مأزق الدولة الاردنية في “محاولة الانقلاب”

مأزق الدولة الاردنية في “محاولة الانقلاب”
عبد الفتاح طوقان

باتت الدولة الأردنية في مأزق بعد أن أصبحت أمام خيارين، إما الاستجابة لمطالب الشعب والاحتجاجات التي ساندها واججها زيارات و تغريدات الأمير حمزة و الذي هو لي العهد السابق والتي تصل مناطق عشائرية، أو ما يترتب على محاكمة الأمير حمزة الرافض للامتثال و التعاون و امتناعه عن التهدئة بما يعرقل النظام والذي يبدو أنه يحظى بموافقة خليجية من تحت الستار. وساهم في ذلك المأزق بيانات باهته من حكومة ضعيفة تتخبط في إدارة ما تم بعيدا عن تدخلات الأجهزة الأمنية ..

عموما عبر الشارع الأردني عن رفضه لكل من “محاولة الانقلاب ” ومن طريقة “معالجتها”، في حين شككت شخصيات بمزاعم و بيان الحكومة الباهت الصادر من أنصار “انفسهم ” المنتفعين من النظام الحالي والذي ينظر العامة اليهم انهم من حموا الفساد و اوصلوا الأردن الي اقتصاد متهالك دون ان يحاسبهم احد ، ومن يحمي الفساد لن يهمه اظهار الحقائق مقابل البقاء في السلطة.

ان الحكومات الفاشلة ذات المنافع الخاصة هي من مهّدت لمطلب “الأمير حمزة ” و هي من دفعت بجهالة الي قصف الأبواب العليا، ويبدو أنها باستمراريتها ستكون وقودا لمواصلة التصعيد لتحقق مبتغيات و اجندات ضاربين مصلحة الوطن العليا بجهالة.

مقالات ذات صلة

لعل من اهم القرارات التي علي الملك عبد الله الثاني ان يتخذها هو اقالة الحكومة فورا ودون أي انتظار او تآخير، ومحاكمة كل من فشل في إدارة الدولة و ايصالها لما هي عليه الان باثر رجعي ، و حينها سيزداد التفاف الشعب حوله مع التأكيد ان الشعب هو أساسا ضد أي محاولات لتشويه الأردن و التلاعب باستقراره و تهديد امنه و لا يحبذ أحدا المساس بمؤسسة العرش.”.

ثم لا داع للتخوف من أي نوع من انواع المعارضة الإيجابية الساعية للعمل ضمن الدستور والنظام السياسي مهما على سقف الانتقاد وتبادلت سهامها مع الحكومات، ولا هناك أي شك من قدرات الاجهزة الأمنية و حرفيتيها وحرصها علي استقرار الأردن في حال افتُتحت شهية بعض ممن يريدون القفز في سلة الباب العالي- او تقويض مؤسسة العرش لا سمح الله – او بث فتنة او تجييش ضد الدولة.

لكن مما حدث ومن خلال التحرك الإيجابي الأخير يبدو أن أكثر ما تخشاه الأجهزة الامنية – وانا اثق بتحليلاتها و قدراتها وكقائتها – هو أن يكون هذا الحشد والتجييش والمحاولة هي مقدمة لمرحلة اكثر تعقيدا تصبح فيها مناطق سيطرتها تحت رحمة خارج النظام من ناحية استدراج الجنوب بأكمله تحت جناحات خليجية و تبعيتها و حجز الأردنيين و اللاجئين الفلسطينيين فيما تبقى من أراض بين العاصمة عمان و حدود الرمثا..

“دلالات ” محاولة الانقلاب تتعدد بين ما هو سياسي وآخر اقتصادي، فمن الأهداف السياسية استكمال الجهود الصهيونية لتعويم واقتلاع النظام عربياً ودولياً، بإظهار و استغلال الأمير حمزه – والذي لديه شعبيه خصوصا في مناطق الجنوب الأردني لا يمكن انكارها – كساعٍ لتحسين الأوضاع الإنسانية للأردنيين” و التي فشلت فيها الحكومات المتعاقبة غير الكفؤة والسيئة الاختيارات سواء رؤوسها او بعض من وزرائها ، أما على المستوى الاقتصادي، فيسعى عن طريق مناطق “يوتيوب “يستخدمها بعض من صحفيين مهاجرين في الخارج ؛ يطلق عليهم المعارضة لدعم الحركة البشرية التي افقرت و تعيش أسوأ أنواع الظلم واقسى الظروف من بطاله وغياب حرية التعبير ، رغم انها لا تصنف كمعارضه حسب التعاريف السياسية للمعارضة و أصول الممارسات السياسية ، و لكن مع ذلك من شأنها المساهمة في تحفيز وتسهيل تدفق الحراك إلى مناطق التظاهر داخل المملكة، كما من شأنها تسهيل التواصل بحيث يتم انتقاد النظام باستخدام الورقة الاقتصادية و الفساد و غياب المحاسبة لا سيما في ظل المديونية الخانقة، و لكن ليس لها حلولا او تنظيما جامعا لها و قد تصنف بانها جزء من صحف التابلويد التي كانت ظاهره بريطانية.”.

فرضية استفادة النظام سياسياً من “محاولة الانقلاب” كما أسمتها بحصول تأييد بعض من الدول وبيانات من قلة من منتسبي العشائر وبعض الأحزاب من رحم الأجهزة مبالغ فيها، ومن يعتقد بأن هذه تعني وصول النظام إلى حالة استقرار الشارع عبر تأييد من أمريكا التي وقعت اتفاقية تعاون ودفاع مع النظام او إسرائيل التي ترى فيه حاميا لها، (كلاهما مرفوضان عشائريا و شعبيا)، او حتى من مجاملات بعض دول العالم، هو كسب مؤقت في وقت النهج ذاته موجوداً والحراك هو أقرب إذا غابت إرادة التغيير من قبل النظام ذاته.

و لا بد من ملاحظة إعلامية ان الحديث كان عن” استقرار الأردن و دعمه” و لم يتم الحدث عن أي استقرار و أي دعم و لصالح من!، و كل تلك التصاريح لا يعتد بها وهي تأتي في باب المجاملات السياسية و الأعراف الدبلوماسية و سبق استخدامها في عصر الشاه و في عهد الرئيس حسني مبارك.”.

و الحقيقة لابد من الانتباه الى أمرين، “الأول أن تكون” محاولة الانقلاب ” سواء كانت حقيقية او مختلقة تخفي خلفها نية اسرائيل العودة الى عمليات أثارة الفتنة و خلخلة النظام تمهيدا لاقتلاعه و إقامة النظام البديل ، وذلك بعد انسداد أفق أي تسوية لإقامة حل الدولتين ، ومع زيادة انهيار وضع الأردن الاقتصادي، والثاني محاولة دول خليجية ربط تحركات الأمير حمزة انسانياً مع مناطق مهمشة تمر بأزمات وبها بؤر معارضة تمهيداً لوضع يدها عبره على قرار ادماج الأردن في صفقة القرن ، و إدخال المخطط الصهيوني من خلال ترانسفير فلسطيني عبر الحدود بحجة سيطرة لتحرير الأردن من ازماته و تراجع منظومته السياسية.

والأهم ان يتم التعامل إعلاميا بشفافية حيث ان استقدام واستضافة وزراء ونواب رؤساء وزراء ممن تسببوا فيما وصل اليه الأردن من أزمات يسيء الي النظام ويقلل من مصداقية الحدث ويبعث القيء مما ينفثون ويقلب اتجاه السفينة، خصوصا ان بعضهم يكذبون ويصدقون انفسهم و لا يصدقهم احد.

الأردن وطنا واحدا للجميع عسكر ومدنيين، مسؤولين وعامة الشعب، يدا بيد لا فضل لاحد او ميزه لاحد على الاخر و الكل يسعى للاستقرار و الازدهار و تغيير النهج نحو الأفضل، و لكن لننتبه الا يحرق الأردن- الذي يعيش في داخلنا و نفتديه – او تمسه نار من أي جهة، لان دورنا جميعا “مؤيدين و معارضين “ان نقف بالمرصاد لكل عابث بآمنة..
ا
حمى الله الأردن
aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى