لنُعدل جميعا نظرتنا الاجتماعية للمشتبه بهم والمصابين بالكورونا

لنُعدل جميعا نظرتنا الاجتماعية للمشتبه بهم والمصابون بالكورونا..
ا.د حسين محادين

خاص بسواليف

(1)
من خلال الملاحظات العلمية اليومية لي، ولأصحاب الاختصاص الصحي والاعلامي، لواقع ونتائج ارتفاع أعداد المصابين بمرض الكورنا اردنياً.
وأود التأكيد هنا على وجوب وقوفنا مختصين وصناع قرار بالرصد والتحليل العلمي لعدد من التساؤلات الضمنية المصاحبة لهذا التحدي الخطير علينا مصابين واصحاء، ومنها ما يلي من ملاحظات ميدانية تستوجب التعامل الإجرائي والتوعوي معها لأهميتها في دعم مجهودات الدولة في مكافحة هذه الجائرة ومنها ما هو آتِ:-
1- رغم كُثرة مناشدات الحكومة والمواطنين معا، للافراد المخالطين لمن ثبتت اصابتهم بالكورونا بضرورة مراجعة المراكز الصحية للاعلام عن مخالطتهم غير المعلومة لدى الحكومة للان، وبالتالي العمل على ضرورة اجرائهم الفحص الوقائي حماية لهم وللاخرين معا؛ ومع هذا لم يُسجل أو يُعلن رسميا عن وجود استجابات طوعية من هؤلاء “الغامضين” لدينا للآن للاسف؛ الأمر الذي كلفنا حكومة ومواطنين، أعباء استقصائية واوقات إضافية لاكتشافهم ، وبقاء قسم منهم غير محدد للان للجهات الرسمية عمليا بكل ما يمُثل هذا الواقع من خطورة زائدة ومستمرة علينا جميعا، ولحين اكتشافه ولو بعد حين وهذه كلف نفس اجتماعية وأمنية صحية باهظة الثمن وبالغة الخطورة.
(2)
أ- لعل في تباعد اكتشاف وإعلان إعداد الإصابات الناجمة عن المخالطة لمدعوّي عرس اربد، أو الممرضة العائدة من غزة، أو المخالطة الكبيرة مع السيدة الأجنبية، وكذا الحال مع الذين قدِموا من خارج الأردن .إنما تُشير الأمثلة المذكورة إلى ضرورة معرفة العوامل التي تدفع عدد من الاردنيين رجالا ونساء الى عدم التطوع والتقدم للإبلاغ، أو الشروع في فحص أنفسهم، رغم معرفتهم الواقعية بخطورة احتمال أو واقع اصابة اي منهم بهذا الفايروس الغامض الحركة والتأثير السلبي على غيرهم وعلى حياتنا في هذا المجتمع الطيب كجزء من الإنسانية الاشمل.

ب – ولعل في احجام السيدة في منطقة ما في البادية الأردنية عن تسليم نفسها، لا بل مقاومتها الشديدة للاجهزة الامنية المختصة التي تحاول مساعدتها ،رغم اشتباهها بأنها مصابة بالفيروس، وصراخها الحاد والمقتول للامن العام ايضا ، وذلك ما تضمنه فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تخاطب إحدى أفراد الشرطة النسائية”اليّ سبقوني بالامس شو صار فيهم…؟” وكأنها تقول ما نظرة الناس إليهم، خصوصا وأن النظرة الاجتماعية لهذا المرض والمصابين به هي نظرة سلبية جدا بالمجمل ومعبر عنها بانفعال واتهامات دامية عبر ما ينُشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والفيديوهات المتقافزة على ابصارنا لحظة بلحظة، ما يجعل خشية المشتبه بأنفسهم مصابين، أو حتى الذين شُخصت طبيا أصابتهم في وضع ومكانة اجتماعية متدنية، وهو ما يُعرف ب”الوصمة الاجتماعية للمريض” والكورونا تحديدا هذه الايام، لهول خطورته على حياتنا كبشر.
(3 )
ما المطلوب منا أفرادا وأسرا ومؤسسات تربوية، ودينية، وإعلامية بالتتابع، بناء على ما سبق ذكره من تشخيص علمي:-
أ- أن نبدأ جميعا بحملات توعية وتفهم لمرض عدد من أبنائنا دون اختيار منهم في للواقع، ونحن ابناء لثقافة التكافل والتسامح معهم، وإيصال الرسائل الجمعية المطمئنة لهم، بأن ليس للمرضى ذنب شخصي ربما في اصابتهم بهذا المرض المعدي، وان لا تشفّي في اي مرض كمنطلق ديني وإنساني معا.
ب- إعطاء واشهار حوافز تعزيزية من قبل الحكومة”مثل تطوع المدمنين للمخدرات للمعالجة دون تحملهم اية مسؤولية أو كلف علاج” والحالة التي امامنا هي تعزيز وتطمين كل من يتطوع تلقائيا للفحص الطبي،للكشف عن فايروس الكورونا الكامن، والمتحرك بحرية موقوته، نتيجة غموضه، خصوصا المُشتبِهون باصابتهم في أعراض هذا المرض، واهمية بث هذا الرسالة التطمنية بصورة مكررة، وواسعة عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، للتخفيف من غلواء النظرة الاجتماعية والثقافية القامعة لأبناء مجتمعنا المصابين وذويهم ايضا، وأهمية تعديل هذا الحكم الجائر على اي من المصابين واهاليهم في ذات الوقت، خصوصا واننا في مجتمع ذا قيم عشائرية متحولة نحو قيم الريف غالبا،بالتالي فأن هذه المعطيات الاجتماعية الجمعية، والانفعالية والمناطقية، تؤثر حكما كجذور فاعلة في تاثير ثقافة الاردنيين ، نحو تكوين اتجاهات الناس السلبية نحو هؤلاء المصابين، ترابطا مع التحديات الصحية العامة التي يواجهها مجتمعنا راهنا، ونحن ابناء مجتمع عشائري صغير نسبيا كل منا للآخر أفرادا، عشائر، ومناطق جغرافية معزولة بكل محبتي وتقديري لأهلنا فيها.

اخيرا؛ معا لتعديل نظرتنا الاجتماعية والثقافية التقليدية نحو المرضى بالكورونا والمناطق العزيزة من اردنا الحبيب التي أصيبت بالإكراه والواقع كفكر بهذا المرض العابر للجنسيات، والجغرافيا ،والاديان واللغات ،ويستهدف كل البشرية على وجه هذه البسيطة المفتوحة الحدود والفضاء على حد سواء.
حمى الله اردننا الاغر وأهلنا الطيبين فيه، والتقدير العميم لكل اجهزتنا المدنية والعسكرية الطبية والامنية على ما يبذلونه من مجهودات وقائية وعلاجية خارقة مقارنة بامكانات وتجارب الدول الكبرى في تعاملها مع هذه العدوى المرضية، والاجتماعية الثقافية التي هي بحاجة مُلحة وسريعة إلى تعديل نظرتنا جميعا وكيفية تعاملنا حكومة ومواطنيين مع المشتبه باصابتهم ، أو المصابون فعلا ،بغض النظر عن مكان تواجدهم أو سكناهم الجغرافي، فكلنا أبناء هذا الأردن التعددية والجامع لنا بالمعنى الدستوري والوطني في آن.
اللهم انيّ قد اجتهدت ، فهل نحن مستجبيون..والله الموفق للجميع.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
* عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى