د. المحامي حازم توبات .. أثر تفعيل قانون الدفاع على عقود الإيجار

سواليف – خاص
كتب الدكتور المحامي حازم توبات
هل مستأجرو المحلات التجارية التي مُنع اصحابها من استعمالها بسبب تفعيل قانون الدفاع في حل من التزامهم بدفع بدل الإيجار طيلة فترة المنع ؟

في ظل تفعيل قانون الدفاع والذي تم بموجبه إعلان حظر التجول وإغلاق المحلات التجارية, بدأ البعض يتساءل عن أثر حظر التجول على الالتزامات المترتبة على عقود الإيجار وخاصة عقود إيجار المحلات التجارية التي أُغلقت ابوابها تنفيذاً لهذا الحظر, وهل مستأجري هذه المحلات في حل من التزامهم بدفع بدل الإيجار المتفق عليه اثناء فترة المنع.
بعض الأراء ذهبت إلى القول إن مستأجري هذه المحلات في حل من التزامهم بدفع بدل الايجار, وقد كان سندهم القانوني بذلك هو المادة (11) من قانون الدفاع, والفقرة (1) من المادة (698) من القانون المدني.
حيث إن المادة (11) من قانون الدفاع تنص على إنه ( إذا تعذر تنفيذ أي عقد أو التزام بسبب مراعاة أحكام هذا القانون أو أي أمر أو تكليف أو تعليمات صادرة بمقتضاه أو بسبب الإمتثال لهذه الأحكام فلا يعتبر الشخص المرتبط بهذا العقد مخالفاً لشروطه بل يعتبر العقد موقوفاً إلى المدى الذي يكون فيه تنفيذ العقد متعذراً ويعتبر ذلك دفاعاً في أي دعوى أُقيمت أو تُقام على ذلك الشخص أو أي اجراءات تتخذ ضده من جراء عدم تنفيذه للعقد أو الإلتزام ) .في حين إن الفقرة (1) من المادة (698) من القانون المدني تنص على إنه (اذا صدر عن السلطات المختصة ما يمنع الإنتفاع الكلي بالمأجور دون سبب من المستأجر تنفسخ الإيجارة وتسقط الأجرة من وقت المنع).
هذه النصوص لا يمكن الإستناد إليها للإمتناع عن دفع بدل الإيجار المتفق عليه بالعقد , فهي تنظم وضع قانوني يختلف تماماً, فالمادة (11) من قانون الدفاع تتحدث عن حالة تعذر تنفيذ الالتزامات التعاقدية بسبب تفعيل قانون الدفاع وهذا يطرح التساؤل التالي: ما هي التزامات المؤجر وفقاً لعقد الايجار وبالمقابل ما هي التزامات المستأجر؟
إن التزامات الموجر تتمثل في تمكين المستأجر من الإنتفاع بالعين المؤجرة, وهذا الإلتزام لم يتأثر بسبب تفعيل قانون الدفاع, في حين إن من بين التزامات المستأجر أن يقوم بدفع بدل الايجار في الوقت وبالكيفية المتفق عليها بموجب العقد, وهذا الإلتزام قد يتأثر بسبب حظر التجول وإغلاق المحلات التجارية, فيتعذر والحالة هذه على المستأجر أن يسلم بدل الإيجار للمؤجر بالوقت والكيفية المتفق عليه, هنا جاءت المادة (11) من قانون الدفاع لتوفر حماية للمستأجر وتمنع المؤجر من أن يتذرع بإمتناع المستأجر من تنفيذ التزامه فيطالبه بفسخ العقد مثلاً أو أن يطالبه بدفع كامل بدل الأيجار عن باقي المدة العقدية, ولكنها لم تعط المستأجر الحق في أن يمتنع عن دفع بدل الإيجار المتفق عليه بموجب العقد.
أما الفقرة (1) من المادة (698) من القانون المدني المذكورة أعلاه فإنها تناولت حالة تعذر الإنتفاع الكلي الدائم بالمأجور بحيث يصبح من المتعذر أن ينتفع المستأجر بالعين المؤجرة (سواء إستغلالاً أو إستعمالاً) بشكل كلي, هنا والحالة هذه ينفسح عقد الايجار بقوة القانون ويتوقف المستأجر عن دفع الايجار من وقت حصول هذا المنع , وهذا لا ينطبق على عقود الايجار التي توقف الانتفاع بها جزئياً وبشكل مؤقت بسبب تفعيل قانون الدفاع, فالمؤجر وإن حُرم من استخدام هذه المحلات للغرض الذي استُئجرت من أجله وهو عرض بضاعته للتجارة فإنه بالمقابل ما زال ينتفع بالعين المؤجرة من حيث إنه ما زال يستغل هذه المحلات لحفظ بضاعته فيها ويحرم بالوقت نفسه المؤجر من استعمالها, ثم من ناحية أخرى فإن منع المستأجر من استعمال المحلات التجارية هو منع مؤقت يزوج بزوال الظرف الذي استلزمه.
إلا ّإن القانون بالمقابل قد وضع قواعد عامة يمكن اعتبارها حلول يمكن للمستأجر اللجوء إليها للتقلبيل من خسائره, فالمادة (205) من القانون المدني تنص على إنه ” اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها إن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إن‎ اقتضت العدالة ذلك . ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك .
فللمستأجر بناء على هذا النص أن يتفاوض مع المؤجر حول تخفيض بدل الإيجار اثناء فترة المنع استناداً إلى أن تنفيذ التزامه بدفع بدل الاجارة المتفق عليه اصبح مرهقاً له خلال هذه الفترة( فترة اغلاق محله التجاري) فإذا تعذر الوصول الى اتفاق بينهما جاز للمستأجر اللجوء للمحكمة للموازنة بين مصلحة الطرفين ولكي ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول وفقاً لمقتضيات العدالة.
وللمستأجر كذلك أن يفسخ العقد استناداً إلى نص الفقرة (2) من المادة (698) من القانون المدني التي تنص (واذا كان المنع يخل بنفع بعض المأجور بصورة يؤثر في استيفاء المنفعة المقصودة فللمستأجر فسخ العقد ويسقط عنه الأجر من وقت قيامه بإعلام المؤجر).
خلاصة القول إن النصوص القانونية لا تجيز للمستأجر التحلل من التزامه بدفع بدل الايجار المتفق عليه ولكنه تُجيز له اللجوء إلى القضاء للمطالبة بخفض بدل الإيجار أثناء فترة التعطل أو أن يقوم بفسخ عقد الإيجار.
ومما يجدر قوله في هذا المقام إنه في ظل هذه الظروف لا بد أن تبرز مسألة التضامن الاجتماعي والالتزامات الادبية والدينية التي جاء بها الشرع الحنيف استناداً إلى القاعدة الشرعية ” لا ضرر ولا ضرار” بحيث يتفق الطرفان على تخفيض بدل الايجار والتخفيف على المستأجر بصورة لا تلحق بالمؤجر ضررا بالغاً , خاصة إذا ما كان بدل الإيجار الذي يتقاضاه من المستأجر هو مصدر دخله الرئيسي. وعلى المؤجر كذلك أن يشعر بالظروف الحرجة التي يمر بها المستأجر وما لحق به من ضرر جراء تعطله عن عمله فيمهله حتى تتحسن ظروفه المالية إن لم يتمكن من دفع بدل الايجار آخذا بقوله تعالى “وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى