يوميات حمار عربي اصيل / صهيب حلايقة

يوميات حمار عربي اصيل
استيقظ الحمار العربي الاصيل في يومه المعتاد و اخذ يغتسل بالماء المُسخن بالطاقة الشمسية النظيفة ورغم كلفتها فان ذلك لن يؤثر على حالته المادية غير متردية بشيء ، فقد ورث من ابيه ارضا كبيرة كان يحرثها بالقدم اما الان فان العمال الوافدين لهم تُوكل المهمة ، وكأي صباح اخر فقد اعتاد الحمار على شرب قهوة عربية اصيلة لا تقل عن مقدار اصالته شيئاً ، و جلس يفتح حسابه “الفيسبوكي” يتفقد خمسة الف من اصدقاءه المُضافين لديه وأضف عدداً لا محدوداً من مُتابعين تعثر حظهم في اضافة مُتاخرة في الميعاد ! يبدا الحمار بادراج صورة لحمار بوجه كلب يكتُب عليها “لا تخرج قبل ان تقول سبحان الله!” لتنسال الاف مؤلفة من الاعجابات و التعليقات و المشاركات لمنشور لا يحمل من الدين سوى اساءته وتشويه سمعته ومكانته .
و لان السياسة شغل الحمار الشاغل بعد ان نسي كيف تحرث الارض ، فان اراءه السياسية محط اهتمام الجمهور المُتعطش لتحليلٍ او راي مسروق من مكان بعيد لشخصٍ سياسي غير معلوم ، لتبدا تعليقات المؤازرة و التصفيق والمدح للراي و وجهة النظر البعيدة عن كل ناظر! وبعد ذلك يخرج الحمار من البيت مرتديا عباءة فخمة تزيد من قيمته شيئا كثيرا عند ناظريه، و يكتسي ببعض الادوات المخصصة لشد نظر المتحدث اليه كي يشتت انتباهه خلال أي حديث غير مهم اطلاقا ، و يبدأ جولته متفقدا اعماله و املاكه و بعضا من عُماله، ليمر على الفلاحين البسطاء الذين ما ان يروه حتى يبدأوا بالسلام و الدعاء له بالابتسامه الملوثة بسماد الارض وترابها ، كل ذلك ولم تمضِ دقائق على حوارهم اليومي المُدججِ بالقهر و الاستياء من الاجر الزهيد ومطالب العمل التي في كل يوم تزيد دون اي انصاف لحقوقهم او مراعاة لاوضاعهم .
ولان شعبية الحمار الاصيل في تزايد مطرد بين كافة فئات المجتمع اللاحيواني ، قرر الترشح لانتخابات الشعب ليكون مُمثلا عنهم في البرلمان ، وتزينت الشوارع بصوره و شعاراته الوطنية الرنانة ، فترى له صورة معلقة في الهواء تُظهره مُتوسِطاً جمعاً مِن الاطفالِ الايتام او العمال الكادحين او اي فئة مجتمعية مسحوقة تكون الصورة بينهم مصدراً للشعبية و الشهرة ، وتستمر الشعارات تسير بين الطرق و الشوارع لتبين مدى حبه للشعب عموما و الفقراء خصوصا و حلمه في تحرير فلسطين و الاكل من برسيم سهولها و وديانها.
وتماما ،كما جرت العادة في بلداننا العربية فاز الحمار العربي وباكتساح وفارق غير معلوم عن منافسه القريب ! وبدأت التهنئة و المباركات المحملة بأثقل عبارات النفاق و التدليس الاجتماعي تنهال على المرشح الفائز من ابناء مجتمعه الحيواني من مختلف البلدان و المناطق متمنين له مسيرة سعيدة في ظل اوضاع دولة عربية غير سعيدة بفوزه اطلاقاً .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى