بوارج المطازيز

#بوارج_المطازيز / #يوسف_غيشان

أجرى العلماء بحوثاً عن معدل ما يأكله الإنسان العاديّ طول حياته ، فوجدوا أنه يأكل 20 طنّاً من الخبز و حمولة سيارتي شحن كبيرتين من البطاطا ، وما يساوي حجم أربعين بقرة من اللحوم ، وأربعة آلاف كلغم من السكر ، و ألف كلغم من الملح .. وما إلى ذلك من كيلوات وأطنان وأمتار ودونمات .
بالطبع فإنّ هذا هو المعدل العام الذي يجمع الفقراء بالأثرياء، وعلى أرض الواقع هناك الملايين من البشر من يزدرد أضعاف هذه الكميات، إضافة إلى أنواع أخرى من أصناف طعام وشراب أخرى لم تصل مسمّياتها بعد إلى العلماء الذين أعدوا البحث، وهناك فقراء لن يحلموا بأكثر من عُشر هذه الكمية طوال حياتهم البائسة.
تخيلوا لو أردنا تقدير حجم ما أزدرده أحد الأثرياء، نتخيّل أولاً (120) دونما من الكنافة وغيرها من الحلويات الممدودة في السدور، ناهيك عن 78 كلمتراً طوليّاً من أصابع زينب، وحمولة سفينتين من الزلابيا وأربعة بوارج من المطازيز، وبحيرة كاملة من الشوكولاتة .. أما في مجال اللحوم والشحوم والرز ، فلن تحمل هذه الكميّات سفينة نوح بقضّها وقضيضها ، وسوف تغرق في الرمال ، قبل أن تغرق في المياه ، خلال عمليات التحميل .
العدالة الاجتماعية والإنسانية معدومة في هذا المجال، وهي مجرّد نظرية أو نظريات تحدثت عنها الأديان السماوية وغير السماوية، فيما اعتمدت النظرية الشيوعية هذه الفجوة بين الأغنياء والفقراء، لتضع فيها مولودها البكر .. الماركسية .
بالطبع هناك إيجابيات كبيرة جداً ومثمرة جداً، إذا ما تمّ توزيع الثروات بعدالة، لكن هذا الأمر لن يستمر طويلاً، وخلال أقل من 5 سنوات سيعود الفقراء أكثر فقراً والأغنياء أكثر ثراء، ويعود التفاوت في حجم الطعام والشراب المستهلك، كمّاً ونوعاً، إلى ما كان عليه قبل عملية التوزيع، و ربما أكثر .. لأنّ معظم الفقراء سينفقون المال على إشباع جوعهم المزمن للطعام، فيما سيقوم الأغنياء (سابقاً) بالتوفير وفتح مشاريع صغيرة تتحوّل خلال السنوات إلى مشاريع احتكارية كبرى، كما كانت.
الإنسان الحالي اعتاد على المنافسة لدرجة أن الصراع والقتال صار جزءاً من تركيبه الوجداني، وأصبح لعبته الجميلة التي تجعل الحياة مشوقة بالنسبة إليه، ولن يستبدل هذه المتع بعدد من بواخر الرزّ البرياني، أو آلاف الشلايا من البعارين والخرفان والأبقار والحيتان.
سوف يستمرّ الإنسان في ابتكار منظومات الموت والسيطرة على الآخرين ، حتى يملك ما يملكونه رغماً عنهم ، ويحرمهم من الأرض والمأكل والمشرب ، وربما الحياة، رغماً عنهم .. و يحلّ محلّهم رغماً عنهم .. وخلال السعي لتحقيق هذه الأهداف سيقوم بالاكتشاف والابتكار وتحسين شروط الحياة.
إنه الإنسان .. هذا الوحش الجميل !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى