علی طاري التطعيج الوزاري

علی طاري التطعيج الوزاري
شبلي العجارمة

حکومات تقلع وحکومات تحط علی نفس النهج والمدرج، المعدن صفيح عفا عليه الدهر والأجنحة قاصرة ،لأبواب الوزارات مفتاحان ،مفتاح مع الوزير السابق وآخر مع اللاحق ، الأمر لا يتعدی سوی تبديل الشلة ساٸق بساٸق وسکرتيرة بسکرتيرة وتغيير ديکور المکتب بما يتلاءم مع الفصل الشتوي ، خطاب جديد مفخم لوزير شادد حاله کثير وطالع طازة من فرن التطعيج والتعديل للتجاعيد ، ما يلزمه هو زيارة لحلاقه المعروف وجعصة علی کرسي الحلاقة وعبارتين للحلاق ”شد حالك بکرة القسم بدي تطلعني جديد صبغة وعدل کل طعجات الوجه واذا تقدر تغيرلي ابتسامتي بوحدة علی ثقالة وأربع سطور وطعجة علی الجبهة وعقدة بين الحواجب لزوم الکشخة ويا ريت تعملي کبسة لقلب الحواجب أوتوامتيك وحدة للکبار علی ضحکة وتزلف ووحدة للشعب علی قفل کبير .
تذکرني هذه المرارت بطفولتي حين کنت أقوم بصنع سيارة من الأسلاك الصدٸة والزاٸدة عن الحاجة ، کنت أقوم بجمعها وتعديلها بين حجرين أو شاکوش إن وجد ، وتبقی عطلتي القروية الصيفية عبارة عن کومة أسلاك أقوم بطعجها وتعديلها وکل يوم أقوم بتعديل هيکل لسيارة الأسلاك الجديدة ، لکن فرحتي کانت أکبر حين أجد علبة کيوي فارغة لتلبيس العجلات أو علبة کريم معدنية.
هياکل تصنع من نفس المادة بأشکال مختلفة وکأننا في حارة لا تعرف حدود النظام والضبط والقانون ولا تعرف معنی البارحة وما هو اليوم وما سيکون عليه الغد .
نحن فوضاويون وعشواٸيون ، نقلب سياساتنا علی نار العلاقات ونحتکم للعاطفة والمصلحة الشخصية الخاصة البحتة وعلی نظام شلتي جماعتي وزلمتي ، من عيون وضماٸر حکوماتنا تتساقط مصطلحات الشعب والمصلحة الوطنية العليا والتحديات والإنسان أغلی ما نملك ، ومن عيون وضماٸر حکوماتنا تسقط القيم والمبادیء والوطنية الحقيقية وليست التقليدية ، فحکوماتنا ووزراٸها ازدواجيون لأبعد الحدود فلديهم وطنية مثل بدلة العيد ولديهم وطنية مثل بيجامة النوم .
سياسات التطعيج والتعديل سياسات باهتة وعفا عليها الدهر ، وجوه لم ولن تتغير ونهج فاسد أصبح إحليليلاً مکان القانون ومراقبة الأداء العام، وسلطة تشريعية في عداد الغياب والموتی ، وشعب لا زال يتغنی بنسب المختار ورٸيس البلدية ، شعب ثقافته السيلفي وأکبر إنجازاته أنه صافح الناٸب والعين والباشا.
في مقدمة إبن خلدون ” الدولة تنتهي بنفس النقطة التي بدأت منها ، والضعف حين يدب في أوصال الدولة مهما بلغ الإصلاح فلن تدم هذه الدولة “ ، هذا إن کان الإصلاح جاداً ، فکيف بإصلاحنا الإنشاٸي والخطابي الحماسي والتعبيري الذي لم يخرج من مضامين الحبر ومنابر الکلام؟.
التطعيج والتعديل الحقيقي هو إبقاء هذه النماذج الکهلة فکرياً والکلاسيکية نهجاً علی رفوف النسيان وإقصاٸهم ومنحهم رتبة مواطن ثاني وإفساح الدور لأصحاب الکفاءات المختصة بمعايير جديدة مثل الاختصاص والمسيرة الوظيفية والإنجاز الحقيقي والمسلك الأخلاقي بدون ميزات هذا نسيب فلان وهذا من طرف فلان وهذا وعدناه وهذا مسکنا علی شواربنا لفلان إنه حسابه محسوب بهاي الحکومة .
ما يدور في التعاليل أحدهم يسأل الليلة عن التعديل والتطعيج الوزاري فقال الآخر ” يا زلمة شوفلنا لعبة شدة أحسنلنا محنا حافظينهم الوزير الختيار بروح وبسلم لإبنه أو جوز بنته ، لعبة الطاق طاق طاقية حافظينها المحرمة الحمرا من تحت قفا دولة لتحت قفا معالي وبيك وباشا “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى