طموحات داعش لن تقف عند حدود الشرق الأوسط

سواليف
في يناير من هذا العام، طلبت وسائل الإعلام من الرئيس الأميركي، باراك أوباما، التعليق على استيلاء ( داعش ) على مدينة الفلوجة، وهي المدينة التي فقدت فيها أميركا ما يقرب من 100 جندي في معارك مع المسلحين هناك قبل عقد من الزمان، بيد أن ردّ أوباما كان من الاستهانة بمكان، حيث علّق قائلاً: «إذا ارتدى أحد فرق الأشبال ملابس الليكرز فإن هذا لن يجعل منه اللاعب المشهور كوبي براينت»، وبعبارة أخرى، يريد أوباما أن يقول إن تنظيم داعش ما هو سوى شيء صغير، وليس هو مشكلة الولايات المتحدة.
بعد ستة أشهر من ذلك التعليق احتل التنظيم مساحة من الأراضي بحجم الأردن، وأعلن عليها «دولة الخلافة الإسلامية» في وقت لاحق. وقد ساعده تقدمه على استقطاب المزيد من المجندين، والأسلحة، والمال. وبين عشية وضحاها، تحول من جماعة «إرهابية» إلى جيش «إرهابي»، ويبدو أنه عازم على الدخول في صراع مع الغرب. وفي وقت سابق من هذا العام، هدد الرئيس المفترض لـ«الدولة الإسلامية»، أبوبكر البغدادي، الولايات المتحدة قائلاً: «سنكون في مواجهة مباشرة معها قريباً»، وواصل تهديده «احترسوا منا مثلما نحترس نحن منكم»، وهذا الشهر نظم «الدولة الإسلامية» حملة على «تويتر» يهدد فيها بمهاجمة الولايات المتحدة.

ويبدو أن فهم أوباما للوضع في العراق، (وكذلك في غرب إفريقيا وسورية) بأنه «صراع على السلطة المحلية»، كما علق في يناير، يبدو ساذجاً في أحسن الأحوال، وخطيراً مضللاً في أسوئها. ويبدو أيضاً أن شكوكه حول قوة «الدولة الإسلامية» لم تتغير أبداً، ففي مقابلة في 22 يونيو مع البرنامج التلفزيوني «واجه الأمة» يعتقد أوباما أن «هناك الكثير من الجماعات التي ربما لديها خطط فورية متقدمة عن المواجهة ضد الولايات المتحدة»، وبعبارة أخرى، فإنه لايزال يتمسك بتشبيه «الدولة الإسلامية» بـ«فريق الأشبال».

والمشكلة هي أن التنظيم، الذي جسده في السابق «تنظيم القاعدة في العراق»، وأخيراً «الدولة الإسلامية»، هو كيان عدواني توسعي، ويشكل خطراً حقيقياً، ويبدو أنه يركز اهتمامه في الوقت الراهن على العراق، إلا أن له طموحات أوسع من ذلك بكثير على المدى الطويل. فعلى سبيل المثال، ظهر على شريط فيديو، صدر بعد فترة وجيزة من سقوط الموصل، جهادي بريطاني يعلن أن «الدولة الإسلامية لا تعرف حدوداً، وسنقاتل أينما طلب منا شيخنا (البغدادي)»، وحدد على وجه الخصوص العراق والأردن ولبنان وسورية كأهداف.

وتتمثل تلك الأهداف في الدول التي هاجمها التنظيم بالفعل على مدى العقد الماضي، ففي عام 2004، استطاع زعيم القاعدة في العراق، أبومصعب الزرقاوي، إنشاء «لواء عبدالله عزام» بغرض محدد هو شن معارك في بلاد الشام والشرق الأوسط الكبير. وفي نوفمبر 2005، قتل تنظيم القاعدة في العراق 57 شخصاً في هجمات تفجيرية في العاصمة الأردنية، عمان. وبعد ست سنوات من ذلك تم استهداف عمان مرة أخرى، إلا أن السلطات الاردنية أحبطت محاولة الخلية هذه المرة، التي تلقت مساعدة من «الدولة الإسلامية في العراق» لوضع خطة لسلسلة من الهجمات. وفي منتصف عام 2011، شكل محمد الجولاني، وهو عضو في «الدولة الإسلامية في العراق»، تنظيم «جبهة النصرة»، التي تحارب الآن حكومة الرئيس بشار الأسد في سورية، والتي أنشئت بتمويل من «الدولة الإسلامية في العراق». وهذا العام، نفذ «داعش» سلسلة من العمليات في لبنان. وفي شهر يونيو أعلن مسؤوليته عن هجوم بسيارة ملغومة في بيروت واثنتين من الهجمات التفجيرية.

داعش لديه علاقة أيضاً بهجمات سابقة في أوروبا، ففي عام 2007 نفذ طبيب بريطاني كان قد حارب في العراق هجوماً تفجيرياً بسيارة في مطار غلاسكو. واتضح لاحقاً أن هاتفه وهاتف شريكه، الذي كان قد زرع أيضاً سيارات مفخخة في منطقة ويست إند في لندن، يضمان أرقام هواتف لأعضاء في «الدولة الإسلامية»، ووصف مسؤولو مكافحة الإرهاب هجمات غلاسكو ولندن بأنها «أقرب تعاون لصيق» بين «الدولة الإسلامية» والمقاتلين الغربيين حتى الآن.

وفي عام 2010 اعترف أحد كبار نشطاء «الدولة الإسلامية»، بعد اعتقاله من قبل القوات العراقية، بأن التنظيم يستعد لتنفيذ هجوم في الغرب بنهاية العام. وفي وقت لاحق من ذلك العام، نفذ تيمور عبدالوهاب العبدلي، متشدد عراقي المولد، هجوماً تفجيرياً في ستوكهولم، بالسويد. ويعتقد انه تدرب مع افراد التنظيم في الموصل لمدة ثلاثة أشهر قبل العملية، وادعت المواقع الجهادية أنه كان مع المجموعة. وفي الواقع، كان هجوم العبدلي مستلهماً من «الدولة الإسلامية» ومكرساً لها. وفي رسالة صوتية صدرت بعد وفاته، يقول إنه استشهد انتقاماً من الرسوم المسيئة التي رسمها الفنان السويدي، لارس فيلكس، باعتبارها دافعاً له عن أفعاله. وكان التنظيم عرض 150 ألف دولار لمن يقتل فيلكس، وفي ما بعد مجّد التنظيم مهمة العبدلي التفجيرية.

ظهر رابط آخر بين «الدولة الإسلامية» وأوروبا في يونيو عام 2013، عندما أعلنت وزارة الدفاع العراقية أنها اعتقلت أعضاء خلية إرهابية في بغداد كانت تحاول تصنيع أسلحة كيماوية لتهريبها إلى كندا، والولايات المتحدة، وأوروبا. ثم في يونيو 2014، أطلق مهدي نموش، وهو مواطن فرنسي، تعتقد وكالات الاستخبارات الفرنسية أنه انضم إلى «داعش» في سورية عام 2012، النار، وقتل ثلاثة أشخاص في المتحف اليهودي في بروكسل. وفي ما بعد تم العثور على بندقيته ملفوفة بعلم «الدولة الإسلامية».

ولهذا فهناك ما يبعث على القلق، سواء وجّه تنظيم «الدولة الإسلامية» هؤلاء الشباب أو ألهمهم تنفيذ مثل هذه الهجمات.

روبن سيمكوس – باحث بجمعية هنري جاكسون

ترجمة: عوض خيري عن «فورين أفيرز»

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى