ثلاثة مشاهد

ثلاثة #مشاهد

مصطفى وهبي التل
المشهد الاول:
في بداية العام، نَشرت صورة لسيارة #حكومية ترتكب مخالفة على صفحتي في (الفيس بوك). السيارة، والتي كانت سيارة قاضي في المجلس القضائي الأردني، تجاهلت إشارة ممنوع المرور وسارت عكس السير! انتشرت هذه الصورة على أكثر من صفحة في (الفيس بوك) وحصلت على عدة تعليقات. أثارت بعض هذه التعليقات اهتمامي وقلقي. منها كانت التعليقات التي لم تدرك ما هي #المخالفة المرتكبة، هذا وبالرغم من تواجد إشارة ممنوع المرور بشكل واضح في الصورة. أين دور مراكز تدريب السواقة من هذا الجهل؟ كيف تخطت هذه الفئة امتحان رخصة القيادة؟
لكن التعليقات التي حقاً اقلقتني كانت التعليقات التي انطوت تحت بند (شو يعني) و(عادي). هذه التعليقات اعتبرت ما قامت به مخالفة #سيارة مجلس القضاء الأردني جزءاً من حياتنا اليومية وهذا بالرغم من أن معظم الدراسات تثبت أن السير عكس السير يعتبر من أهم أسباب الحوادث محلياً وعالمياً.
في أي دولة غير مندرجة تحت بند (مزرعة خاصة) تثير مثل هذه التعليقات القلق لدى المسؤولين وتشكل لجان وتقام دراسات لتدارك هذه المصيبة بكل معنى الكلمة. لكن طبعا هذا لم، ولن، يحصل هنا في مزرعة الأردن الخاصة.
كيف وصلنا إلى هنا؟ كيف أصبحت مخالفة القانون جزءاً من حياتنا اليومية؟
المشهد الثاني:
قبل شهر رمضان المبارك وعلى تقاطع الأمير فيصل (الدوار الخامس)، لم أتجاوز الإشارة بالرغم أنها خضراء لأن المسرب امامي لم يكن خاليا ولم أرغب في أن أساهم بزيادة الأزمة أمامي، بالتالي التزمت بالقانون الذي يفرض الانتظار حتى يصبح المسرب سالكا. لا أستطيع تكرار (المسبات) التي تعرضت لها في موقع إخباري محترم ولن أدخل في تفاصيل حركات الأصابع التي شاهدتها. لكن الملفت للنظر أن هذه (المسبات) وحركات الاصابع ونظرات الغضب لم يكن مصدرها فئة معينة. فهذه سيدة محجبة كبيرة في العمر تقود سيارة ثمينة تتعرض لعرض الوالدة، وهذا سائق يقود سيارة تتبع احدى التطبيقات يفتح شباكه و(يلعن) قائمة من أقاربي، وهذه صبية تقود سيارة كهربائية صغيرة تطلق العنان (للزامور) ثم تقوم بحركة بأصبعها، أما صاحب الشماغ المتقاعد والذي يقود سيارة مرسيدس قديمة فاكتفى بنظرة غضب مرعبة.
ماذا يحصل في بلدنا؟ كيف أصبح #الملتزم بالقانون هو المخطئ؟
المشهد الأخير:
مواطن يصلي صلاة الفجر في مسجد في مدينة أردنية. لم يدرك هذا المواطن أن صلاته هذه ستكون الأخيرة. ولم يدر في خلده أنه سيتعرض للقتل داخل المسجد، في بلد تدعى أنها بلد الأمن والأمان، حصرا بسبب التزامه بالقانون. هذا المواطن شهد شهادة حق في قضية امام المحاكم الأردنية. القضية لم تكن قضية فساد في الملايين ولم تكن قضية خاصة بمافيات المحروقات أو تجار المخدرات، كما وليس لهذه القضية علاقة بسلب مليارات المساعدات. القضية كانت قضية دهس لن يتعدى التعويض فيها بأقصى حالاته حفنة من الدنانير.
نعم، من أجل حفنة دنانير تعرض ابن البلد للقتل لأنه التزم بالقانون!
هل دق ناقوس الخطر في مزرعة الأردن بسبب هذه الجريمة البشعة؟
للأسف لا.
إذا استثنينا بعض المقالات هنا وهناك، سنجد أنها، كغيرها من الجرائم البشعة والمروعة التي اصبحت جزءاً من حياتنا اليومية، لم تحرك حتى مؤخرة مسؤول أمني عن المقعد في مكتبه.
الوضع خطير ولا يمكن انكاره. لدينا جيل كامل يعتقد أن الفوضى التي نعيشها اليوم هي الحالة الطبيعية. هذا الجيل لم يعرف المعنى الحقيقي للأمن والأمان ولم يعرف الهيبة الحقيقية للدولة. اليوم نحن في (طاسة وضايعة) لأن المسؤول أصبح يهمه حسابه البنكي، محليا إذا كان مسؤولاً صغيراً وفي الملاذات الأمنة إذا كان مسؤولاً كبيراً، ولم يعد يهمه مستقبل البلد.
للمسؤول الذي باع مستقبل البلد من أجل حسابه البنكي أقول: صحيح أن اليوم، ومن وراء ثمن سكوتك عما يحصل في البلد، تعيش حياة رفاهية. لكن إذا ضاعت البلد بسبب سكوتك، هل سيغطي ثمن سكوتك حياتك خارج البلد؟ ماذا بالنسبة لأبنائك؟ هل فكرت في احفادك؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى