لها وجوه كوجوه الزواحف، فتحت افواهها الكبيرة فبرزت من داخلها انيابها البشعة، كان لها رقبة طويلة تعلوها زعانف كزعانف اسمك القرش و كان جسدها عريضا يبرز منه جنحان كبيرة، عامت على وجه المياة و فتحت افواهها فخرجت منها نيران وجهتها نحو الفندق، احترقت واجهته بالكامل و اشتعلت النيرات بكافة غرفه،

نظرت ميريت الى التناين و هي تتحرك بإتجاه الشط، كانت كبيرة و طويلة بعلو مبنى عشرة طوابق فكانت قادرة على تدمير مدينة الإسكندرية بالكامل، كان تنفسها قوية لدرجة انها كانت تحرك ريحا قوية من حولها، فجأة سمعت بالأجواء صوت طائرات حربية تابعة لسلاح الجو المصري، كانت تقترب منها بهدف الإلتحام معها، عزمت ميريت على عدم السماح للتنانين بالإقتراب من الشط فامسكت حفنة تراب بيدها و نفخت بالهواء امامها، انتشرت الرمال امامها بكثافة و صرخت آمرة “لملمي عظامك بسرعة!!! انهضي من سباتك العميق!!! استجمعي اطرافك و اضلاعك من جديد!!! انفضي غبار الأرض عن لحمك!!! اميرتكم هنا و تطلبكم!!! مصر في خطر!!َ!” فجأة هاجت نوء قوية نشرت رمال شط جنة الإسكندرية بقوة في الهواء من حولها، هاجت الريح مع مرور الدقائق فاصبحت كالعاصفة الرملية فانعدمت الرؤيا تمام، انعمى بصر التنانين و اصابها الإرتباك فتوقفت تقدمها بإتجاه الشط، ابتدأت برشق السنة من النيران بصورة عشوائية من حولها من شدة رعبها فأنعدمت الرؤيا امامها بصورة مطلقة، اصابت نيران احداها تنين بجانبها فاطلق صرخة وحشية قوية و مدوية دوت بكل ارجاء الشط و لحمه يحترق، هاجت النيران بجسده و تراقص من الألم و توقف عن الحراك بوسط البحر، مكث من دون حراك لبرهة من الزمن ثم غرق وسط امواج البحر الهائجة،

فجأة ارتفع بالأجواء زئيرُ شرس للأوسود احاط بميريت من كل الجهات، انقشع الغبار عن الشط ليكشف آلآف من المومياوات و هي تقف امام شط الأسكندرية، كانت تقف بلباس المحارب و حنوطها عليها منذ زمن دفنها، كانت مسلحة بالسيوف و الحراب الحادة، اطلقت زئيرا متتاليا ثم هتفت بلغة فرعونية “عاش الفرعون تحتمس!!! عاش الفرعون تحتمس!!!” وقفت ميريت وسط الحشود الهائلة و صرخت باعلى صوتها بالفرعوني “ايهيب يو ستنا!!!” صرخت الجيوش بقوة “سمعا و طاعة سمو الأميرة!!!” فانتشر صراخها بشدة بكل ارجاء الإسكندرية، فجأة اتجهت نحو البحر باسلحتها الفتاكة، سارت على اقدامها الى داخل مياه البحر بكل عزمها الى ان اختفت تماما عن الأنظار، تابعت آلآف منها سيرها نحو التنانين التي واصلت عومها بعد انقشاع الغبار نحو الشط بكل عزمها،

سارت جحافل الموميوات داخل قعر البحر بكل قوة، مشت على تضاريسها الصعبة و كأنها تمشي على يبس الأرض خارج المياه بكل سهولة، ابتعدت الأسماك و القروش عن دربها فكانت لها هيبتها و هي تسير على أرض قعر البحر بإتجاه التنانين، رويدا رويدا اختفت كليا عن الشط فنظرت ميريت الى التنانين التي باتت قريبة من شط الإسكندرية، كان يخرج من انفها السنة نيران ضعيفة فالغبار خنقها و خنق نيرانها الملتهبة، فجأة عامت المومياوات حول التنانين و ابتدأت بتسلقها، غرزت سيوفها و حرابها بلحمها لتتسلق على جسدها الكبير فصرخت من شدة الألم و هاجت بالبحر مسببة امواج عاتية بالقرب من الاشط، ابتعدت ميريت عن الشط لإرتافع الأمواج و راقبت عن كثب كيف تسلق جيشها جسد التنينان الذان كانا يتراقصا من الوجع بعرض البحر، كان منظرهم اشبه ببيوت النمل و هي تهجم على قطع السكر، فغمرت المومياوات جسد التنينين و دقوا حرابهم و سيوفهم بانحاء مختلفة بجسدها، تخبطت التنانين بشدة بعرض البحر من الألم و اطلقت ألسن نارية عشوائية امامها فاصابت فندق جنة الإسكندرية مرة ثانية بلهيبها، احترق الفندق من جديد و اشتعلت النيارن بأروقته، فجأة سكنت التنانين عن الحراك و غرقت بعرض البحر، عامت المومياوات مرة آخرى على وجه المياه ثم تحولت ال غبائر حركها الهوءا الى الأفق البعيد فسكن كل شيئ بثوان معدودة، ركعت ميريت مرهقة من شدة التوتر و القلق فادرات معركة ناجحة بفضل سلطانها الذي عاد اليها بالكامل في بلادها،

و لكن اين ذهبت منهيت؟ فجأة رأت جسد الفتاة التي كانت منهيت تكلمها من خلاله يخرج من عرض البحر، كانت متعبة و مرهقة فسارت بضعة خطوات على الشط ثم وقعت على الرمال، تفاجأت ميريت ان ساعدها الذي خلعته من مكانه عاد الى كتفها و كأت شيئا لم يكن، خاطبتها ميريت قائلة “هل انت بخير؟”

اجابت “من انتِ؟”

تاكدت ميريت ان منهيت تركتها فعادت اليها القليل عافيتها، قالت لها ابقي في مكانك و ساحاول جلب مساعدة لكِ،”

نظرت ميريت الى الأفق فحلقت الطائرات الحربية بعيدا عن مكان المعركة، عادت البوارج الحربية الى المياه التي سكنت فجأة من دون المسوخ، نظرت ورائها فكانت فرق الحماية المدنية قد بدأت عملية اطفاء النيران، رأت رجال يجرون خراطيم المياه بالبهو فشعرت بأن المشاة ربحت معركتهم مثل ما ربحت هي معركتها، اسرعت الى داخل البهو على امال ان تجلب المساعدة الطبية للسيدة،

يتبع…            

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى