لماذا لا نلتقي..

لماذا لا نلتقي..

محمد خالد بديوي

إلى #روح سبقتنا شوقا إلى #التراب..إلى حبيب سيشتاق للمطر بعد ان شعر بدفء دمعنا المنساب
إلى أخي وصديقي الدكتور #جميل_الزعبي رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه.

لماذا لا نلتقي..
السؤال للجميع ..لمن كان حاضرا ولمن غاب..
بالأمس..وتحديدا عند الغروب مات صديقي خلال عمله وهو بالمناسبة(طبيب حكيم) مات هكذا بسبب أننا خلقنا لنموت.. أو لأننا خلقنا لا بد ان نموت. نعلم جيدا بأن لا أجراس إنذارات تقرع، ولا أبواق يزمجر صوتها كالرعد بعدالبرق. نموت ونحن نعلم بأننا سنكون وحدنا حينها حتى لو كنت في مدرجات كرة القدم المكتظة بالجماهير..
وبسبب ألم لا يمكن للغة وصفه، وجدت نفسي أمد يدي إلى الموبايل ثم إلى سيد الأمكنة كلها (مواقع التواصل) ومن خلال مراجعة حواراتنا الخاصة، كان أكثر ما كنا نختلف بسببه هو #متى_نلتقي؟! كان الوقت غير مناسب..الظروف صعبة..الأيام التي نعجز عن ترتيبها..وأحيانا الضجر وعدم قدرتنا على تبديل مقاعدنا..رغم أننا لم نقل هذا..لكن..ماذا يعني ان تأتي لزيارتي أو آتيك وكلانا يعلم ان مقاعد بيوتنا لم تتبدل..ربما حجم الوجع هو وحده الذي كان يتضخم ويتمزق وجهه، ثم نضع له رقعة من لون مختلف ليبدو كالكنبات والمقاعد التي نشاهدها في عروض تافهة..حتى هذه كانت تزيدنا كآبة! ببساطة توقف قلبه الكبير فجأة وهكذا فإن ما اتفقنا عليه منذ أيام قليلة؛ ابتلعته الأيام وكأنه لم يكن..وجوده على الخاص أو على العام لن يكون له أي معنى..حتى لو جمعت كلماته من نجوم السماء فلن يضئ..سيبقى بلا لون إلى يوم يبعثون..وستبقى الأسئلة تحوم في رؤوسنا وطنينها الذي لا يتوقف عند إجابة ممكنة..ستبقى الأسئلة التي ستتحول إلى مواعظ تذكرنا بقلة الحظ..ونصيب ثقيل يبدأ وزنه بالنزول شيئا فشيئا حتى يصير تمثالا منصوبا على (طربيزة) مهددة بحطام قريب.! وسيبقى السؤال الذي كنا نطرب حين نطرحه..ها..متى سنلتقي.؟! سنلتقي…قريبا..نعم قريبا.. لكن ذلك لا يحدث، ونحن ولأننا تعلقنا بالفيس بوك وما يشابهه لم نعد نشعر بأن ما اتفقنا عليه صار من الماضي..فنحن في تواصل مستمر وكل شئ غير مناسب لنلتقي دون أجهزة ذكية.

مقالات ذات صلة

لكن أكثر الأسئلة إثارة للضجرالشعور بالضيق.. بعد كل هذا.. حين نسمع خطانا ونحن ننظر في وجهينا..ثمة أشياء لن يذكرها بعدنا إلا من يحفظنا بشكل عميق ودقيق سيذبحنا البحث عن الاوكسجين في صورنا القديمة..سنشعر بالاختناق من ضحكاتنا التي ستبدو باكية مكتئبة تذرف دموعها من قلب تعطل وأخر لم يعد يعمل.! لن يبقى غير الحزن..وماذا يترك الإنسان خلفه وهو الذي كان يركض مسرعا كلما رأى في الأفق دروب الرحيل.!!
بالأمس..وتحديدا عند الغروب مات صديقي خلال عمله ومن غير المناسب بالمناسبة ان لا أذهب للتأكد من موته! الان صار الوقت مناسبا..وكل الظروف متاحة؟! ما هذا الاهتمام الذي ولد دون والد ووالدة..وعن ماذا ستلهي مولودا جاء قبل وقته..أو..بعده..وسنفتر بعد حين..من مات لن يتذكر..ومن بقي سينسى، أو سيتناسى ليبدو كأي مؤمن قوي لا مجرى لدموعه..ولا مجال لترك دنيا خلق من أجل اعمارها.!
وأكثر الظن أنه سيموت في يوم خطر بباله كل شئ إلا الموت البغيض.
مات هكذا بسبب أننا خلقنا لنموت. حواراتنا المرسومة بشكل أنيق ليس فيها سوى خلافاتنا.. كان هناك ما نختلف عليه..متى نلتقي؟! لن نختلف..بعد اليوم ..نحتاج إلى لقاء لنختلف فيه! لن نلتقي بعد غروب الأمس يا صديقي الحكيم. ؟!

بالمناسبة…
نسيت أمرا ضروريا، لا تنسى بأنك من مواليد أيلول..شهر الولادة والموت..وكأنك ستفهم أخيرا لماذا لا أحب أيلول ولماذا لم أتمكن من ان اكرهه، ففيه ولدنا ومنه رحلت إلى حيث يرحل المسافر بتذكرة واحدة.! هل ستتذكر ما وقف عنده صديقنا الذي سبقك..حين قلتُ: ما أسوأ صداع الذكريات الآتية من وجوه سكنت القلب والذاكرة، ما أسوأ الذكريات في غرفة باردة..وما أسوأ الأصدقاء حين يسافرون بتذكرة واحدة.!!
مرة أخرى..وداعا يا صديقي الحكيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى