كبش التضحية..

كبش التضحية..
د.فلاح العريني


معالي وزير المالية المحترم..
المستدعي: د.فلاح العريني، ورقمه الوطني اطول من طابور الدور على ديوان الخدمة المدنية، واكبر من صبر سيدنا ايوب على بلواه، وارفع صوتا من غارمة تصرخ في بنك المرأة في الطفيلة لتجيبها غارمة اخرى تندب حظها في الاقراض الزراعي في عجلون..
الموضوع: التضحيات..
تحية تقدير وحب واحترام وبعد..
لقد جاء في تصريح لمعاليكم انكم تطالبون الشعب بالتضحيات، وكم كنت سعيدا جدا والله عندما سمعت هذا الطلب وهذا النداء من مسؤول أردني يضع الشعب امام مسؤولياته تجاه الوطن الذي مابخلنا عليه يوما لا بالنفس ولا بالمال، فما انت سمعت بالتضحيات التي تطلبونها حتى اقشعر بدني شوقا وسقطت دمعة عيني حماسا وعشقا..
كيف لا والوطن يناشدنا التضحية والفداء..
كيف لا والتضحيات تعني الجهاد والذود عن حمى الوطن..
فمن منا يؤمن بالله واليوم الاخر ولا يلبي النداء؟
فمن منا اردنيا حرا اصيلا يتقاعس عن تلبية النداء؟
كلا والله..
لسنا من يتجاهل النداء ويتقاعس عن الدفاع عن ثرى الاردن الطهور، اردن الحشد والرباط، اردن الاباء والاجداد..
معالي الوزير الاكرم..
التاريخ يشهد، ورصاص البنادق يقسم، بأننا ماتقاعسنا يوما عن حب الوطن والزئير في وجه كل من يحاول العبث بامنه وامانه..
التاريخ يشهد اننا ابطال الميدان، وثرى فلسطين الطهور يشهد، ومعركة باب الواد مازالت تتغنى بالشماغ الاردني الممزوج بالدم الطهور الذي اختلط بمسك حيفا وبخور يافا..
معالي الوزير..
ابشر يارعاك الله، نحن لها شبابا وشيبة، رجالا ونساء، صغارا وكبارا..
هذه هي التضحيات وتلك الصرخات التي رددناها في كل مواجهة مع اعداء الوطن ونحن نقول: طاب الموت ياعرب..
بالدم بالروح نفديك ياوطن..
فمن قدم نفسه وروحه وفلذة كبده فداء للوطن وتلبية لنداء الواجب لايمكن ان يتقاعس او يخون..
حاشا لله ان نغفل يوما او نساوم على عشق التضحيات..
واذكر دوما حال الشعب الاردني وهو النصير والرديف لاخوانه العرب في حروبهم كما في العراق وفلسطين، وفي جوعهم كما في السودان والصومال..
هذا هو حالنا كشعب طيب طهور بإذن الله..
معالي الوزير..
للمرة الثانية اقولها: ابشر..
بالمال والرجال نفدي الاردن ونرعاه من كل حاقد او فاسد او عابث..
معالي الوزير..
سامحيني، عندما قرأت تصريحك كنت على عجل من امري، وتوقَّفَت انفاسي منذ ان قرات عبارة التضحية ولم تسعفني دموعي ان اكمل باقي العبارات، فقد اكتفيت بالقراءة حتى وصلت للكلمة التي افتقدناها منذ امد بعيد، تلك الكلمة التي تذكرني بمعركة الكرامة وتعريب الجيش واستقلال الوطن..
يا لغبائي وعاطفتي الحمقاء..
يا لطيبتي ونقاء سريرتي، وحسن ظني..
لم اتابع التصريح، فكنت اتلذذ بالتضحيات، ويالحال العاشق الولهان، كل دقيقة يعود ليقرأ، حتى دفعني الفضول لاكمال العبارة فإذا بها قاتلة يامعالي الوزير، فتضحياتنا لاتستقيم مع التضحيات التي قصدتها في تصريحك..
نحن نتحدث عن تضحيات الشرف وموت الابطال وصولاتهم وجولات الاحرار في مرابع القتال، وانت تتحدث عن تضحيات يستحيل معها الحياة..
معالي الوزير..
طلبكم غير متوفر لدينا، انتم تتحدثون عن التضحية بلغة المال، وهذا الذي لانملكه بسبب الفساد وانعدام العدالة..
نعم لانملك المال لان الفاسدين استحوذوا على كل شيء ونهبوا كل شيء وسرقوا كل شيء، فلم اسمع يوما ان الرسول فرض ضريبة لبيت مال المسلمين على الفقراء..
كل ماسمعته ان عثمان بن عفان كصحابي ثري وبمال الحلال قد جهز الجيش الغازي في معركة تبوك..
فمعركة الخزينة والتعيينات المقيتة والرواتب الفلكية والناس تتذور جوعا، لاتحتاج الى تضحيات من شعب اعزل لايملك الا الاكسجين في الشهيق وثاني اكسيد الكربون في الزفير..
معالي الوزير..
انا مستعد ان اضحي بإثني عشر طفلا، فلذات كبدي وهذا كل ما املك بشروط، ان تجاوبت معها فاقول لك ابشر للمرة الثالثة..
الشرط الاول: ان تكون انت وزملاؤك الوزراء ورفاقكم من النواب اول من يلبي نداء التضحية بالمال، اما التضحية بالنفس والروح فنحن والله لها..
الشرط الثاني: تحصيل الضرائب المفروضة على النواب والمقدرة بالملايين وعوائد الكهرباء والماء المتراكمة على سكان القصور الفارهة في عبدون ودير غبار ودابوق واصحاب آبار الماء في صحاري الوطن.
الشرط الثالث: اعادة الرواتب الفلكية الى الحد الذي يقبله الله ويرضاه رسوله ويقتنع به الشعب الكادح..
الشرط الرابع: ان يتبرع ابن رئيس الوزراء ومسؤول الطاقة الذرية في الاردن وغيرهم برواتبهم، حينها اعدك وعد الرجال الشرفاء ان اعلن عن بيع كليتي الشمال وقرنية عيني اليمين لدعم خزينة الوطن.
ماردك الان يامعالي الوزير..؟؟
نحن شعب مكلوم ومحروم ومجروح ومنكوب..
نحن شعب مبيوع في السوق السوداء لصالح البنوك الربوية، لانملك الا التوقيع على الشيكات والكمبيالات لنقاد كالانعام الى مسلخ الموت، حيث الحبس والحجز على الاموال..
نحن يا وطني مثلك تماما، شعب يصرخ وحكومة تردح وواقع بشرارة الموت يقدح..
معالي الوزير..
اتركونا وشأننا..
كفانا عبودية، كفانا ذلا، ارحموا عزيز قوم ذل..
شعبنا شعب يصارع الذل لاجل الحياة..
ماذا تريدون اكثر من ذلك؟
لن نقول لكم خذوا المناصب والمكاسب واتركوا لنا الوطن، لن نقولها والله، ولن نيأس ولن نخضع، فنحن حماة الديار، ونحن ابناء الوطن..
سنقول لكل فاسد في هذا الوطن..
خذوا الارض مكبلين ومكفيين على وجوهكم واتركوا لنا الوطن بخيره وعطائه الذي طالما انتظرناه.
معالي الوزير..
كل من استعان على حروفي بقانون الجرائم الالكتروني ساستعين على اجرامه بالله وكفى.

التضحيةلاتعنيالموت

د.فلاح العريني.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى