بسام بدارين / قصة «التدريب الداعشي» لأطفال الأردن… آخر طلقة في جعبة خصوم الإخوان المسلمين أم تعبير عن «أزمة» القرار الرسمي؟

لا يمكن معرفة ما إذا كانت مجرد مناورة تلك المتعلقة بسعي الإعلام الرسمي الأردني لاتهام الإخوان المسلمين بإنشاء معسكرات تدريب «داعشية « للأطفال عشية الانتخابات أم أنها حجة المفلس وردة فعل على استسلام المنطق الرسمي للتحليل القائل بأن الإخوان هم أبرز اللاعبين ميدانياً وشعبياً في المرحلة الانتخابية مقابل «فراغ كبير» في كل الجبهات التي يفترض بها مواجهتهم او منافستهم.

الموقف وحصرياً بخصوص «الحصة المتوقعة» للتيارات الإسلامية في برلمان الـ20 من الشهر الجاري يزداد غموضاً وتعقيداً.

في الأثناء يفاجئ الإعلام الرسمي والمواقع المقربة من السلطات الرأي العام المحلي بنشر صور تتعلق بمعسكر للأطفال قيل ان الإخوان المسلمين يشرفون عليه في احد أطراف العاصمة ويتضمن تدريبات عسكرية على الطريقة «الداعشية»، هذا حصرياً ما يقوله الخبر المرفق بالصورة دون اي قرينة على مسؤولية الإخوان الفعلية عن المشهد.

الأدلة المقنعة وذات المصداقية ليست مهمة في هذا السياق فالصور المنشورة تتحدث ببساطة عن أطفال في سن ما قبل المراهقة بصدور عارية يلعبون بالتراب ويتقافزون هنا وهناك وتغطس رؤوس بعضهم بالمياه من قبل شخص مجهول.

مقالات ذات صلة

يفترض بالصور أنها تمثل معسكراً إخوانياً لتدريب الأطفال عسكرياً لكنها لا توضح ذلك إطلاقاً حتى ان أعتى خصوم التيار الإخواني من السياسيين ومن كل الفئات الحزبية هاجموا النشر الفاضح غير النزيه لهذه القصة.

بكل الأحوال الأهم من الصور نفسها ونشرها هو الإجابة على سؤال يتعلق بأغراض وأهداف الجهة التي اصطادت هذه القصة وحاولت تعميمها ولماذا؟
طبعاً لا تملك الحكومة اي جواب مباشر ويمكن ببساطة ملاحظة ان قصة المخيم الكشفي العسكري الإخواني إندلعت بعد ساعات فقط من إعلان التحالف الانتخابي الذي يقوده الإخوان المسلمون عن حفل إشهار قوائمه الترشيحية وفي المدرج الروماني وسط العاصمة عمان.
الهدف الباطني الذي يمكن إفتراضه ان تعميم ونشر هذه الصور يفترض ان يخيف الرأي العام ويحد من تحكم الإسلاميين وتحالفهم بالأصوات الانتخابية قبل نحو ثلاثة اسابيع من يوم الاقتراع.

في رأي الخبراء لا يمكن تحقيق مثل هذا الهدف بكفاءة ليس فقط لأن قصة تدريب الأطفال عسكرياً غير ممكنة ولكن لأن نشطاء معارضين للإخوان المسلمين على وسائط التواصل أعادوا نشر تدريبات مماثلة تماماً بل أعنف للشباب الصغار والفتيان في مخيمات كشفية تحمل إسم الملك الراحل حسين بن طلال وتشرف عليها مؤسسات رعاية الشباب.

اللافت في السياق انه لا يوجد اي من بين أصحاب الأقلام الصحافية الثقيلة او التي يعتد بها من يهاجم الإخوان المسلمين والتخصص في مهاجمتهم تحتكره بعض الأقلام الواعدة في صحيفة «الرأي» الحكومية فيما تتجاوب بعض المواقع الإلكترونية وتعيد نشر اي بضاعة مخاصمة للإخوان المسلمين.
بطبيعة الحال يقدر كثيرون بان هذه المحاولات للمساس بالإخوان المسلمين وتشويه صورتهم الإجتماعية وإظهارهم بصورة المضاد للدولة والقانون عشية الانتخابات قد ينتهي بتأثير عكسي تماماً خصوصاً في اعماق المشهد الانتخابي، الأمر الذي يدفع بعض خصوم الجماعة «تياراتياً» للشك فعلياً بوجود مخطط رسمي تقوده صحـف حكـومية لزيادة فرص وحـظوظ الإخـوان المسلمين بالانتخـابات المقـبلة ولأغـراض سيـاسية.

عبر بعض الساسة المحسوبين على الدولة في جلسات ضيقة مؤخرًا ومرات عدة عن تقديرهم بأن السلطة تسعى للتحالف مجدداً مع الإخوان المسلمين عبر البرلمان المقبل لأغراض سياسية تشبه أغراض توقيع إتفاقية وادي عربة عام 1994.

مثل هذا الرأي برز على هامش ندوة مغلقة لجمعية الشؤون الدولية لتكريم رئيس الوزراء الأسبق عبد السلام المجالي كما برز على هامش مناقشات لها علاقة بأركان السياسي البارز والوزير المخضرم الدكتور رجائي المعشر أحد ألد خصوم التيارات الإسلامية في معادلة النخبة الأردنية.
عليه يمكن الاستخلاص بأن قصة «التدريب الداعشي الإخواني» للأطفال في الأردن بطبيعتها المفبركة زمنياً قد تكون الطلقة الأخيرة في جعبة الطبقات المستاءة في الحكم والإدارة من تداعيات قانون الانتخاب الجديد الذي قفز بتحالفات الإسلاميين للواجهة مجدداً ويهدد بسيطرتهم على سلطة التشريع او حصة نافذة لهم في هذه السلطة.

ونقول الطلقة الأخيرة لأن الوقت المتبقي للانتخابات يتقلص.

ولأن- وهذا الأهم- الاستـنتاج محتمل تحت عنوان اعتبار اللعب بقصة التدريب العسـكري الإخـواني للأطفال تصبح عملياً تعبيراً عن أزمة داخل مؤسسـات الدولة نتجت عن ضعف استعداد الصف الرسـمي للانتخابات المتسارعة وعن اكتشاف جاهزية لم تكن متوقـعة عند التنظيم الإخـواني للمشـاركة وبقـوة وبفعالية وعبر التحالف الوطني للإصلاح. هذا تماماً ما يلمح له القطب الإخواني الشيخ زكي بني إرشيد وهو يعلن «ندرب الأطفال بطريقة داعش.. إلعبوا غيرها».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى