في أرقى الوزارات خمس سنوات رائعات / ماجد دودين

في أرقى الوزارات خمس سنوات رائعات

أشعر بسعادة غامرة ممزوجة بالدهشة الجميلة حيث فاجأتني التهاني التي انهالت من الأصدقاء والزملاء والأخوات والإخوة الأعزاء على موقع “لينكدإن” على شبكة الانترنت … تذكّرني بأنه قد انقضت خمسة أعوام وكأنها خمس ثواني من شرف العمل في وزارة الخارجية والتعاون الدولي في إمارات الخير والسعادة والسلام والتسامح والتعايش وكل ما هو جميل ونبيل وأصيل.

لقد مرّت هذه الأعوام الجميلة مَرَّ السحاب، بل كانت سريعة كالبرق الخاطف. وأنا ممتن ومقدّر للوزارة العريقة الراقية المرموقة لإيمانها بأنّ لديّ ولو نقطة أو أقل من محيطات المعرفة والعلم والخبرة، وما أستطيع أن أقدّمه من خلال عملي في مجال الترجمة والتدقيق اللغوي، كما أشكر رؤسائي وزملائي الأفاضل وزميلاتي الفاضلات على دعمهم اللامحدود، كما أنني مدينٌ لهذه المؤسسة الشامخة التي اكتسبت فيها وتعلّمت منها الكثير والغزير من الدروس والمعارف والخبرات القيّمة كل يوم، وهذه هي الحياة تأثير وتأثّر، وأخذ وعطاء، وتفاعل وأمل وعمل…

خلال ثلاثة عقود ونيّف من الخبرة والغوص والإبحار في عالم التدريب والترجمة والتحرير والكتابة والتأليف والشعر والنثر، والعمل في تدريس ثلاث لغات، وشرف الخدمة العسكرية في القوات المسلحة الأردنيّة لمدة (22 عاما) في معهد اللغات العسكري، وبعد إحالتي على التقاعد برتبة “عقيد” ثقافة فقد كنت بفضل الله ثم رضا الوالديْن – رحمهما الله رحمة واسعة -موفّقا ومحظوظا للغاية حيث لم أنضم إلى فئة البطالة أو العاطلين عن العمل لأكثر من شهر واحد طوال تلك الفترة الطويلة الممتدة والتي انطلقت رسمياً وفعلياً مباشرة بعد التخرّج من الجامعة بتاريخ 4/4/1981

من خلال نمط التفكير والمنهج الذي رسمته لنفسي تخيّلت دوماً بأنّ وظيفتي ( مهما كانت وحيثما كانت وفي أيّ وقت) تمثّل لي مملكتي أو حديقتي الخاصّة التي أزرعها وأتعب وأخلص فيها وأرعاها لأقطف ثمارها الناضجة اليانعة – وما زلت أذكر ولن أنسى أول عمل لي في العطلة الصيفية يوم كنت طالبا في المرحلة الإعدادية حيث عملت بائعا في مطعم صغير، ثم ترقّت الوظيفة في العطلة بعد المرحلة الثانوية التي سبقت التحاقي بالجامعة إلى العمل سائق عربة يدوية حديديّة صغيرة على عجلة واحدة لنقل التراب والرمل، وكان وزن العربة مع ما فيها أثقل من وزني آنذاك، وكم سقطت العربة بحمولتها قبل الوصول إلى نقطة الهدف على بعد أمتار قليلة – ولم أستطع الاستمرار أكثر من (20) يوما تحت أشعة الشمس في حرّ الصحراء اللاهبة، وكان بدل أتعابي وأجرتي أغلى وأول (40) ديناراً تسلمتها في حياتي، ووضعتها في جيب قميصي حيث يقع القلب إلى اليسار قليلاً من منتصف الصدر، وسافرت من مكان العمل في أقصى الجنوب إلى قريتي الجميلة الوادعة الهادئة في الشمال على بُعْد ( 300 كم) وما زلت أذْكر يدي اليمنى تقبض على جيب القميص على الجهة اليسرى طوال الرحلة خشية أن يضيع الكنز الثمين.

لقد حرصت ما استطعت على فلسفة في العمل مضمونها أنّ من الحكمة أن تفعل أفضل من المتوقّع منك، وليس فقط أن تصل في جهدك وعملك إلى الحد الأدنى الذي يؤهلك للحصول على الراتب عند نهاية كلّ شهر … وما أجمل قول الحبيب عليه السلام: (إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ). وهذا الحديث مُوَجّه من خير البشر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إلى جميع أمته – إلى الذكور والإناث والصغار والكبار والحكام والمحكومين، كما أنه موجّه لجميع أصحاب المهن والصناعات، خاصة من يعملُ في الخدمات العامّة والمشاريع التي تنفع الأمة وتساهم في رفع اقتصادها وتميزها. فالرسول صلى الله عليه وسلم من خلال هذا الحديث الشريف يوجه الكلام للوزير والأمير والمدير والمدرس والطبيب والتاجر وجميع أصحاب المهن والوظائف والمناصب مهما كانت صغيرة أم كبيرة ويحثهم على إتقان أعمالهم باستخدام أسلوب التحفيز من خلال ربط الإتقان بالإيمان والثواب من عند الله سبحانه وتعالى والفوز بمحبته.

أنا واثق أنّ كل واحد منا يستطيع أن يُتقن عمله وأن يكون لديه الدافع الذاتي للفوز بمحبة الله سبحانه وحتى لو لم تكن راغبا في وظيفتك أو مهنتك أو في المهمة التي تقوم بها ولكن يمكنك أن تعتز وتفتخر بما تنتجه وبإنجازاتك، وأن تشكر الله جلّ وعلا وتقدّس الذي سخّر لك هذا العمل لتكسب رزقك بالحلال، وتعفّ نفسك وأسرتك، وتساعد غيرك بما تستطيع.

الحديث ذو شجون… أطلت عليكم سامحوني … سعادتي لا حدود لها … لم أشعر بالوقت … هكذا تدفقت الأفكار فسجلتها لعلّ فيها ما هو ممتع ومفيد.

أشكر مجدداً وزارة الخارجية والتعاون الدولي التي توفّر للعاملين فيها – كل العاملين فيها بلا استثناء-مناخاً هو الأرقى والأحلى والأجمل والأفضل والأمثل للإنجاز والابداع والابتكار والعطاء

كما أشكركم من أعماقي وإن كان في العمر بقية سنلتقي في الذكرى السادسة إن شاء الله تعالى

لكم عاطر تحياتي وتقديري وعرفاني وامتناني. وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى