“شكرا بحجم الورد” / د. فدوى علاونة

“شكرا بحجم الورد”

يوما ما قرأت عبارة عميقة تقول « انك لا تستطيع الشعور بصعوبة الطريق التي يمشي فيها غيرك دون ان تضع قدميك في حذائه » ، نعم سمعتها ترن في اذني و انا ادخل صرحاً طبياً صامدا منذ عشرات السنين ، ترافقني فيه طفلتي المندهشة من اعداد المراجعين، يكتظون رجالا و نساء ، يسألون نصحًا و عناية ً و دواءً .

و على الجوانب تتوزع صفوف المقاعد التي اضناها الجلوس،و هشمها التخريب و احزنها طول المكوث و الانتظار .

و في نهاية الطرقة غرفة صغيرة، بمكتبين لا يتسع احدهما لاكثر من جهاز حاسوب يزاحم يدي الطبيب و قلمه و اوراقه ، و على مسافة لا تزيد مترا واحدا من المكتبين ، تمثُلُ المقاعد المُعَدّة لاستقبال المراجع الذي لم يحضر ترفًا و لا نزهة ، بل مستشفيًا منتفعًا بخدمة من خدمات الوطن، تهديه كادرا من الاطباء الذين يجوبون انحاء الوطن في كل سنة مرة او مرتين متكيفين مع فروقات توفر الخدمات من اجهزة و فحوصات و علاجات ، ولا يثنيهم عن اداء الواجب و انصاف ذلك الكم الهائل من المترددين على ابواب عياداتهم من مريض او مرافق او تائه بين جنبات المستشفى و مرافقه .

مقالات ذات صلة

اي كمٍّ من الصبر و الذوق يحمله اولئك العاملون في ذلك القطاع و هم يتحلّون بالابتسامة و لطف الحديث و الاجابة الوافية عن الاسئلة التي تنهمر عليهم كالمطر من داخل الغرفة و خارجها ، اي مدى من “طولة البال” التي تحملهم على تلقي الاستفسارات و الاستشارات و هي تقطعهم عن النظر الى المريض او « النقش» في اسنانه او التمحيص في صورة لعظامه برؤوسها و مفاصلها و تداخلاتها .

حوّلت نظري عن كل تلك « العجقة» فاسرع الى حدود مملكتي و استقر بي خلف طاولتي العريضة و اهداني فنجانا من القهوة ، احتسيه على انغام موسيقى فيروزية الايقاع، ليس فيها «طقطقة» على الابواب و لا يقطعها ايٌّ دون استئذان من يجيد الاستقبال، فخجلت ابتسامتي من ابتساماتهم و انحنى اخلاصي امام اخلاصهم وودت لو يحمل كل من يتردد على صروحهم-الى جانب اضبارته- وردة من شكر و تقدير لكدهم و صبرهم وتفانيهم .
شكرا بحجم الورد اقولها لهم، شكرا لعلمهم و طبهم و اخلاقهم .
د.فدوى احمد علاونة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى