بيان صندوق النقد الدولي

بيان صندوق النقد الدولي
أحمد عوض

لا يختلف الكثيرون من الفاعلين والمراقبين رسميين وغير رسميين على أولويات الإصلاح الاقتصادي وأهمية العمل بشكل حثيث للخروج من الأزمة التي يعيشها اقتصادنا الوطني بأسرع وقت.
لذلك لا جديد في البيان الصحفي الذي أصدره رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بعد انتهاء زيارته للأردن نهاية الأسبوع قبل الماضي، حيث أكد على ما جاء في بيانات بعثات سابقة للصندوق، من أن أولويات الأردن للسنوات القادمة تتمثل في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ودعم النمو الاقتصادي وخلق الوظائف وتعزيز الحماية الاجتماعية.
المشكلة تكمن في طبيعة السياسات الواجب استخدامها للخروج من هذه الأزمة المركبة، حيث يركز خبراء الصندوق على أولوية تخفيض الانفاق العام ومنها فاتورة الأجور في القطاع العام (دون الدخول في تفاصيل هذه الفاتورة)، وكذلك تخفيض بعض أوجه الانفاق الاجتماعي، بينما ننظر الى جانب آخرين الى نتائج هذه السياسات على المستويات المعيشية للغالبية الكبرى للمواطنين، ودرجة تمتعهم بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وقدرة هذه السياسات على تحقيق الاستقرار الاجتماعي.
وفي الوقت الذي طالب فيه الصندوق في بيانه الذي صدر منتصف الأسبوع الماضي بتخفيض كلف الكهرباء على قطاع الاعمال لتعزيز تنافسيته، ودعمه لخريطة الطريق لقطاع الكهرباء -التي لم تعلن رسميا حتى الآن- طالب الحكومة بوقف الخسائر التي تتعرض لها شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو)، الأمر الذي يرجح أن ينتج عنه الغاء الدعم المقدم لشرائح الاستهلاك الصغير التي تقل عن 160 كيلو واط شهريا، ما يعني ارتفاع اسعار الكهرباء على المواطنين.
كذلك الحال، بالنسبة للسياسات الضريبية، ففي الوقت الذي أبدت فيه بعض المصادر الحكومية نيتها اجراء تخفيضات على معدلات ضريبة المبيعات على بعض السلع، أبدت بعثة الصندوق تخوفها من أن يؤدي ذلك الى زيادة عجز الموازنة، ما لم ينعكس ذلك على زيادة إيرادات ضريبة الدخل.
ونأمل في هذا المجال أن تتجرأ الحكومة بإجراء تخفيضات ملموسة على الضريبة العامة على المبيعات، وعدم الالتفات الى مخاوف الصندوق وبعض الخبراء الأردنيين المتخوفين من آثار هكذا خطوة، لأن هذا التخفيض سيؤدي الى دفع عجلة الاقتصاد والخروج من حالة التباطؤ الاقتصادي التي نعيشها، وبالتالي سيؤدي الى خلق فرص عمل جديدة وزيادة عائدات ضريبة الدخل اذا ما كانت آليات التحصيل فعالة.
كان المفاجئ في بيان صندوق النقد الدولي اشادته بالتعديلات التي أجريت على قانون الضمان الاجتماعي مؤخرا والتي حرمت فئات الشباب من أهم الحمايات الاجتماعية التي كانت موجودة في القانون قبل التعديل، وهذا يتعارض بشكل مباشر مع المعايير الدولية الدنيا للضمان الاجتماعي من جهة، ويتعارض مع هدف تعزيز الحمايات الاجتماعية التي تطالب به أدبيات الصندوق بشكل دائم من جهة أخرى، وتم التأكيد عليه في البيان الأخير.
ولأن مفاوضات تطوير برنامج اقتصادي جديد للأردن للسنوات الثلاث القادمة بدأت بين الصندوق والحكومة، مطلوب من الحكومة أن تتعامل مع هذا المسار التفاوضي بشفافية عالية، وأن تفتح حوارا مع مختلف مكونات المجتمع حول السياسات الاقتصادية التي ستلتزم بتنفيذها، وتقييم أثرها على المستويات المعيشية للمواطنين وعلى القطاعات الاقتصادية المختلفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى