كانت أيام وعدت

كانت أيام وعدت
سالم فلاح المحادين

صدفةٌ عابرةٌ استمعتُ من خلالها لمحمد عبده يُغني ( يا غايبٍ عن مدى شوفي ومتمكنٍ في وسط جوفي ) فعدتُ بكلِ بساطةٍ ثمانيةَ عشرَ عامًا إلى الخلف ، لا أعلمُ ما الرابط ولكنها أحيانًا نغمةٌ ما أو طربٌ ما قد ينقلانكَ إلى زمنٍ جميل وتفاصيلٍ كانت سلسةً ورقيقةً إلى حدِّ سُمُوِّها عن ما في وقتنا الحالي من ( حمو بيكا ) إلى ( تجيني تلاقيني لسا بخيري ) وما إلى ذلك من سذاجاتٍ وتفاهاتٍ باتت لا تليقُ بشيبٍ غزير !
قادتني هذه الصدفةِ أيضًا لاستحضارِ صديق الجامعةِ من ألفها إلى يائها ( سمير المجالي ) الذي كان مُغرَمًا جدًا بعمرو ذياب وأغانيه ووجدتني أدندنُ أغنيتهُ التي كانت تِصنَّف حينها بالقديمة ( ما بلاش نتكلم في الماضي الماضي دا كان كله جراح ) ثم تراءت في مخيلتي أغنيتهِ الجميلة ( تئدر تتكلم على روحك يا حبيبي خلاص ما بئينا تنين ) وغيرها من الأغاني التي أدخلني في عالمها ( سمير ) بحُكم الرفقة الدائمة فهل تذكر يا صديقي الأجمل ؟
أنتَ في الأربعين تبدأ المرحلة الملوكية التي تنأى بها وفيها عن التأثيراتِ الجانبيةِ لتوافهِ الأمور ولكنكَ في الوقت نفسه تغدو أكثر حساسيةً وتمييزًا لفروقِ الوقت وما يبدو للآخرينَ موضة العصر وتراهُ أنتَ ( عُهرًا متسارعًا ) في زمنٍ باتت فيه التكنولوجيا هي من يتولى نيابةً عن الأهل القيام بمهام تنشئة وتربية أطفالهم ، هذا ما أحدثكم به وطفلتي ( جوري ) التي بلغت العام فقط قبل أيام أصبحت تمسكُ جهازي مُمررةً أصبعها الرقيق عليه لتستجيب حاسة ( اللمس ) وتنقلها من صفحةٍ لأخرى !
هذا ما فعلهُ بي فنانُ العرب ذات صدفة لم أقصدها وأعادني أيضًا لمقولة محمود درويش التي أرددها دومًا ( فإن أعادوا لنا الأماكن من يعيدُ لنا الرفاق ) نحن فعلًا قد هرمنا !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى