شفاء للقلوب

#شفاء_للقلوب

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية الثالثة من #سورة_القدر: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ”.
ان من أعظم المنح التي منحها الله لأمته المؤمنة هي كرامات ليلة القدر، ولعظم قدرها فقد وصفها الله أنها خير من ألف شهر يقضيها المؤمن في عبادة خالصة.
ولما كان موقعها في هذا الشهر الفضيل بحسب ما أخبرنا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، فالعاقل من اغتنم هذه الفرصة الثمينة والتمس عطاءها.
هناك مفاهيم تراثية ليس لها غطاء شرعي، مثل الإعتقاد أنها تفتح على شخص واحد، ويستجاب دعاؤه مهما طلب.
من سورة القدر نفهم أن عظم شأنها متأت من أمرين، الأول أنه في تلك الليلة نزل القرآن من اللوح المحفوظ كاملا، ويعني ذلك أن الله قد أذن بالبدء بتنزيله الى البشر، بعد أن قدّرأن الأوان قد حان، وذلك بعد سلسلة متواصلة من المقدمات التي تمثلت برسالات متتالية خلال حقب طويلة، والتي هيأ الله الناس من خلالها لاستقبال واستيعاب الرسالة النهائية، التي تمثل الدين الذي ارتضاه لعباده.
وأول ما نزل منه كان في تلك الليلة، الآيات الخمس الأول من سورة العلق، من ثم بدأ يتنزل مفرقا لمدة ثلاثة وعشرين عاما على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الحدث الأهم في تاريخ البشرية.
والأمر الثاني: أنه في تلك الليلة تعيّن مقدرات الناس لسنة قادمة من حياة وموت ورزق وسعادة وشقاء وما الى ذلك من الأمور الفارقة التي ستحكم حياتهم لتلك السنة: “فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ” [الدخان:4]”، ففي هذه الليلة تقدر كل الامور والمسائل المصيرية المرتبطة بالانسان والحياة والكون، والتعبير بالحكيم انما هو لبيان استحكام هذا التقدير وعدم تغيره، وكونه حكيماً.
ولأجل تدبير كل امر من الامور المتعلقة بالحياة والكون “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ” [القدر:4]، فالهدف من نزول الملائكة والروح في هذه الليلة هو لتقدير وتعيين وتهيئة كل ما يلزم لإنفاذ هذه الامور والحوادث الكونية التي ستقع في السنة القادمة، كل في وقته المحدد.

قد يبرز هنا سؤال: ما نفع الدعاء إذاً، اذا كان كل ما سيجري السنة القادمة قد رتب مسبقا بقدر محكم وحسبما قضى به الله منذ الأزل!؟.
يقول الفقهاء إن القضاء هو ما كتبه الله في اللوح المحفوظ، ويشتمل على البنود الرئيسة، والقدر هو ما في صحف الملائكة المكلفون بإنفاذه ذلك العام، وفيه التفصيلات الدقيقة للأحداث.
الدعاء هو التدخل الوحيد لقوله تعالى ” قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ” [الفرقان:77]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يرد القضاء إلا الدعاء”.
لذلك يمكن أن يستجيب الله فيغير في بعض ما كلف الملائكة به، وهو وحده يملك ذلك: “يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ” [الرعد:39].

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى