ليَطْمَئِنَّ قَلْبِي

لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي

هْبَةُ أَحْمَدَ الْحَجَّاجِ

فِي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الشِّتَاءِ الْبَارِدَةِ وَ الْمَاطِرَةِ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ ، لِمَاذَا لَمْ أَنَمْ ؟! صِدْقًا لَا أَعْلَمُ ، عِلْمًا بِأَنَّنِي كُنْتُ مُنْهَمِكًا طِيلَةَ الْيَوْمِ فِي الْعَمَلِ ،حَتَّى أَنَّنِي قُلْتُ فِي نَفْسِي وَ أَنَا أَنْظُرُ إِلَى السَّاعَةِ وَ كَانَتْ قَدْ أَوْشَكَتْ عَلَى الثَّانِيَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ : الْيَوْمَ سَأُصَلِّي الْعِشَاءَ وَأَنَااَامَ ، وَلَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَاشَاءَ فِعْلَ . هَا هِيَ السَّاعَةُ تُوشِكُ عَلَى الثَّانِيَةِ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ وَ أَنَا لَمْ أَنَمْ ، أَعْتَقِدُ أَنَّنِي أَعْرِفُ السَّبَبَ ، كَانَ يَجِبُ عَلَيَّ أَنْ أَنْتَبِهَ عَلَى كَلَامِي وَ أَقُولُ ” إِنْ شَاءَ اللَّهُ ” إِنْ شَاءَ اللَّهُ” يُؤْتَى بِهَا عِنْدَ الْإِخْبَارِ عَنْ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، أَوْ تَوَقُّعِ حُصُولِ شَيْءٍ فِيهِ، وَهِيَ تَحْمِلُ أَدَبًا عَظِيمًا مَعَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي رَدِّ الْأُمُورِ إِلَيْهِ، وَ رَبْطِهَا بِمَشِيئَتِهِ -سُبْحَانَهُ.

فَقَالَ سُبْحَانَهُ: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًاً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الْكَهْفَ:23-24]. صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ ، لَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ وَ مَا شَاءَ فَعَلَ .

مقالات ذات صلة

أَحْسَسْتُ أَنَّنِي أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ ، أَنْ أَتَحَدَّثَ ، أَقُولُ كُلَّ مَا يَجُوبُ بِخَاطِرِي وَ لَكِنِّي لَا أُرِيدُ إِنْسِيًّا مَهْمَا كَانَتْ دَرَجَةُ الصِّلَةِ وَ الْقَرَابَةِ .
فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ تَذَكَّرَتْ مَقُولَةُ أَحْمَدَ إِبْرَاهِيمَ أَبُو غَالِي:
مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَهُ اللَّهُ فَلْيَقْرَأْ الْقُرْآنَ.

فَسَارَعْتُ إِلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْفَوْرِ وَ مَا أَنْ بَدَأَتْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ حَتَّى تَذَكَّرْتُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ إِقْبَالٌ:
” أَشَدُّ مَا أَثّرَ فِي حَيَاتِي نَصِيحَةً سَمِعْتُهَا مِنْ أَبِي: يَا بُنَيَّ اقْرَأْ الْقُرْآنَ كَأَنَّهُ أَنْزِلَ عَلَيْكَ!
فَأَخَذْتُ أَعْمَلُ بِالنَّصِيحَةِ. وَ أَنَا كَذَلِكَ اسْتَوْقَفَتْنِي الْآيَةَ الْكَرِيمَةُ ” قَالَ تَعَالَى :-” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي .. {الْبَقَرَةُ:260
فَسُؤَالُ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَابِ السُّؤَالِ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَزِيَادَتِهِ، وَ تَحَرِّي عَيْنِ الْيَقِينِ بِالْمُشَاهَدَةِ،أَيْ مِنْ بَابِ طَلَبِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ لِلْحُصُولِ عَلَى عَيْنِ الْيَقِينِ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْيَقِينِ.

تَوَفَّقَتْ هُنَا بُرْهَةٌ مِنْ الزَّمَنِ ، وَ أَخَذْتُ أَتَأَمَّلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْقُرْآنِيَّةِ .

أَعْدَدْتُ لِنَفْسِي فِنْجَانٌ مِنَ النُّسُكَافِيهِ وَ جَلَسْتُ عَلَى شُرْفَةِ الْمَنْزِلِ ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي : نَعَمْ نَحْنُ نَحْتَاجُ أَنْ نَطْمَئِنَّ بَيْنَ الْحِينِ وَ الْآخَرِ ، عَلَى عَلَاقَاتِنَا مَعَ الْآخَرِينَ مَهْمَا كَانَتْ دَرَجَةُ الْقَرَابَةِ .
يَقُولُ غُوتَهُ :-وُضُوحُ الْغَايَةِ عِنْدَ الْإِنْسَانِ يُسَبِّبُ لَهُ الِاطْمِئْنَانُ وَ يُؤَدِّي إِلَى السَّعَادَةِ.

عَلَى مَا أَذْكُرُ أَنَّنِي عِنْدَمَا كُنْتُ صَغِيرٌ وَ أَخِي مَرِيضٍ جَلَسْتُ أُمِّي بِجَانِبِهِ طِيلَةَ اللَّيْلِ، وَ كَانَتْ تَهْتَمُّ بِهِ أَكْثَرَ مِنَّا ، وَ كَانَتْ قَلِقَةً جِدًّا عَلَيْهِ ، كَانَتْ فِي فَتْرَةِ مَرَضِهِ تَعَامُلَهُ كَأَنَّهُ ابْنُهَا الْوَحِيدُ ، لَا أَعْلَمُ مَا الَّذِي حَصَلَ لِي ، قَدْ يَكُونُ تَوَلَّدَ لَدَيَّ نَوْعٌ مِنْ الْغَيْرَةِ ، فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ الْمَاطِرَةِ وَ شَدِيدَةِ الْبُرُودَةِ ، نَزَلَتْ تَحْتَ الْمَطَرِ وَ أَخَذَتْ أَتَرَاقِصُ هُنَا وَهُنَاكَ وَلَا أُخْفِيكُمْ ، كُنْتُ أَتَجَمَّدُ مِنْ الْبَرْدِ وَ الَّذِي ” زَادَ الطِّينُ بِلْهُ ” أَنَّنِي لَمْ أَرْتَدِي مَعْطِفِي ، كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَمْرَضَ ، حَتَّى أَرَى مَاذَا سَتَفْعَلُ أُمِّي ؟!

وَ بِالْفِعْلِ مَرِضَتْ ، وَ فَعَلَتْ أُمِّي كَمَا فَعَلْتُ لِأَخِي تَمَامًا .

نَامَ الْجَمِيعُ وَ بَقِيَتْ أُمِّي طِيلَةَ اللَّيْلِ مُسْتَيْقِظَةً بِسَبَبٍ مَرَضِي .
أَعْلَمُ أَنَّهَا أُمِّيٌّ وَ بِالطَّبْعِ سَتُقْلِقُ بِشَأْنِي وَ تَشْعُرُ بِمَرَضِي أَكْثَرَ مِنِّي وَسَيَعْتَصِرُ قَلْبُهَا أَلَمًا عَلَيَّ ، وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ، هَذَا مَا كُنْتُ أُرِيدُهُ .

نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَ أَخَذْتُ أَتَأَمَّلُهَا ، وَإِذْ أَسْمَعُ صَوْتَ يَقُولُ : أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ تَهْتَمُّ بِي ، إِذَا مَرِضْتَ تَبْقَى بِجِوَارِي حَتَّى أَتَعَافَى ، إِذَا اخْتُفِيْتُ لِمُدَّةِ سَاعَةٍ تَسْأَلُ عَنِّي بِكُلِّ لَهْفَةٍ وَ كَأَنَّ شَيْئًا سَيِّئًا لَا قَدَّرَ اللَّهِ حَصَلَ لِي ، لَا تُحِبُّ أَنْ تَرَانِي حَزِينَةً أَوْ أَنْ يَكُونَ خَاطِرِي مُكَدِّرٌ ، تَعْلَمُ مَوْعِدَ عِيدٍ مِيلَادِي وَ تُقِيمُ الْأَفْرَاحَ وَكَأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ بِالنِّسْبَةِ لَكَ . كُلُّ هَذَا أَعْرِفُ مَعْنَاهُ جَيِّدًا ، وَلَكِنْ وَهُوَ الْأَهَمُّ أُرِيدُ مِنْكَ أَنْ تَنْطِقَ كَلِمَةً مِنْ أَرْبَعَةِ حُرُوفٍ لِكَيْ يَطْمَئِنَّ قَلْبِي .
كَانَتْ هَذِهِ الْفَتَاةُ ، جَارَتِي تَقْطُنُ بِالشَّقَّةِ الَّتِي فَوْقِي تَمَامًا ،

عِنْدَمَا سَمِعْتُ حَدِيثَهَا ” بِالصُّدْفَةِ ” تَذَكَّرَتْ مَقُولَةً شَيمَاءُ فُؤَادٍ:التَّعْبِيرُ عَنْ الْمَشَاعِرِ مِنْ رَاحَةِ الْقُلُوبِ ، فَرَوَّحُوا الْقُلُوبَ .
وَ هَاهُو جَارِي الَّذِي يَقْطُنُ مُقَابِلَ شَقَّتِي تَمَامًا ، يَذْهَبُ يَمِينًا وَيَأْتِي شَمَالًاً ، أَعْتَقِدُ أَنَّ هُنَاكَ أَمْرًا مَا يُفَكِّرُ بِهِ ، وَ لَكِنَّنِي عَلَى مَا أَرَى أَنَّ بِيَدِهِ عُلْبَةَ خَاتَمٌ ، هَلْ يُفَكِّرُ بِالتَّقَدُّمِ لِفَتَاةٍ ؟! قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ ، وَأَنَا أُفَكِّرُ مع نفسي وَ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْآنَ وَإِذْ أَسْمَعُ جَرَسَ هَاتِفِي يَرْنَ ، صَعِقْتُ ! فَقَدْ كَانَ جَارِي هُوَ نَفْسُهُ الَّذِي كُنْتُ أَتَكَلَّمُ عَنْهُ .

قُمْتُ لِلْإِجَابَةِ عَلَى اتِّصَالِهِ ، وَلَكِنَّ الَّذِي أَدْهَشَنِي أَكْثَرُ عِنْدَمَا قَالَ لِي :- جَارِي ، هَلْ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ أَسْتَشِيرَكَ بِمَوْضُوعٍ ؛ أَنَا أُحِبُّ فَتَاةً وَأَعْتَقِدُ أَنَّهَا تُحِبُّنِي ، وَ أَتَمَنَّى أَنْ تَكُونَ شَرِيكَةَ حَيَاتِي الْمُسْتَقْبَلِيَّةِ ، لَكِنَّنِي مُتَرَدِّدٌ ، أَخَافُ أَنْ تَقُومَ بِرَفْضِي ، هَلْ أَقُومُ بِعَرْضِ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا ؟ أَمْ أَنْتَظِرُ قَلِيلًا حَتَّى أَتَأَكَّدَ مِنْ حُبِّهَا لِي ؟!
ضَحِكْتُ بِشَكْلٍ هِسْتِيرِيٍّ وَقُلْتُ لَهُ : أَتَعْلَّمُ أَنَا كُنْتُ مِثْلَكَ تَمَامًا قَبْلَ سَنَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ، حَيْثُ أَنَّنِي شَعَرْتُ أَنَّهَا مُعْجَبَةٌ مِثْلَمَا أَنَا مُعْجَبٌ بِهَا ، وَقُمْتُ بِالْفِعْلِ بِنَفْسِ التَّصَرُّفِ وَسَأَلْتُ صَدِيقًا لِي نَفْسَ سُؤَالِكَ:- هَلْ أَقُومُ بِعَرْضِ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا ؟! فَرَحَّبَ بِالْفِكْرَةِ وَ قَالَ لِي :- فَوْرًا لَا تَتَرَدَّدْ وَ لَوْ ثَانِيَةً ، فَالتَّرَدُّدُ مَقْبَرَةُ الْفُرَصِ.
وَأَنَا أَقُولُ لَكَ كَمَا يَقُولُ عَمْرُو سَيْفٌ :-مُعَادَلَةُ الْحَيَاةِ حُبٌّ ثِقَةٌ اطْمِئْنَانُ تَفَاهُمٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكْتَمِلَ الْحَيَاةُ وَ أَحَدُهُمْ غَائِبًا.

تَشَجَّعَ وَلَا تَنْسَى أَنْ تَدْعُونِي لِحُضُورِ زِفَافِكَ .

فَأَصْبَحَ يَضْحَكُ و قَالَ لِي :- سُؤَالٌ أَخِيرٌ ، أَنْتَ مَا الَّذِي حَصَلَ مَعَكَ ؟! هَلْ وَافَقْتَ ؟! اعْتَذَرَ عَنْ تَدَخُّلِي فِي خُصُوصِيَّاتِكَ لَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فَقَطْ .

قُلْتُ لَهُ : اطْمَئِنْ ، وَاقَفْتْ وَ هَا هُوَ مَحْبِسُهَا فِي يَدِي .

وَمِنْ ثَمَّ أَقْفَلَ الْخَطَّ وَذَهَبَ لِكَيْ يَنَامَ مُطْمَئِنُّ الْقَلْبِ ، لِأَنَّ غَدًا بِالنِّسْبَةِ لَهُ سَيَكُونُ عِيدٌ وَلَنْ يَدَعَ لَحْظَةَ تَفُوتِهِ .

وَ عِنْدَمَا أَرَدْتُ أَنَا أَيْضًاً أَنْ أَذْهَبَ إِلَى النَّوْمِ :- سَمِعْتُ جَارَتِي تَتَكَلَّمُ مَعَ أُخْتِهَا عَلَى الْهَاتِفِ وَ تَقُولُ لَهَا :- شَاهَدْتُ بَرْنَامَجَ عَنْ مَأْوَى الْمُسِنِّينَ كَيْفَ أَنَّ أَوْلَادَهُمْ وَضَعُوهُمْ هُنَاكَ دُونَ أَنْ يَرِفَّ لَهُمْ جَفْنٌ ، أَوْ تَنْزِلَ دَمْعَةٌ حَتَّى ، ثُمَّ أَرْدَفْتُ قَائِلَةً : أَعْلَمُ أَنَّ أَوْلَادِي سَيَكُونُونَ السَّنَدَ وَ الْعَوْنَ لِي بِإِذْنِ اللَّهِ ،وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ يَطْمَئِنَّ قَلْبِي ، وَ بَيْنَمَا هِيَ يَرْتَابُهَا مَشَاعِرُ الْخَوْفِ وَ الْحُزْنِ ، وَإِذْ طِفْلَهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَقُولُ :- أُمِّي مَا بَالُ صَوْتِكَ ؟ أَشْعُرُ أَنَّ فِي صَوْتِكَ حُزْنٌ .
فَقَامَتْ أُمُّهُ بِسَرْدِ الْقِصَّةِ الَّتِي شَاهَدَتْهَا ، وَإِذْ الطِّفْلُ يَمْسَحُ دُمُوعَ أُمِّهِ وَيَقُولُ :- الْأُمُّ وَ الْوَطَنُ لَا يُمْكِنُ الْمِزَاحُ فِيهِمَا، إِنَّهُمَا مُقَدَّسَانِ .

لِيُطْمَئِنَّ قَلْبَكَ يَا أُمِّي . لَنْ أَطْمَئِنَّ قَطُّ إِلَّا وَ أَنَا فِي حِجْرِكَ .
ذَكَرَنِي ذَلِكَ الطِّفْلُ بِمَقُولَةِ بَابْلُو بِيكَاسْو: كُلُّ طِفْلٍ فَنَّانٍ ، الْمُشْكِلَةُ هِيَ كَيْفَ يَظَلُّ فَنَّانًاً عِنْدَمَا يَكْبُرُ.

وَ بَعْدَمَا سَمِعْتْ مَا دَارَ بَيْنَ الْأُمِّ وَ الطِّفْلِ ، اطْمَئِنْ قَلْبِي ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنَامَ لِلْمَرَّةِ الْعَاشِرَةِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَإِذْ أَرَى خُيُوطَ الشَّمْسِ الذَّهَبِيَّةَ قَدْ انْتَشَرَتْ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ غُرْفَتِي وَ الْمِنْطَقَةِ الَّتِي أَقْطُنَ بِهَا وَ حَتَّى الْبَلْدَةُ كَامِلَةً ، فَتَجَهَّزَتْ وَ ذَهَبَتُ إِلَى مَكَانٍ عَمَلِي ، وَجَلَسْتُ عَلَى مَكْتَبِي وَكُنْتُ أَنْتَظِرُ صَدِيقِي بِفَارِغِ الصَّبْرِ ، وَقُلْتُ لَهُ :- أَنَا لَمْ أَنَمْ مُنْذُ أَمْسِ ، هَلْ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ تُنْجِزَ عَمَلِي عَنِّي ؟ أُرِيدُ بَعْضَ الرَّاحَةِ ، أُرِيدُ أَنْ أُطْفِئَ النُّورَ وَأَنَامَ ، لِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ ، دُونَ أَنْ يُزْعِجَنِي أَحَدٌ.

فَقَالَ :- عَلَى رَأْيِ الْمَثَلِ ” حَطَّ إِيدَكَ بِمَيِّهِ بَارِدَهْ “. وَهُنَا وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى مَكْتَبِي وَ نِمْتُ ، لَا أُخْفِيكُمْ كَانَتْ مِثْلَ نَوْمِ الْهُنَا أَوْ نَوْمِ السَّعْدِ أَوْ كَمَا قَالُوهَا فِي التُّرَاثِ الْفَلَاحِيِّ “نَوْمُ الْعَوَافِي” ، لَا أَعْلَمُ لِمَاذَا ، لَكِنْ رُبَّمَا أَنَّنِي كُنْتُ مُتَأَكِّدٌ أَنَّ صَدِيقِي سَيَتَكَفَّلُ بِالْأَمْرِ كُلِّهِ ، أَوْ بِالْأَحْرَى قَلْبِي كَأَنْ مُطْمَئِنًا .

الرَّاحَةُ الَّتِي تَجْلِبُ السَّعَادَةَ هِيَ رَاحَةَ الْقَلْبِ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى