مأزق وزارة العمل.. والعمالة الوافدة؟! / المحامي عبد الرؤوف التل

من يراقب واقع العمل والعمال في المملكة يأخذه العجب العجاب من ظاهرة نمو العمالة الوافدة نموا كبيرا غير مسبوق ، على حساب العمالة الوطنية، حيث تنمو البطالة نموا كبيرا ، جعل مئات الاف من شباب الاردن بدون عمل تفتك بهم البطالة ، وتدفعهم لكل اسباب التوتر والانحراف والتطرف ، بسبب انعدام الرؤية الاستراتيجية لوزارة العمل، التي مر على إنشائها عشرات العقود وتكدس في مكاتبها الموظفين العاطلين من الأفق الإبداعي لأيجاد حلول لمعالجة مشكلة البطالة، وتحريك عجلة النمو الاقتصادي بالإتجاه السليم، وخلق تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية .

من يراقب كثافة العمالة الوافدة في الأردن في مختلف المجالات، يأخذه العجب من هذه الكثافة، التي تقابلها بطالة ضخمة لليد العاملة الوطنية، سواء من الرجال أو النساء ، لانعدام وجود ادبيات تشجع العامل الوطني على العمل ، بمختلف المجالات .

أن وزارة العمل في الأردن في الحقيقة والواقع ليس عندها رؤية استراتيجية لمعالجة تضخم البطالة ، وإيجاد فرص عمل تمتص جزءا من بطالة شباب الأردن داخل المؤسسات الوطنية والشركات الوطنية والأجنبية العاملة في بلادنا .

في المقابل نجد كم هائل من العمالة الوافدة التابعة للشركات والمؤسسات الاقتصادية العاملة في المدن الصناعية تعج بعشرات الآلاف من العاملين في هذه المؤسسات التي تفتقر إلى وجود أعداد مناسبة من العمالة الوطنية للعمل في هذه المؤسسات والشركات الأجنبية ، وأن أصحاب هذه الشركات والمؤسسات يجنون الأرباح الطائلة والمبالغ المالية الهائلة التي تغادر الأردن إلى الخارج ، وتبقى البطالة في الأردن تتضخم وزارة العمل لا شأن لها بذلك، هذه فضلا عما تعانيه المدن الأردنية من تلوث ضخم للبيئة ووجود المكاره الصحية ، والأمراض المعدية التي تفتك بأرضنا وشعبنا بسبب مخلفات المصانع والشركات العاملة في المدن الصناعية .

مقالات ذات صلة

في الأيام الأخيرة تحدثت وسائل الإعلام عن عاملات المنازل الأسيويات اللواتي قفزن من مكتب استقدام العاملات ، إلى الأسفل وأصبن بكسور مختلفة وسلم الله عز وجل من موتهن.

كم من العذاب تعرضن له …. كم من الآلام عانين منه… كم من الجوع جعل امعائهن خاوية من لقمة الخبز، مما دفعهن لمحاولة الهروب من الواقع المر في مكاتب الاستخدام التي باتت تنتشر بكثرة في العاصمة عمان وفي سائر المدن الأردنية وهي في حقيقة الأمر ليست مكاتب بل أسواق رقيق ، يعرض فيها النخاسون بضاعتهم للبيع ، دون رقيب أو حسيب في الوقت الذي تدعي فيه ما يسمى وزارة العمل ، أنها تحافظ على حقوق الإنسان ، وتحترم ادميته ، والواقع يقول لا احترام لحقوق الإنسان لعاملات المنازل القادمات من دول متعددة ، من قبل مكاتب الاستخدام ولا رقابة ولا تفتيش من قبل وزارة العمل ولا احترام أيضا لحقوق المواطن الأردني، الذي يتعرض إلى امتهان ونهب وابتزاز لأمواله من قبل مكاتب استخدام عاملات المنازل ، بطرق وأساليب مختلفة ، لأن العاملة قد تكلف المواطن الأردني الذي يحتاج إليها في منزله بضعة آلاف من الدنانير تذهب للمكتب ولوزارة العمل ، وللإقامة ، وربما لا تمكث العاملة في المنزل بضعة أيام أو أسابيع ثم تهرب أما من سوء المعاملة في المنزل، وهذه قليلة جدا ، وأما بالاتفاق مع المكتب الذي يهربها إلى مكان آخر لتعمل في فندق أو مقهى أو مطعم أو في المنازل بالمياومة ، ويراجع المواطن الأردني الذي هربت من منزله العاملة المكتب الذي يأخذ يلف ويدور ويبحث عن المبررات لهروبها ، ويتعرض المواطن لعملية ابتزاز مالي أخرى.

أما مكاتب استقدام الخدمات ، إذا استثنينا الغرفة المخصصة لصحاب المكتب ، المفروشة والمؤثثة بأحدث الإكسسوارات الخاصة بالمكاتب ، أما بقية الغرف التابعة للمكتب فهي عبارة عن زرائب تهرب منها الجرادين والفئران ، تجد الغرفة الواحدة يوجد بها عدد من الفتيات القادمات للعمل في المنازل متكدسات على بعضهن البعض بطريقة ليس فيها الحد الأدنى من الإنسانية واحترام حقوق الإنسان الذي كرمه الله عز وجل ، أنه سوق رقيق كأسواق الرقيق التي كانت منتشرة في ولايات كثيرة في أمريكا ، ولا يستغرب أحدا إذا رأى صاحب المكتب أو أحد العاملين معه يرفس بعقب حذائه عاملة قد تسقط على الأرض ثم يرفسها ثانية كأنه تاجر رقيق أمريكي . هذا واقع مؤلم يحدث في مكاتب استقدام الخادمات، أما ابتزاز المواطن الأردني من قبل هذه المكاتب المرخصة من قبل وزارة العمل فحدث عنه بلا حرج .

ولو قامت وزارة العمل بدورها ، وطلبت من مراكز الشرطة كم هو عدد العاملات اللواتي يهربن من المنازل ، لوجدت أعدادا هائلة ، وكم هي المبالغ المالية التي تكبدتها الأسرة الأردنية التي تهرب منها العاملة ، أن كلفة إحضارها قد تكلف ألوف الدنانير أي ملايين الملايين تخسر الأسر الأردنية سنويا بسب عدم وجود نظام وضوابط قانونية تنظم آلية العلاقة بين العاملة والمكتب الذي استقدمها والأسرة التي هربت العاملة من عندها.

حقيقة أن ظاهرة هروب الخادمات ظاهرة في الأردن لأن الرقابة من وزارة العمل على مكاتب الاستقدام تكاد تكون منعدمة ، وأن أعداد من العاملات القادمة من الخارج تعمل في أماكن عديدة بدون ترخيص وأذن عمل أيضا كثيرة وكثيرة جدا لذلك لا بد من وضع نظام قوي يسائل مكاتب الاستقدام ويضع جزاء للمكتب الذي لا يتحرى الدقة في اختيار العاملة في المنازل من البلاد المصدرة للعاملة المنزلية .

ليس معقولا ولا مقبول أن يترك العنان لمكاتب استقدام عاملات المنازل ، للعبث بالمواطن الأردني وأن سلبية النظام الخاص لذلك يساعد على ابتزاز المواطن والزج به في متاهات المتابعة والتبليغ عن هروب العاملة بسبب الروتين ، أن على وزارة العمل والعاملين فيها أن يعملوا لتحقيق الغاية التي وجدت من أجلها الوزارة التي وضع لها القانون استراتيجية وهدف هو خدمة الوطن والمواطن .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى