تنبؤات بنزول حكومة النسور عن الشجرة والتراجع عن رفع الغاز بدلا من الترخيص..

فرح مرقة

تتراجع حكومة الدكتور عبد الله النسور في الأردن عن قراريها فيما يخصّ رسوم ترخيص المركبات ورفع سعر اسطوانات الغاز ام لا، باتت  المسألة الاقرب للحسم عصر الاحد عقب اجتماع من المفترض له ان يكون “خشنا” بين الرئيس النسور والنواب في دار البرلمان.

حسم المسألة لصالح النواب “جزئيا” هو الامر المتوقع خصوصا والحكومة من المفترض لها ان تلقي خطاب الموازنة خلال الايام المقبلة، والنواب قد كشّروا عن انيابهم بصورة تظهر الطرفين “على الشجرة” ولا بد من تنازل احدهما.

المستقر في الوجدان النيابي ان الدكتور النسور وعقب ما قدّم وزير الطاقة والثروة المعدنية مساء السبت اخيرا شروحات عن اسباب رفع الغاز، سيتراجع عن الرفع إلا انه لن يمسّ نظام الترخيص رغم كل التحفظات على الاخير، ولأسباب مختلفة.

بالنسبة لرئيس الوزراء الاسبق والمحنّك اقتصاديا سمير الرفاعي فإن مجرد العمل على سحب النقود من المواطنين بضرائب اكثر يعني بطبيعة الحال توقف العجلة الاقتصادية عن الدوران حسب ما فهمته “رأي اليوم” منه مباشرة، ما سيزيد من نسبة الركود في الاقتصاد، الامر الذي كانت الحكومة تستطيع تلافيه عبر فرض رسوم اعلى على السيارات الاعلى سعرا وليس تلك الاعلى في محرّكها.

قرار الحكومة فصّل السيارات وفقا لسرعة محركاتها وزاد رسوم ترخيصها لتصل الى ما يقارب 500 دينار إذا ما كان محركها ذو سرعة 4000 ccفأكثر، وتبدأ من 45 دينارا إذا ما كان المحرك 1600 cc، الامر الذي اغفل فيه صانع القرار برأي الرئيس الرفاعي شريحة المتقاعدين العسكريين والتي بدأت اساسا بالتململ.

العسكريون الاردنيون يرون انفسهم اليوم كمستهدفين، الامر الذي بدأ يظهر من تصريحات لهم هنا وهناك، رغم انهم بالعادة يلتزمون الصمت خصوصا بشكل فردي، الامر الذي يستطيع المراقب ان يراه من تصريحات العميد المتقاعد عباس الدبوبي، عن كون الشعب لا يحتمل مزيدا من التجني.

بالنسبة للخبراء، فإن الحكومة اتخذت قرارها دون تنسيق وبصورة تخطب ودّ صندوق النقد الدولي على وجه الخصوص، في محاولة منها (اي الحكومة) لـ”ترقيع″ عدم التزامها بالبرنامج المتفق عليه؛ الامر الذي كان يغنيها عنه وبصورة مقبولة لو انها زادت الرسوم على السيارات الاعلى سعرا وفق جمركها وسعرها الاصلي- يقول الخبراء- حتى لو وصلت الرسوم لـ 5000 دينار.

التوقيت اليوم ايضا لاعب حساس اكتشفته الحكومة متأخرة خصوصا اذ نتحدث عن مناقشة الموازنة في مجلس النواب، والتي بدأ الاخيرون اساسا بالتلويح بعدم السماح للحكومة بقراءتها، ما يعني مزيدا من الجلبة والتأزم بين الطرفين، وهو ما يدرك الرئيس النسور تماما انه مخالف على الاقل لخطاب العرش الاخير والذي كان واضحا فيه استياء عاهل الاردن من طريقة تعامل المجلسين معا.

الرهان في اللحظات الحالية وببساطة على “دهاء الرئيس النسور”، وفق ما وصفه به النائب المخضرم خليل عطية وهو يتوقع ان يتنازل الرئيس عن رفع جرة الغاز ما سيبدو انه تحقيق لمطلب الطبقة الاقل دخلا، في الوقت الذي يتوقع فيه عطية ان لا يتم تعديل رسوم الترخيص، رغم اتفاقه مع الرئيس الاسبق الرفاعي على انه كان لابد من دراسة القرار بحيث يمسّ الطبقة المرتاحة اكثر.

النواب اليوم سنّوا اسنانهم للانقضاض على النسور وطرح الثقة بحكومته، في الوقت الذي ما عاد فيه الشارع يستشعر جدّية الامر خصوصا والمجلس الممثل للشعب كثيرا ما تراجع عن مواقفه في السياق، والرئيس النسور من الحنكة بمكان ان يحتوي المشهد.

الاهم ان قصة رفع الاسعار المذكورة تمّت على غفلة من الجميع الاثنين الماضي، الا ان الحكومة لم تخرج لتبريرها الا بعد تفاعلات سلبية نجمت عن شعور الاردنيين باستعلائية من جانب الفريق الحكومي، كرّسها تصريح مؤذٍ اصدره رئيس ديوان التشريع والرأي عن “الفرق بين التبعير وحرية التعبير” الامر الذي ثار عليه الاردنيون.

رئيس الديوان الدكتور نوفان العجارمة كتب تعليقه على موقع فيسبوك الامر الذي عدّه الشارع استخفافا به وبمطالبه واحتجاجاته، ما ادى لتداعٍ جديد اليوم لاستئناف مسيرات الجُمع المطالبة برحيل الحكومة الاردنية الحالية.

المشهد معقّد بعض الشيء برأي سياسي محنّك كالدكتور ممدوح العبادي، الا انه متفائل باحتوائه ببساطة لكون الاستحقاق الدستوري لحل مجلس النواب ورحيل الحكومة بات قريبا بإقرار قانون الانتخاب الموجود حاليا لدى النواب انفسهم، ما يعني ان عناء ايجاد بديل عن النسور لن يجلب كلفته، الى جانب التوقع السائد بتنازل الفريق الوزاري لصالح الشارع، وبذلك يكون قد استفاد على الاقل من اقدامه على الخطوة المتعلقة بصندوق النقد، ما سيجعله يستطيع بالمبررات الحالية طلب مهلة اضافية.

بكل الاحوال، النواب يجتمعون عصر الاحد بالحكومة عقب اجتماعات مكثفة تحت عنوان “النزول عن الشجرة” الامر الذي بات مشهده شبه واضح، رغم حديث الرئيس الرفاعي واخرون عن كون اجراءات الحكومة تسهم في ايقاف عجلة الاقتصاد وسحب السيولة من الاسواق الامر الذي مضاره على الاقتصاد المحلي تضاهي تلك النفسية والاجتماعية المتأتية عن نقص السيولة لدى المواطن الاردني الذي اوصى به عاهل الاردن في خطابه الاخير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى