لماذا يصمت المسؤولون عن الحقيقة ؟

لماذا يصمت المسؤولون عن الحقيقة ؟
عبد الفتاح طوقان

الازمات التي تسبح بها الأردن تقودها الي شواطئ فصلية جديدة غير آمنة، رغم حالة “الانكار” التي تسود بعض من أطراف الدولة علنا وهي تجري في دمائهم سرا ويتحدثون بها بعيدا عن لقاءات الملك.، وعندما يلتقونه يصمتون.

اليوم يمتد السؤال ماذا عندما لا يصارح المسؤول الملك؟ اليس ذلك أخطر أنواع الاستهتار من المسؤولين ممن مفترض انهم اهل الثقة؟، ويترجم الإفلاس الذي تعاني منه النخب السياسية بعد خروجها من الخدمة والتي لا تفسر او توصف الازمة والحالة بشكل صحيح مما يؤدي الي تفاقمها وغرق المملكة في مزيد من الازمات وتحول دون مقاربات واقعية كفيلة بتحسين الأوضاع، بل تزيد بدرجات غير مسبوقة السوء الاقتصادي والتعفن السياسي.

حالة الانكار لدي البعض – خصوصا عن الوطن البديل – الذي قام وأوكد هنا للملك عبد الله الثاني هنا ان بعض من حاضري اللقاء به يوم الاحد السابع من نيسان ٢٠١٩، تحدثوا علنيا عنه في مجالس مختلفة ولكنهم التزموا الصمت في اللقاء.

مقالات ذات صلة

هذا النفي عن الوطن البديل القائم والذي تروّج نفيا له بعض مجموعات منتفعة وقريبة من الحكم التي “لا ترى ” أنه ليس هناك ما يستدعي اليوم التمادي في التشاؤم رغم قيامه وقبل تولي الملك عبد الله الثاني الحكم وبعلم الملك الراحل الحسين مضطرا، والتي أيضا تعتبر ان البلاد «بخير»، وان المأزق الآن هو فقط اقتصادي من جهة واشاعات صيف من ناحية اخري وسينجلي في القريب عندما يخرج الملك لطمأنه الشعب..

للحق هذا غير صحيح والشعب غير مطمئن ولن يطمئن بلقاء او كلام مهما كان مصدره.، لأن الشعب الذي يتحدث المسؤولين عنه للملك هو غير الشعب الأردني الحقيقي في أطراف المملكة خارج مدينتي عمان والزرقاء اللتان ليس على كلامهما جمرك وليسوا أصحاب القرار الحقيقي والمؤثر في سياسة الدولة ومستقبلها.

واقصد أنه ليس في وسع الشعب الأردني بعشائره صاحبة الأرض – و الطارئين علي المملكة من نازحين و لاجئين في وضع خاص مفترض انه مؤقت في الحقيقة – الا أن يقف مع الأردن الدولة ضد الوطن البديل القائم ، وضد تهويد القدس ، وضد النظام البديل الساعية اليه الولايات المتحدة الامريكية منذ ١٩٥٢ ( دراسة أطروحة وضع عبر الأردن المقدمة لجامعة هارفرد للدكتوراه عام ١٩٥٢)، وتنتظر فقط التوقيت المناسب لإحلاله تحت مسميات مختلفة ، ويتمنى ذلك بعض من أبناء المملكة الأردنية ذاتها و التي نعرف انهم قلة نسبيه و لكنها في تزايد يومي ولا يتحدثون من فراغ ، و لكن ما دامت هذه الأطراف من النخب السياسية التي يلتقيها الملك عبد الله الثاني تقرّ بأن لا وطن بديل قائم وان الإنجازات الاقتصادية كبيرة ،و الأزمة القائمة هي سياسية بالأساس، فمعنى ذلك اذن أنها هي طرف رئيسي في صناعة الواقع الراهن والواهن وهي من تزور الواقع امام ملك البلاد .

لذا أنى أطالب تلك النخب السياسية ان تثبت ان الوطن البديل غير قائم. في المملكة الأردنية الهاشمية وان تعرف ماذا هو تعريف ” الوطن البديل ” في نظرهم ومفهومهم حسب الأسس القانونية والدولية.

لا نعرَف في الحقيقة ما هي الاعتبارات التي ينطلق منها بعض من هؤلاء «الصامتون»، لكننا نعرف جيدا أنّ هناك بعض مستشارين غير صادقين و انهم لا يتكلَّمون بصراحة على الأرجح ، يكذبون بطعم الشوكولاتة ، و هم بذلك يدفعون المملكة الاردنية بكل شيء نحو هاوية الفراغ، لكنهم رغم ذلك يواصلون بث التفاؤل الكاذب لدي الحاكم ، وهو الأمر الذي يؤدي الي التخبط في خضم أجوبة متناقضة صادرة وموثقة في لقاءات مع الجانب الإسرائيلي و الأمريكي و البريطاني ، و منشورة في كتب عدة منها مذكرات رؤساء وزراء إسرائيل ، شمعون بيريز الصادر ٢٠١٧ ، و يهود باراك الصادر ٢٠١٨، وفي كتاب حرب ١٩٦٧ : صناعة الشرق الأوسط للسفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن و المؤرخ عوض الكنيست مايكل اورين الصادر عام ٢٠٠٣ ، ووثائق” ياد تابنكين” مركز ابحثا و توثيق مجموعات المستعرات الإسرائيلية وغيرها ، و أتت ضمن معاهدات واتفاقيات مكتوبة بين المملكة الأردنية الهاشمية و إسرائيل، بين مصر و إسرائيل ، ومؤخرا بدأت في الظهور لدي صفقة القرن علي لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و الذي تستهويه ” شهوة استخدام القوة و فرض الواقع ” من واشنطن ، خصوصا مع مقولته اليوم ليهود امريكيون ، مولدين في أمريكا أبا عن جد ان قال لهم حقيقة الامر :” رئيس وزرائكم هو نتانيوهو ” و فهم من ذلك انه يتلقى تعليماته منه و ان اليهود هم من يحكمون تصرفاته و افعاله .

إذا ما استمر غياب المصارحة فالمملكة ستصل في الأخير -لا سمح الله – إلى حالة من الانسداد السياسي الكلي والانهيار الاقتصادي تمهيدا للنظام البديل.

ولا شك أن حالة عدم المصارحة التي ينتهجها بعض من النخب السياسية ، يبدو غير قادرا اليوم على فكّ أزمات المملكة الأردنية ، في وقت يبدو فيه الاهتمام الأساسي في صفقة القرن مركزا على كيفية الوصول إلى الاستحقاق الإسرائيلي للهيمنة علي الوطن العربي عامة و الأردن خاصة ، في غياب تام من العمل علي كيفية مواجهة ذلك بغير طرق الشجب والاستنكار و طمأنه مخدرة للشعب ، و اهمال تام وانعدام الارتقاء الى مستوى اللحظة السياسية ذات الرؤية الاستثنائية عبر قراءة متأنية استثنائية للحرف والنقطة في كل كتاب و جريدة و إذاعة وتحليل كل تصريح و لقاء للوضع الاستثنائي الحالي و نقل الصورة دون رياء او كذب او مداهنة للملك .

الشعب والملك معا في مركب واحد، إذا غرق أحدهما غرق الاخر.

واقصد عوضا عن الانشغال بملفٍ ” الانكار ” والذي يتخذ صفة الاستعجال دون أي داع، ويقفز عن ملفات صفتها المُؤجَّلة، لماذا لا يتم إيجاد حلول لكل الملفات الأهم والمعجَّلة والتي يأتي في طليعتها ملف «الوطن البديل القائم» وملف ” النظام البديل الحاضر في العقلية الامريكية؟.

ولماذا لا يصارح المسؤولون الملك عبد الله الثاني بحقائق الأمور وبطبيعة الوضع الذي تعيشه البلاد بدل الاكتفاء بالمديح وخطابات التجليل؟ اليست المملكة الأردنية على المحك ام انهم استساغوا “كله تمام يا ريس”!!!!.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى