صفد الأوهام / حمزة حرب الرقب

صفد الأوهام

وها هو الكون يفي بعهده، وها هي سنن الحياة تفرض صدقها، فسبحان خالقِها! كم غيَّر حالاً أضنت صاحبها! وكم انتشل غريقًا بأوكارٍ استكان فيها واهمها!

وها هو الظلام يتبدَّد، فينتشي الأمل ويتجدد، فتغور كل السوداوية، فتُطِلُّ أَمَانٍ ذهبيةٌ.

أنت يا موصدًا أبوابًا في وجهك، أتقنَطُ من رحمة ربك؟
ما لي أراك منضوِيًا تحت راية الحزن؟
ما لي أراك متخذًا الهمَّ شعارًا ودثارًا؟
أتبقى في درَك الأوهام تصارع ذاتك تارةً وسنن الحياة أخرى؟
أتستبدل برحابة الإسلام وثاق الأوهام؟

يجري – يا عزيزي – أن تتوهم بشبابك، أو قل إذا شئت: تغتَر بقوَّتك، أو بكثرة أموالك، أو بجمالك، أو كل ما يؤدي بك إلى المهالك، فيقع أن تلهوَ عن قدرة ربك، وتنسى مختارًا حِلْمَ ربك، فتتوغَّل مُصرًّا إلى غياهب القعور، وتتشبَّث بأسباب الفجور، فتلبث في مستنقع الفواحش، تمد فيه الفرائش، فتنام على غَوايتك، إلى أن تُوقِظَك رحمة ربك، أو ترديك سطوة نفسك.

يحدُث – يا صديقي – أن تتكالب عليك المصائب، وتتناوب عليك النوائب، فيمتلأ الماء بالشوائب، فتلهث وراء أصحابك، تبوحُ لهم بكل أسرارك، تظن أنهم يطيقون سردَ أخبارك، أو أنهم يستطيعون تغيير أحوالك، وتنسى أن تشكو لمَن لأمرِك وأمرِ الكون مالكٌ.

انفض يا صديقي عنك غبار الأوهام، واكسر قيد الأحلام، وتوجَّه لربك ورب الأنام، واللهِ لن تعدمَ خيرًا ما دمت ترفع يديك لله القدوس السلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى