تغير المناخ.. يعيد فورة الجراد والأمل بالتربة للحد منه

سواليف
قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو» أن التربة ستساعد على مكافحة تغيُّر المناخ والتكيُّف معه، خاصة وأن الأثار السلبية لهذا التغير بدأت تزداد فبعد صيف حار، جاء شتاء حمل ويحمل أمطاراً الغزيرةً وأعاصير شكلت فيضانات وانجرافات في العديد من البلدان، والاخطر من ذلك تحذير المنظمة من قوة هذه الامطار التي ستؤدي إلى اعادة فورة الجراد خاصة مناطق شمال غرب إفريقيا، والقرن الإفريقي، واليمن.

التربة ومكافحة تغيُّر المناخ
يُمثل تغيّر المناخ تهديدا ًخطيرا للأمن الغذائي العالمي. يتعرض القطاع الزراعي بشكل خاص لآثار تغير المناخ وتقلبه؛ لذا فالتربة أساسية في النقاش حول كيفية معالجة قضية تغير المناخ.
يمكن للتربة الصحية أن تلعب دورا هاما في التخفيف من آثار تغير المناخ عن طريق تخزين الكربون (عزل الكربون) وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.
في نفس الوقت، الزراعة تسهم بشكل كبير في تغير المناخ من خلال انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. فإذا تمت إدارة التربة إدارة سيئة أو زراعتها من خلال الممارسات الزراعية غير المستدامة، يساعد ذلك على إطلاق الكربون من التربة في الغلاف الجوي على شكل غاز ثاني أكسيد الكربون والذي يمكن أن يسهم في تغير المناخ. وبسبب تكثيف إنتاج المحاصيل، عانت تربتنا من العواقب. والتحويل الثابت للأراضي من مراعي وغابات إلى أراض زراعية، أسفر عن خسائر تاريخية للكربون في التربة في جميع أنحاء العالم. في الواقع، تحويلات استخدام الأراضي وانجراف التربة العضوية للزراعة مسؤولان عن نحو 10٪ من مجموع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
من خلال استعادة التربة المتدهورة واعتماد ممارسات الإدارة المستدامة مثل تناوب المحاصيل، ومنع الحرث، والزراعة التي تراعي حفظ الموارد، والحراجة الزراعية والزراعة الإيكولوجية، فهناك احتمال لخفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري من الزراعة، وزيادة تخزين الكربون وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

تحذير من فورة الجراد
جراء الأمطار الغزيرة
حذرت «فاو» مؤخراً من أن الغزارة غير الاعتيادية للأمطار الواسعة النطاق التي سقطت مؤخراً في شمال غرب إفريقيا، والقرن الإفريقي، واليمن من الممكن أن تساعد على تكاثر الجراد الصحراوي مؤكدةً أن هنالك حاجة إلى الرصد الدقيق على مدى الأشهر الستة المقبلة لمنع هذه الحشرات من تشكيل أسراب مدمرة.
وقال خبراء المنظمة أن الحالة العامة في البلدان المتأثرة عادةً بالجراد الصحراوي ظلّت هادئة على الأكثر خلال تشرين الأول ولم يُكتشف سوى نشاط تكاثر محدود النطاق. لكنهم لاحظوا أيضاً أن الوضع قد يتغير، ويُعزى ذلك جزئياً إلى تأثير ظاهرة «النينيو» في إفريقيا والإعصارين المدارين «شابالا» «وميغ» في شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي.
وأكد الخبير كيث كريسمن، كبير أخصائيي تنبؤات الجراد لدى «فاو»، أن «الظواهر الجوية المتطرفة، بما في ذلك الأمطار الغزيرة لديها القدرة على إحداث طفرة هائلة في تزايد الجراد، حيث يوفر المطر تربة رطبة لوضع بويضات الجراد، التي تحتاج بدورها إلى امتصاص الماء في حين تساعد الأمطار على نمو النباتات كغذاء ومأوى».
وأضاف أن» الآثار التي يمكن أن تترتب على تفشي الجراد يمكن أن تصبح مدمرة للمحاصيل والمراعي، وأن تهدد بالتالي الأمن الغذائي وسبل المعيشة الريفية».
وما أن يصل الجراد إلى مرحلة الطيران حتى تضم أسرابه عشرات الملايين من الحشرات المكتملة النمو، القادرة قطع مسافات تصل إلى 150 كم يومياً في اتجاه الرياح. وتقوى الجرادة الأنثى الواحدة على وضع 300 بيضة خلال دورة حياتها، في حين أن الجراد الصحراوي المكتمل النمو قادر على أن يلتهم يومياً ما يعادل وزنه تقريباً من الغذاء الطازج- نحو غرامين يومياً- ويستهلك سرب ضئيل نسبياً من الجراد في اليوم الواحد نفس كمية الغذاء التي يتطلبها نحو 35000 شخص.
ويشار إلى أن المنظمة واصلت مراقبة الأوضاع في شمال غرب إفريقيا حيث هطلت أمطار غزيرة على نحو غير معتاد في أواخر تشرين الأول فوق مساحة واسعة من شمال موريتانيا، وبالمناطق المتاخمة للصحراء الغربية وفي جنوب المغرب وغرب الجزائر وجنوب غرب ليبيا.
وفي منطقة القرن الإفريقي يُتوقَّع أن تهطل أمطار أعلى من المتوسط تحت التأثير القوي لظاهرة «النينيو» الجوية، فوق شمال الصومال خلال الشتاء الجاري والربيع القادم. وفي تلك الحالة، فلسوف تصبح الظروف البيئية مواتية لتكاثر الجراد في الساحل الشمالي الغربي والهضبة الصومالية.
كذلك، هطلت أمطار غزيرة مرتبطة بإعصار «شابالا» المداري بالمناطق الساحلية والداخلية من جنوب اليمن في مطلع تشرين الثاني، وليتبعه عقب أسبوع واحد إعصار «ميغ» المداري الذي أثر أيضاً على شمال شرق الصومال. وتسببت سيول الأمطار الغزيرة في هذه المناطق والتي تجاوزت بكثير متوسط التهطل السنوي، في فيضانات وأضرار طيلة العام.
وفي مناطق التكاثر الشتوي على جانبي البحر الأحمر، بدأت الامطار الموسمية تسقط في مطلع تشرين الأول، أي في فترة أبكر قليلاً من المعتاد. وإن تواصلت الأمطار سيصبح هنالك وقت كاف لتكاثر جيلين من الجراد خلال العام الجاري بالمناطق الساحلية من السودان، وشمال إريتريا، وجنوب شرق مصر، والمملكة العربية السعودية، واليمن.
وتُعدّ الوقاية أساساً من خلال الإنذار والاستجابة في وقت مبكر، مفتاح الحد من مدى التهديد الممكن للجراد الصحراوي على المناطق الزراعية. والمعتاد عقب هطول الأمطار الغزيرة أن تجري البلدان المتأثرة عمليات مسح ميدانية على نحو منتظم، لرصد ظروف التكاثر روتينياً وتقييم إمكانيات حدوث غزو جرادي. وفي حالة اكتشاف مناطق موبوءة ذات دلالة، لا بد من تنفيذ عمليات المكافحة تجنباً للمزيد من التصعيد في أعداد الجراد. ومن الأهمية بمكان الإبلاغ عن نتائج عمليات المسح والمكافحة الجارية بسرعة بالغة ودقة عالية، لكي يتسنى اتخاذ قرارات فورية من جانب البلدان المجاورة منعاً لتواصل انتشار الجراد وتوسعه.
وبينما يُعتقد أن هذه التدابير لعبت دوراً مهماً في خفض وتيرة ومدة فاشيات الجراد منذ الستينات، فإن تغير المناخ يؤدي اليوم إلى تبدلات في حالة الطقس لا يمكن التنبؤ بها… كما يفرض تطرف الأحوال المناخية تحديات مستجدة بالنسبة لكيفية مراقبة النشاط الجرادي.
وإذ تنخفض أعداد الجراد خلال فترات الجفاف، فغالباً ما يتبع وقوع الفيضانات والأعاصير حالاتُ تفش للجراد. وإن لم تُواجَه هذه الفاشيات فمن الممكن أن تفضي إلى اجتياح وبائي. ومن ناحية أخرى، تؤثر درجات الحرارة على نمو الجراد ويمكن أن يُقصّر ارتفاع درجة الحرارة من فترات الحضانة والنضج، ويؤدي إلى زيادة عدد أجيال الجراد في السنة الواحدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى