حركة بلا بركة

#حركة بلا #بركة / #يوسف_غيشان

تعرفون نمل الأرض بالغ النشاط والحيوية، وهو كائن دائب الحركة والبركة، وينتزع لقمته رغما عن قسوة الطبيعة، وربما شاهدتم نملة تحمل حبة قمح او جثة جندب أكبر منها بثلاثين مرة على الأقل، وتسير بسرعة، لتلقي حملها في صوامع التخزين، لتعود وتعتل من جديد.
هناك نوع آخر من النمل، وهو النمل الذي يستوطن الشجر، يتشابه لحد التطابق ويتنافر لحد التفارق عن نمل الأرض: يتشابه في الحركة والنشاط والحيوية، ويتنافر في أنه لا يحمل معه شيئا، بل يقضي حياته (خيتّي ميتّي ..مثل ما رحتي مثل ما جيتي ) حسب تعبيرنا الشعبي.
السبب واضح، فنمل الشجر تتوفر لديه المؤونة طوال الفصول، فهو ليس بحاجة الى التخزين، حيث يعيش ثلاثة فصول على الأوراق والبراعم، وحتى الثمر، وفي فصل الخريف ينخر في ساق وفروع الشجرة، التي تعوّض ما نخره النمل في الربيع.طبيعة النمل النشطة تمنعه من الجلوس واضعا رجلا على رجل طوال العام…. فيصعد ويهبط طوال الوقت، ربما على سبيل ال «فتنس».
الكثيرون يشبهون، أو يتشبهون بنمل الشجر طوال حياتهم العملية، في الدوائر الحكومية، في الشركات، في بيوتهم، في حركة دائبة، لكن بلا بركة. وهم متوافرون ومتواجدون في مكان، ويختلفون قليلا عن نمل الشجر، في أنهم يعيشون بيننا، ويعيقون العاملين، ويعرقلون ماكينة الإنتاج، أينما كانوا…. ويا ليتهم يعودون الى الأشجار، أو يبتعدون عن المنتجين قليلا.
وهم متواجدون في تيارات المعارضة السياسية، ويتحركون بلا إنتاجية، لا بل يعيقون عمل المناضلين الشرفاء الذين يسعون الى التغيير الاجتماعي وإلى الإصلاح الوطني والقومي ولعل هذه أبرز مشاكلنا، ليس في الأردن فحسب، بل في العالم العربي بقضّه وقضيضه.
يا ما أكثرهم ويا ما أنشطهم على الفضائيات، كمحللين استراتيجيين وخبراء ومختصين، وما شابه ذلك من الألقاب التي تصرف لهم على شكل روشيتة مجانية من مقدمي البرامج، السياسية تحديدا. وحينما أرى واحدا منهم على الشاشة الفضية أتذكر قول الساخر العظيم جلال عامر، الذي قال:» كان نفسي أطلع محلل استراتيجي، ضغطوا عليي لأكمل تعليمي».
وتلولحي يا دالية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى