#بلا_مجاملة

#بلا_مجاملة
د. هاشم غرايبة

الحديث فلسطينيا وعربيا عن إيجاد رأي دولي معارض لـ “صفقة القرن”هو مجرد فقاعات إعلامية لا أكثر، وتنفيسات للتخفيف من حنق الجماهير على استكانة الأنظمة العربية للعدو، ولإيهامها بأنها تبذل قصارى جهدها للتصدي له.
قبل عشرين عاما استمعت لمحاضرة لأحد قياديي منظمة التحرير وهو يتحدث عن آفاق حل القضية الفلسطينية سلميا، وانصب حديثه على أن جوهر عملية السلام هو ضمان قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية، وأنها مكسب كبير للفلسطينيين في ظل غياب إمكانية أو نية للعرب لتحرير فلسطين، بعد أن أنهى، سمعت سؤالا جانبيا من أحدهم له: هل تعتقد بإمكانية قيام هكذا دولة؟، فرد ليس لدي أمل إطلاقا بذلك، فعاد وسأله: لماذا إذاً تغرقون الناس طوال الوقت بالحديث عن هذه الدولة، فرد قائلا: إذا لم نتحدث بذلك فما هو مبرر بقاء السلطة الفلسطينية!؟.
ربما كانت إجابته تفسر كل ما يحدث من مسرحيات المفاوضات والمبادرات واللجنة الرباعية ومبعوثي السلام، وأضف إليها الجولات السياحية التي يقوم بها الزعماء العرب في أقطار الأرض، بذريعة تحريك عملية السلام، والحديث المكرور الذي لا زبدة فيه عن حل الدولتين.
فكل حديث من هذا النوع ما هو إلا لتبديد الوقت الفارغ الذي تعيشه هذه الأنظمة التي لا تملك زمام أمرها ناهيك عن زمام أمور الأمة التي تمثلها، لذلك تشغل الناس بأحاديث تؤملهم بأن زعماءهم مهتمون بقضية الأمة الأولى، فيما هم منشغلون بما يجمعونه من ثروات.
هل ذلك يبعث على اليأس والقنوط، وبالتالي الإستسلام للأمر الواقع!؟.
أنا أرى العكس، فضياع الوقت في آمال خادعة لا ينفع غير تجار النكسات والمستثمرين في الهزائم، وهؤلاء لا ينتمون الى الأمة فوطنهم ثرواتهم، لذا لن يهتموا بالدفاع عن الأمة ولا التضحية من أجلها، أما الشعوب فهي عشب الأرض المتمسك به، وهي التي تدافع وتضحي.
لذلك فانكشاف الحقيقة ليس ضارا وإن شكّل خيبة أمل لها، لأنه يدفعها للبحث عن خيارات أفضل بكثير من المراهنة على الأنظمة الخائبة، وما بيد هذه الشعوب كثير:
إن الشرع يوجب الجهاد على أهل بلد دخله عدو، فإن لم يقدروا على دفعه، فعلى مجاوريهم أن يهبوا لنجدتهم، وهكذا تتسع الدائرة لتشمل كل الأمة لرد الصائل على حماها.
أولا: يجب على الفلسطينيين أن يتعلموا درسا من أن التخاذل والتعاون مع العدو لن يستعيد أرضا ولن يعيد كرامة.
ولننظر لما أنجزته السلطة الفلسطينية خلال ربع قرن: هل قرّبت التحرير؟..هل حمت الأقصى؟، هل أوقفت بناء جدران الفصل، أوإنشاء البوابات والحواجز على مداخل البلدات؟، هل أعاقت الإستيلاء على الأراضي في الضفة؟، هل حمت بيتا من الهدم أو اعترضت على قلع أشجار أو تخريب مزروعات؟
بالمقابل، ورضوخا لإملاءات العدو بإضعاف المقاومة المسلحة، عبر تعميق الإنقسام واعاقة المصالحة، وبـ “التنسيق الأمني” كانت باعتراف “عباس”مجرد مخبر رخيص: “قدمنا لهم معلومات ما كانوا يحلمون بالحصول عليها”، مما أدى الى اعتقال او اغتيال الأشخاص المطلوبين للعدو.
فماذا قدمت هذه السلطة إلا امتيازات لأشخاص قيادييها؟.
لذلك فسلطة أوسلو يجب أن تسقط شعبيا إن لم تحل نفسها رسميا.
ثانيا: يجب تخلي الفصائل الفلسطينية عن اصطفافاتها التافهة، وأن ينضموا الى الصادقين المتمسكين برفض التخلي عن فلسطين، ليلتف الجميع حولهم، وهكذا تتوسع دائرة المقاومين لتشمل الفلسطينيين جميعا، عندها تتوسع دائرة المشاركين لهم من كل المؤمنين في الأمة بفريضة الجهاد..وهم بالملايين.
القاعدة التي لا شواذ لها، أنه لم يغادر محتل أرضا تكرّماً، بل إكراهاً، ولم ينل شعب حريته بلا تضحيات…لذلك فهذا هو الحل الوحيد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى