رسالة إلى دولة الرئيس..

رسالة إلى دولة الرئيس..
د.فلاح العُريني

دولة رئيس الوزراء الأردني، د.بشر الخصاونة الأكرم..
تحية وطنية أزجيها اليكم كغير عادتي، فالتحايا تعني بداية عهد جديد.
يادولة الرئيس..
لن ألجأ إلى لعق شاربيك كما يفعل علية القوم عندك، ولن أتوارى عن الانظار خلف ظلك ثم اهجم هجوم الكلاب على قصعتها، ولن اغامر بضميري وعقيدتي ومبدأي على حساب الأردنيين.
لقد كان عمربن الخطاب يخاف إن تعثرت بغلة في بلاده أن يسأله الله عنها، فما بالك يادولة الرئيس بمن تعثرت بغاله، وسجنت شبابه، واضطهدت رجاله؟
ومابالك يادولة الرئيس بمن جاعت الطيور على ارضه، وحفيت الصبايا وبكت النشامى تحت وطأة ولايته؟
كان والدي رحمه الله يقول: (اللي بيحضر عنزه بتجيب توم).
أبشرك يادولة الرئيس، كنا في المعتقلات ولم نحضر فاصبحت عنزنا لجبة ثم ماتت.
الوطنية يادولة الرئيس تفرض علينا أن نكون أمام القانون سواء، احتراماً لنص المادة السادسة من الدستور الأردني، والتي تنص على أن:
“الأردنيون أمام القانون سواء، لاتمييز بينهم في الحقوق والواجبات، وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”.
أنا وأنت والحمد لله عرقنا عربي ولغتنا العربية وديننا الاسلام، وعليه سأخاطبكم بموجب هذه المساواة، وإن اردت ايضا يادولة الرئيس سأستعين بكتاب الله وحديث نبيه العظيم، الذي جاء محاربا للعبودية، وباعثا فينا روح الأمل والحرية، وصدق الله حيث قال:
“وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ”.
لقد بلينا يادولة الرئيس في عهدكم وعهد من سبقوكم بكل ما ذكر في الآية الكريمة، فالخوف مزروع فينا منذ ولادتنا والاعتقال يداهمنا والحبس مصيرنا والموت ملاذنا هربا من الخوف، أما الجوع فاصبح مقياسا لشبعكم، بقدر مانجوع بقدر ماتشبعون يادولة الرئيس، وعن نقص الأموال انت اعلم به منا، فقد شرَّعتم من القوانين وأوامر الدفاع مايكفي لجعل لصوص النصوص يسرقون فتات اطفالنا، فأصبحنا نتعامل بالدَّين والمقايضة والربا، ونتزحلق أمام البنوك ومؤسسات الدولة التي تشتري المواطن والكفيل معه، كبنك المرأة الذي اصبح مرتعاً للغارمات، وبنك الأيتام الذي اورثنا اليتم ووالدينا على قيد الحياة، وصندوق التنمية والتشغيل الذي نمى وترعرع على حساب كرامتنا وماتبقى الينا من كبرياء، واشغل فكرنا وجعل جهنم مصيرنا بما اقترفته ايادينا من احتيال بمال الربا والحرام..
ايرضيك هذا يادولة الرئيس ونحن قوم مسلمون مؤمنون موحدون؟
يادولة الرئيس..
أنت صاحب الولاية، وانت تعلم وان كنت لاتعلم فها أنا اليوم اخبرك، بأن الاردنيات غارمات وهذا أفكٌ عظيم، وشعبك يادولة الرئيس يهرب من الجوع والفقر إلى خشاش البنوك متعاملا بالربا، وأنت الوصي والولي وبسببك وصلنا الى مانحن عليه، وان كنت قد نسيت او تناسيت بعضا من كتاب الله سأذكرك بقوله تعالى:
“الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”.
لقد أكلنا الربا رغما عنا وانت يادولة الرئيس الشاهد بيننا، وقد تخبطنا الشيطان من المس وتخبطتنا حكومتكم من الحبس، وانتم من قال انما البيع مثل الربا وجعلتموه لنا مباحا، واحل الله البيع ومنعتموه، وحرم الله الربا وانتم شرعتموه..
يادولة الرئيس..
كيف لك أن تشبع وفي الأردن جائع؟
كيف لك ان تختار اصناف الطعام وفي الاردن اصنافا من العذاب؟
اين انت يادولة الرئيس من مفهوم العدالة والانصاف التي جاءت سيفا على عنق صاحب الولاية..
شعبك يترنح من الجوع والمرض يادولة الرئيس، وعند الواحد الديان سنأتي بكل الادلة والبراهين امام رب عادل وعالم، فمن يقيك شر جهنم، ومن يبعد عنك نظرة الله اليك بعين الغضب..
يادولة الرئيس..
ان اعتقلتني بموجب قانون الجرائم الالكترونية، سأعتقلك بموجب قوله تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا”
ان كانت تهمتي القدح والذم والتحقير، وبينات الادعاء لديكم صفحتي الالكترونية، فتهمتكم ظلم الناس وقهرهم، وخيانة الامانة خلافا لنص الآية القرآنية سالفة الذكر، أما بينات الشعب ستكون من خلال شهادة الخالق عليكم حيث هو السميع البصير..
يادولة الرئيس..
حملك ثقيل عجزت عنه السماوات والارض، وجئت انت اليوم لتحمله، مستشهدا بثقة مجلس النواب.
فاقد الشيء لايعطيه، والنائب لايمثل ناخبيه، فمن وصل زورا وبهتانا لاثقة به، ولن يشفع لك من أمرك شيئا..
يادولة الرئيس..
حر جهنم لايمكن لك ان تخفيه خلف ابن رئيس الوزراء الذي تم تعيينه مؤخرا، وبأعذار تلقي بكم في جهنم سبعين خريفا، حتى منعتمونا عن الحديث حول ذلك، ولم تعلموا اننا نناجي الله سرا في جنح الليل..
هذا التعيين يادولة الرئيس ترتب عليه ان زاد فقرنا وذلنا وقهرنا..
فمع كل تعيين جديد يادولة الرئيس تقرع حاويات الزبالة مؤذنة بفتح ابوابها للشعب لينبشون فيها كل صباح بحثا عن بقايا طعامكم..
يادولة الرئيس..
اقولها مهما كلف الامر، نحن لسنا بخير، نحن ناكل جيف طعامكم، ونقرع طبول الموت، ونصرخ وانت تلهو، وسيصيبك الله من دعواتنا ونحن جياع..
يادولة الرئيس..
لعل احدا من ابناء اسرتك يقرأ ما اكتبه اليك ليحرك فيك الضمير، ويستشعر معك سخط السماء..
اصبحنا هجين يادولة الرئيس وانت الهنا الاكبر، هون علينا اليوم، فغداً سواسية على مقربة من الجنة والنار..
يادولة الرئيس..
ان صح ماساقوله لك الان فالوطن يتعرض للخيانة العظمى، واليك لائحة الاتهام:
لقد ورد على لسان احد النواب وخلال رد المجلس على البيان الحكومي مايلي:
“لقد اخبرني احد الوزراء السابقين ان الوزراء يتقاضون عشرة الاف دينار اردنيا كل شهر عدا راتبهم الاصلي وبمعدل مئة وعشرون الفا سنويا، حتى جاء الرزاز وقلص المبلغ الى خمسة الاف سنويا”..
انتهى الاقتباس..
يادولة الرئيس..
اين نعيش نحن؟
ما الذي يجري على علمك ومسمعك؟
اين الولاية والامانة؟
اين كتب الله المقدسة والتي اقسمت عليها اغلظ الايمان؟
اذا كان كل وزير يتقاضى سنويا مئة وعشرون الفاً عدا عن مخصصاته، ولدينا حوالي ثلاثون وزيرا، فهذا يعني ان مجلس الوزراء يتقاضى سنويا ثلاثة ملايين وستمائة الف دينار..
فما هو السند القانوني لهذا المبلغ؟
وماهو الاساس الذي صرف هذا المبلغ على اساسه؟
وما الغاية المريبة والهدف المنشود من وراء صرف هذه المبالغ؟
وكيف لاتظهر في الموازنة، وان ظهرت فتحت اي بند تكون؟
يادولة الرئيس..
حملك ثقيل وحلمنا يتهاوى..
فمن منحوك الثقة لن يسألوك عن ذلك، وانت لن تجيب ما لم تُسأل، ولكن الغريب انك سُئلت ولم تجب..
يادولة الرئيس..
يامعشر الملايين، بربكم اشتروا استقرار الوطن بفتات يومكم، فالفقر ليس نفطا ولا ماء، الفقر ملح العدالة وبارود الثورة..
الفقر يسلب العقل ويورثنا الجنون يادولة الرئيس..
سيدنا أبو بكر الصديق يقول للناس: “أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم”.
فماذا تقول لنا انت؟
وسيدنا عمر بن الخطاب يقول للناس: “مَن رأى منكم فيَّ اعوجاجاً فليقوِّمه”.
فماذا تقول لنا انت؟
يادولة الرئيس..
والله لم تطع الله فينا، فما لك على الغارمين والغارمات طاعة.
والله لم نرَ منك الا كل اعوجاج، فإن قومناك غضبت انت وهلكنا نحن، وان تركناك هلك الوطن وسلم سارقوه.
احترنا يادولة الرئيس..
نعشق الوطن وبين الضلوع نخفيه، لماذا لا تعشقونه على طريقتنا؟
اسئلة كثيرة ستطالكم يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم، واذكرك بقوله تعالى: “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ”.
فكيف ستجيب الشعب إن سألك يوما وهو اليوم يَسأل: وَإِذَا الْغَارِمَةُ سُئِلَتْ، بِأيّ ذَنْبٍ سُجِنَتْ؟
فكيف ستجيب على فقر العباد وقد بلغتم من الشبع والتخمة مايحرم عليكم رائحة الجنة ونعيمها؟
ثم ماذا يادولة الرئيس؟
هل ستحدثني عن الولاية في زمن الصامتين على المجموعة العربية في جامعة مؤتة، وكأنها قضية دول الجوار لاشأن لنا بها؟
هل ستحدثني عن الولاية في زمن مزرعة مؤتة وجراحات البوتاس وبيع الفوسفات وفروقات الكهرباء والضرائب والخسائر التي يتحملها الشعب ولانعلم مصيرها؟
هل ستحدثني عن الولاية، والتعليم يحتضر ويلفظ انفاسه الاخيرة على مرأى ومسمع من وزير التربية والتجهيل والموت الفكري عن بعد؟
عن ماذا ستحدثني؟ وكيف لي ان اسمع وانت تصرخ بما لاتشعر به تجاه هذا الشعب الذي نفذ صبره قبل ان ينفذ فساد حكومتكم..
يادولة الرئيس..
اصبحت حكومتكم كتابا مقدسا لديانة لم يتبعها احد، لكم دينكم ولي دين..
فاسمعوا ما اقتبسته من قول شعب الله المحتار على ارض ضاقت بما رحبت:
“ان رجالات الوطن قد فقدوا مصدر رزقهم، فماتوا قهرا ويا لقهر الرجال إن حل.
وأن الأرامل قد تاهت بهن الطرق فأبنائهن جاؤوا في الزمن الصعب..
وإن الأيتام افترشوا الأرض والتحفوا السماء، فافترستهم وحوش برية حولتهم لمشاريع اجرامية وأفكار ضلالية.
وأن الشباب مليء بالطاقات والابداع، لكنه مهمش حتى اصبح الضياع مصيرهم، والمستقبل المجهول يتخطف احلامهم، وهاهم بلا وظائف ولافرص عمل (الا لأبناء المسؤولين الذين اكلوا مقدرات البلد واستفردوا بالمناصب التي تزهوا بهم)، ولا احتضان لكفاءات وطاقات لشباب يحلم بأدنى درجات حقوقه، فتتخطفهم المخدرات والافكار المتطرفة، فضاق عليهم وعلى اهاليهم الوطن، فأصبحت جل العائلات الاردنية اشباح تلهث للقمة العيش.
أما من تولوا شأننا فشأنهم سيتولاه الله.
يادولة الرئيس..
إن الأمل بالله وحده، والدواء لايأتي بتغيير الأشخاص وتدوير مناصبهم أو الإتيان بأبنائهم فقد مللناهم جميعا، فالدواء للمريض المحتضر، مسكن للٱلام، أما صحوة ماقبل الموت فلايعلم على ماسنصحوا عليه إلا الله.
اسعفنا ياصاحب الولاية، ويامن اخذت ثقة من لايملك الثقة، اسعفنا ولكن ليس بأجهزة أكسجين، فهواؤنا قد لوثته شركة لافارج الفرنسية، وماء لحظة وغبار غرندل يشهد على ذلك، ولوثته أيادٍ سرقت أحلام الأردنيين، ولكن اسعفنا بأجهزةِ تحكُّم تضبط ماستكون عليه ردة فعل المريض الذي صحى صحوة الموت عند الاحتضار،
عندها سنقول للطبيب إرجع فالمرض قد فتك بالشعب، فمات قهرا، وما اعظم قهر الأحرار”.
واخيرا يادولة الرئيس اخاطبك الان بصفتك الشخصية دولة الدكتور بشر الخصاونة، ان فكرت باعتقالي وحبسي وفقا لقانون الجرائم الالكترونية الذي اقره مجلس جهنم السابق، اقول لك تذكر إنني أبا لاطفال ان جعت جاعوا وان شبعت شبعوا وان غبت عنهم ضاعوا، وان حبستني، فحسبي الله عليك، وسابعث اليك من معتقلي قول الحطيئة مع التعديل:
زُغْبَ الحَواصِلِ لا ماءٌ وَلا شَجَرُ
أَلقَيتَ كاسِبَهُم في قَعرِ مُظلِمَةٍ
فَاِغفِر عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ يابِشرُ
أَنتَ الرئيسُ الَّذي بِعتَ حارسهم.
………..
تعبت النًفس ياصاحب الدولة وتاهت خطاوينا والفكر ضاع والأمل في سراديب صناديقكم، ولم يبقى لنا سوى النفس الأخير حبسناه لنلفظه عند نهاية الاحتضار .
قال تعالى:
“وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ”
#صبراً_معشر_الأردنيين_إن_موعدكم_الجنة
د.فلاح العُريني
٠٧٧٦٦٣٣٥٥٢

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى