عن انتخابات نقابة الصيادلة / د . فراس علعالي

عن انتخابات نقابة الصيادلة: الهيئة العامة، والمجلس، والنقيب الذي نريد !!
لا احد يستطيع إنكار ما للنقابة، ممثلة بنقيبها وأعضاء مجلسها ولجانها العاملة في المركز واللجان الفرعية في المحافظات، من دور هام في حاضر المهنة ومستقبلها، ورعاية حقوق منتسبي النقابة، والمحافظة على مكتسباتها،وأصولها، واستثمارها بالوجه الأمثل.
ولا يخفى عليكم التحديات الكبيرة التي تعصف بالمهنة، وتقديري أننا أمام فرصة تاريخية سانحة لتصحيح المسار،وإعادة توجيه البوصلة نحو غد أفضل،أو الاستمرار في التدهورالحاصل باتجاه قاع سحيق. تحدياتنا جمة في كافة القطاعات، أكانت في مجال العمل في المستشفيات الحكومية والخاصة؛ وما تعانيه من تدني الرواتب بالقياسمع التضخم الحاصل، وغلاء المعيشة من جهة، ومن ضعف الممارسة الصيدلية عامة والسريرية خاصة، من جهة أخرى، مما يضعف دورنا ولا يظهر إمكانياتنا وقدراتنا، ويحد بالتالي من توظيف مئات الخريجين من حملة درجة دكتور صيدلة.

وأضف إلى ذلك تغول أطباء المستشفيات في القرارات المصيرية، وتفردهم في ترأس معظم اللجان الهامة، وتحييد الصيدلي وتحجيم دوره. أما في قطاع المستودعات، وهو قطاع حيوي وهام للصيادلة، فلا بد من وقفة تقيمية ومساندة القطاع في تحدياته، بالمقابل فقد فاق عدد المستودعات الخيال وتم إغراق السوق بكم هائل من الأدوية والمنتجات المساندة، فلم يعد يعرف الصيدلي الغث من السمين منها، علاوة على غياب الرقابة الفاعلة على نشاطات وممارسات المستودعات وعلاقتها بالأطباء والبيع المباشر وتعيين غير الصيادلة.

أما في مجال الصناعة الدوائية، فأهم تحديات هذا القطاع تتمحور في فتح أسواق جديدة والمحافظة على الميزة التنافسية وثبات التشريعات.
وفي المقابل ما دورالصناعة الدوائية ومسؤوليتها المجتمعية والمهنية أمام زملاءها الصيادلة منتسبي النقابة مند عمل صندوق التقاعد ودعم قضاياه المصيرية!.
أما التحديات المتعلقة بالمؤسسة العامة للغذاء والدواء، والتي لا يتبوأ الصيدلي فيها المكانة التي يستحق، فتكمن في تطبيقها لقانون الدواء والصيدلة وفي مناكفة النقابة في قضايا التشريع والتسعير والتسجيل.
أما التحدي الأكبر فهو في قطاع صيدليات المجتمع، واجهة المهنة، وقلبها النابض، فلا يخفى على أحد التدهور الحاصل في ممارسة المهنة،وعدم مواكبة المستجدات والتطورات،والتوسع في الأدوار،وغياب التعليم المستمر المبرمج،والبعد شيئاً فشيئاً عن أخلاقياتنا المهنية والإنسانية، والتحول للأسف إلى تجار تحت وطأة صعوبة العيش ومتطلبات الحياة أحياناً، والطمع والجشع أحياناً أخرى، في ظل تسارع انحسار منظومة القيم، والوازع الديني، والتنافس غير الشريف، واستشراء ظاهرة الخصم، بحيث أصبحت كرامة الصيدلي على المحك. هذا بالإضافة إلى ضعف رواتب الصيادلة العاملين بالمجمل، وبالأخص الجدد، أكان في الصيدليات الفردية،أوالسلاسل؛ ف 500 دينار اليوم لا تؤمن عيشاً كريماً يوفر متطلبات الحياة من معيشة وصحة وتعليم، ولا تعكس مهنتنا ودراستنا ومستوانا ومهاراتنا. بالإضافة إلى ضياع حقوق العديد من العاملينمن ضمان اجتماعي واجازات وعدم الالتزام بقانون العمل نظراً لجهلهم بحقوقهم،اواستغلالهم،وايضاً تزايد أعداد الصيدليات، وتزايد أعداد الخريجين والكليات، والتطفل المقيت من دخلاء المهنة غير الصيادلة، والتوسع المطرد في صيدليات السلاسل دون ضوابط او دراسة أثر ذلك على الامن الاجتماعي للصيدليات الفردية، وتغول شركات التأمين، وتنظيم العلاقة مع شركاتالأدويةوالمستودعات، وهجر الصيادلة لصيدلياتهم، والتخلي عن دورهم، والتعسف من قبل المؤسسة العامة للغذاء والدواء،وعدم المحافظة على كرامة الصيدلي،

فالأصل عند حدوث مخالفة تركها للقضاء،وعلاقة الصيدلي بالأطباء، وعدم وجود اتفاق مبادئ لأخلاقيات العمل، جميع ما ذكر يترك الصيدلي وللأسف الحلقة الأضعف،والجهة الأكثر تضرراً،ويترك وحيداً يصارع الجميع على حساب رزقه وقوت عياله ومستقبله ومستقبل مهنتنا، بغياب واضح لنقابة تدعمه وتؤازره وتدافع عنه وتحميه. هذه ليست كل التحديات التي تواجه المهنة ولا كل القطاعات.

مقالات ذات صلة

فالصورة واضحة للجميع والحال جلي من تمزق للنسيج الصيدلاني، وتشويه لصورة الصيدلي والمهنة أمام المجتمع وأمام أنفسنا، فلا مجلس قوي يسندنا، ولا مسؤول ينصفنا، ولا إعلام يقدرنا، ولا زميل يساعدنا؛وأصبحناللأسف كالأيتام على موائد اللئام. أمام هذا كله، وهو غيض من فيض، لا يصلح مع تغيير هذا الواقع حلول الماضي، وأشخاص الماضي، ووصفات الماضي،وأسلوب الماضي، ولا أريد أن أقول استراتيجية الماضي، حيث لم يكن هناك واحدة، والمجرب لا يجرب، ونرى الآن حرب ضروس عنوانها الأشخاص والاتجاهات والتيارات والمصالح، بينما جسد المهنة وروحها غائبة حائرة، كل يدعي وصلاً بليلى، وليلى لا تقر لهم بذلك. ما المطلوب؟ المطلوب هبة من الجميع، وخاصة الشباب متقد الحماس والطامح بالتغيير،والذي فقد إيمانه قبل أن يبدأ واستسلم قبل أن يحاول. المطلوب مجلس قوي على قدر التحدي،يكسب ثقة الجميع من أعطى ومن حجب، نلتف حوله وندعم قراراته ونسير في فلكه،مدركاً لحجم المعيقاتوعرض الآمال، يتفهم أيضاً بُعد الصيادلة عن نقابتهم وشعورهم بالخذلان،يستشعر عظم المسؤولية والأمانة واللحظة التاريخية،أمين على مصالحنا ومستقبل مهنتنا، لا يداهن أو يراوغ أو يستغل أو يتكسب أو يخون، همه المهنة، يصبح ويمسي عليها، تسير في عروقه نبضها،معشوقته وهواه ونفسه ومجرى روحه، يتألم لحالها ويعمل لرفعتها، لا يساوم على حقوقنا،لا يقبل بالتسويات الجائرة،لا يهادن ولا يضعف أمام الضغوطات والتهويشات، لا يخاف التهديد والوعيد، ولا يقبل بالفشل. ستقولون من أين نأتي بهؤلاء؟ إن وجدناهم خير وبركة، وإن لم نجد فنقارب ما استطعنا، وهناك مبادئ في العمل، وإطار جديد لا بد من إتباعه إذا أردنا أن نحقق ما عجزنا عنه سابقاً ونحدث التغير المطلوب.

لست متفائلاً كي أكون صادقاً وواقعياً،فليس هناك أي بوادر في المنظور والأفق القريب لإحداث قفزة نوعية في فضاء المهنة، ولكن على الأقل هي محاولة، وخارطة طريق أحببت مشاركتكم إياها، تحقق الهدف إن عزمنا وخرجنا من مظلة المشاهد،إلى العنصر الفاعل المؤثر:

1- لا بد من الإيمان أن النقابة هي مظلة المهنة، وممثلها الوحيد،أحببنا أم كرهنا، وهي الوسيلة لإحداث التغيير وإنقاذ المهنة وإنصاف العاملين، بأدواتها القانونية، وأوراقها الضاغطة المختلفة.

2- أرى ان يبتعد النقيب والمجلس عن تبني المواقف السياسية لكل حدث والتي طالماً سببت شرخاً مع الهيئة العامة وبين الاعضاء وأثرت في توحيد المواقف وفي العمل المهني المشترك وترك حرية التعبير عن المواقف السياسية لكل تيار او تجمع حسب معتقداته واتجاهاته. النقيب في الاخر شخص له معتقداته الشخصية وأراؤه والتي لا يجب ان تشكل الفكر الجمعي للصيادلة. هذا لا يعني عدم الانخراط في خدمة المجتمع والوطن ودعم مسيرة التنمية.
3- لا بد من أن يشارك أكبر عدد في العملية الانتخابية كهيئة عامة، بحيث نفرز الأفضل وننتخب القوي الأمين، ونراقب لاحقاً الإنجاز،ونتابع مدى التزام المجلس بما وعد ونحاسب.
4- لا بد من المشاركة الفاعلة في لجان المجلس، والتي هي أذرع الإنجاز والعمل، ومن خلالها نستطيع الانخراط في صناعة التغيير. فالعمل العام التطوعي وخاصة للمهنة ممتع ومفيد، نتعرف فيه على العديد من الزملاء ونعرف الكثير ونتعلم القيادة والريادة.

5- أن يلتزم المجلس بخطة عمل قصيرة المدى ومتوسطة وطويلة المدى تعرض على الهيئة العامة للمشورة وابداء الرأي،بحيث نحدد أهدافنا الشمولية وليس فقط المرحلية ونضع آلية تحرك لكل تحدي وفي كل قطاع،وتقديم تقرير كل ستة أشهر يبينما تم انجازه،علماً بأن هذا المجلس سيستمر لمدة ثلاث سنوات.
لا نريد إنشاءً وبلاغة في البرامج، بل أفكاراً جريئة طموحة إبداعية عملية، قابلة للتطبيق مع معايير أداء ومعايير نجاح وآلية تنفيذ ضمن جدول زمني محدد.
6- على المجلس السعي لكسب ثقة الهيئة العامة واستعادة الحلقة الضائعة بين النقابة ومنتسبيها بالوقت القريب وتبديد صورة النقابة كجهة جباية، وتسخير كافة وسائل التواصل المتاحة لبناء خطوط تواصل دائمة مع المنتسبين وسماع مشاكلهم واستفساراتهم والرد عليها بشكل رسمي، ومشاركتهم القرارات والقضايا المهمة وإظهار صورة شفافة للنقابة والتعامل بمصداقية واضحة مع الجميع.

7- لا بد أن تتبنى النقابة دوراً جديداً فاعلاً لها كجهة مسؤولة عن مستوى ونوعية الممارسة الصيدلانية والدوائية المقدمة في المملكة، تتابع كل جديد في مجال ممارسة الصيدلة والصيدلة السريرية عالمياً وتشكل لجنة علمية متخصصة مهمتها وضع برامج خاصة تضمن عكس صورة متألقة لمهنة الصيدلة محلياً وعالمياً.
8- تشكيل مجلس حكماء (مجلس أمناء) يمثل أعضاؤه كافة الأطياف والقطاعات، يشرف على حسن سير مجلس النقابة، ويكون أدبياً حكماً في النزاعات والخلافات،واستشارياً للمجلس في القضايا الهامة والمصيرية.

9- لا بد من التعاقد مع هيئة رقابية، ترفع للهيئة العامة تقارير دورية عن حسن سير العمل والانجاز ومدى الالتزام بالخطط والبرامج، وعلى المجلس نشر تقاريره عن مدى التزامه بخطة العمل والانجاز بشكل دوري ليتم دراسته وتقيمه، وعلى أن تكون الهيئة الرقابية خاصة تعمل مقابل أجر من خارج الوسط الصيدلاني، كي نضمن عدم تضارب المصالح والمحسوبيات، يتم اختيارها من قبل مجلس الحكماء وتقدم تقاريرها له.
10- اختيار النقيب والأعضاء يجب أن يكون حسب الكفاءة والإنجاز في العمل العام وقوة الشخصية والصدق والأخلاق وحسن القيادة والإدارة والبعد عن المصالح، لا أن يتم حسب التيارات والإيدولوجيات والانتماءات والمناطقية والعشائرية والجهوية والإقليمية. فعندما نتجرد في اختيارنا من كل مما ذكر، سنكون ساهمنا في تحقيق نقلة نوعية وخطوة هامة في طريق إعادة الألق والحياة لمهنتنا.
11- أشجع كل من يجد في نفسه الكفاءة ويؤمن بالتغيير ولديه برنامج أن يتقدم الصفوف ولا يكترث للتحالفات والألوان، ويجد من هم على شاكلته يشاركونه الفكر والأسلوبوستفاجئون بتعطش الصيادلة للتغيير.
لقد خبرت العمل النقابي لفترة قصيرة جداً كعضو مجلس،أدركت فيه أهمية المجلس والنقابة وحجم العمل المطلوب. الأداء الناجح هو أداء مؤسسي يحكمه إطار ومنهجية مبنية على الانجاز وتقييم العمل والرقابة والمحاسبة. من السذاجة أن نعتقد لمجرد تغير الشخوص بوجوه جديدة أن التغير الايجابي سيتحقق،ومن غير الحكمة أننؤمن بالتغيير دون انخراط ومساهمة الجميع، كل في مجاله. أما ان نستشعر اللحظة ونسمو عن خلافاتنا ونعمل معاً من أجل المهنة وأما ان نبقى نشكو زماننا، ونندب حظنا، ونبكي مهنة اضعناها لم نحافظ عليها مثل الرجال

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى