ذيب : من صحراء رم الى حفل الأوسكار / طاهر العدوان

ذيب : من صحراء رم الى حفل الأوسكار
لم يحصل فيلم ذيب الاردني على جائزة الأوسكار لكنه اكتسب شهرة كبيرة بين الراي العام في الاردن والبلاد العربية قبل ان تطأ اقدام ابطاله بساط الأوسكار الأحمر ، وهذا بحد ذاته انجاز عالمي كبير للمخرج ناجي ابو نوار الذي لم اقرأ من قبل اسمه على عمل فني سينمائي ، كما ان الاضواء العالمية التي سلطت على ابطاله بلباسهم البدوي الاردني لم يحظى بجزء يسير منها كبار النجوم من الممثلين العرب . فإلى المخرج المبدع ناجي ابو نوار والى ابناء رم ، الذيب جاسر عيد وحسين مطلق وحسين سلامه واجب التحية والاعتزاز من جميع الاردنيين .

وبهذه المناسبة أردد ما قاله عرار في رم واهلها الصيد ” يا اخت رم كيف رم وكيف حال بني عطية

هل ما تزال هضابهم شمّاً وديرتهم عليّة “.

قبل رحلته الى المشاركة في المنافسة على جوائز الأوسكار كان الفيلم قد حصل على جائزة مهرجان القاهرة السينمائي وعلى جائزة مهرجان فينيسيا السينمائي ، واعتقد ان سر هذا النجاح يعود الى خصوصيته ، المتمثلة بتصويره للبيئة الاجتماعية والتاريخية في الصحراء الاردنية وفي وادي رم على وجه الخصوص الذي شهدت رماله بألوانها الساحرة أحداثا تاريخية على مر الازمان اكتسبت صفة العالمية . ان الاصالة في الاعمال الإبداعية وتصويرها للأحداث ولحياة المجتمعات في الارض التي ينتمي اليها المبدع هي الطريق الى العالمية . وفيلم ذيب نجح كل هذا النجاح لانه خرج من عمق الصحراء الاردنية ومن روح أهل البادية ومن تاريخ بطولات اسلافهم التي سبق وان جذبت اليها هوليوود قبل اكثر من نصف قرن بفيلم لورنس العرب الذي أوصل عمر الشريف الى النجومية العالمية بعد تمثيله لدور الشيخ الحويطي عوده ابو تايه .

مقالات ذات صلة

الصحراء الاردنية ليست مجرد( خيمة شعر وربابة وزرب ) كما تمثلها بوسترات الدعاية السياحية انما هي الارض التي سار عليها النبي محمد وأنبياء ورسل اخرين وشهدت ولادة إمبراطوريات وانهيار أخريات ، كما ان ميلاد الاردن كدولة كان من صحراء الجنوب ومن رم ومعان ، ومن زار رم شاهد بالطبع الامكنة التي التجأ اليها كل من الملك فيصل الاول ولورنس العرب اثناء الثورة العربية الكبرى .

نشكر مرة اخرى المخرج ناجي ابو نوار وجميع طاقم عمله ، الذي قدم شيئا له قيمة وأثر على مستوى العالم تصادف إنتاجه مع الذكرى المئوية لقيام الثورة العربية . انه ومن خلال تذكيرنا ببعض فصول هذه الثورة ورواياتها المحكاة ، يلقى اضواء من الأوسكار على صفحات مغيبة من تاريخ الاردن والاردنيين وهو ما لم تفعله اي جهة رسمية او مستقلة بهذه المناسبة القومية الكبيرة ، التي تمر علينامئويتها والامة تعيش زمانا عربيا يشهد تهاوى الوطنيات ، ويغيب عن أجياله الضائعة الوعي القومي والوطني فلم تعد هناك قيمة لكنوز من تضحيات الأسلاف من اجل الحرية والكرامة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى