دع القلوب تقر / د . ديمة طهبوب

دع القلوب تقر

عجيب أمر القلب قد يبدو صاحبه بغاية الاستقرار والتماسك إلا أن في داخله مرجلا يغلي لا يلبث أن يشعل لهيب الاحتراق ببقية الأعضاء، فالقلب ملك والأعضاء تبع، إذا نادى لبت وإذا انهار تداعت وإذا ثبت تماسكت.
ولأن هذه المضغة صمام الأمان وعنوان البنيان حرص المولى أن تتماثل للشفاء وتتجلد للمصاب حتى عند ابتلائها فجعل من المقويات ما يعينها على العبور بأقل الكسور، إيمانا بالله يحمل على الصبر والشكر ورفقة تعبر معك نحو رحلة الجبر تذكرك إذا نسيت وتشد من أزرك إذا ضعفت
ولكن العنصر البشري بعضه سم وبعضه ترياق، بعضه مصيبة وبعضه غنيمة، بعضه هدم وبعضه بناء، بعضه محنة وبعضه منحة، بعضه ظالم وبعضه عون على الانتصار.
إن على المقتربين من القلوب ألا يقاربوها بسوء، فالقلوب حرمات مقدسة يأبى الله انتهاكها ويغلظ في عقوبة المجترئين،
إن على المقتربين من القلوب أن يفهموا نبضها فلا يقربوها إلا إذا كانوا حياة وقوة لها، فهل الإنسان إلا قلب؟
يوم ذكر الصحابي أصيل الرسول بما فقد في مكة من بلد وأهل ومرابع غناء هيج عليه شوقا مؤلما لم يكن يملك له وصلا ولا قربى ولا نفاذا فعاتبه المصطفى قائلا «ويها يا أصيل لا تشوقنا ودع القلوب تقر».
«دع القلوب تقر» توجيه نبوي رقيق لكل من يستفز ألما ويذكر بمصاب وينكأ جرحا أن يدع المكلوم وشأنه، فبه من البلوى ما يكفيه
لا تبحث عن صفحة طواها النسيان
لا تسأل عما لا يعنيك
لا تفتح بابا مغلقا
لا تعد بما لا تملكه
لا تؤجج نارا مشتعلة
لا تزيد الطين بلة
ودع القلوب تقر قرارها
قاربوا القلوب بالحسنى أو اتركوها لرب رحيم يؤنس كل وحيد ويصحب كل فريد ويقرب كل بعيد ويجبر كل كسر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى