اسرائيل دخلت في حرب استنزاف في سوريه

اسرائيل دخلت في حرب استنزاف في سوريه
فؤاد البطاينة
يبدو أن قرارا قد اتخذ في إطار توافق حساس بشن اسرائيل لحرب استنزاف في سوريه تستهدف الوجود المناهض لدولة الإحتلال، وإبقاء سوريه في حالة انعدام لوزنها السياسي والعسكري. وحرب الاستنزاف لا يوقفها الا الردع وإمكانيته موجوده. لكن تفعيله ليس بالأمر السهل في المعادلة السورية. فهو مرتبط بالنضوج السياسي الذي يمتلكه محور المقاومه وإيران بالذات. التي استطاعت شق طريقها بين النقطة والنقطة تحت مطر هاطل لم يتوقف منذ عقود.وهذا ما يطغى على التسرع وردات الفعل.
سوريا هي تحت الحماية الروسيه. وتحالف روسيا معها يبدو أنه لا يخرج عن استراتيجية ومكتسبات هذا الاطار الذي لا تربط فيه الدولة الحامية مصالحها بمصالح المحمية. والمشاهدات الميدانية تشير الى أن سياسات روسيا في سورية هي مرحلية بدأت عند مهمة الدفاع عن شرعية النظام وبقائه وحمايته من المتطلعين للقضاء عليه. وما انتهت اليه المشاهدات الميدانية يعطي الإنطباع بأنها كانت حليفة للنظام السوري وليس لسوريا الوطن والشعب والقضية. ولا هي مهتمة بإعادة سوريا لما كانت عليه مع أن كل الظروف أصبحت متوفرة لذلك. وليس بالضرورة أن يكون النظام الذي تحالفه هو بعنوان بشار الأسد دائما.
لقد استطاعت روسيا بزخمها العسكري والسياسي وتحالفاتها القوية مع معسكر المقاومة أن تقنع أمريكا واسرائيل وكل العرب المتأمرين على النظام السوري بالاستسلام، طوعيا كان هذا الاستسلام أو فشلا ويأسا. فلماذا لا تستطيع اليوم معالجة الهجمة الاسرائيلية واعتداءاتها العسكرية على سوريا وتسويتها بالطرق السياسية والدبلوماسية المختلفة مثلا، وإن عجزت لماذا لا تؤهل الجيش السوري بالتقنيات العسكرية التي تمكنه من الدفاع عن سورية في مواجهة مسلسل العدوان الصهيوني غير المبرر، وهي تعلم بأنه ليست هناك جهة في سورية ترمي رصاصة على اسرائيل سوى للرد أو للدفاع عن النفس.
لقد انتهت دواعي الخطر على النظام السوري بهزيمة المعارضة ومعها كل التنظيمات التي حشدتها امريكا ودول الخليج المعروفة وذلك من خلال حرب ضروس قادتها روسيا، وما كان لروسيا أن تربح هذه الحرب دون مساعدة ايران وحزب الله كقوات على الأرض. واليوم تعتقد روسيا أن المهمة الايرانية انتهت. وليس من المنطق أن نعتقد نحن بأن روسيا ما زالت بحاجة أو راغبة بالوجود الايراني وحزب الله في سوريه. فايران حليف قوي لسورية وأقرب للنظام السوري من روسيا، ومتمسكة بالبقاء على الأرض السورية بشرعية النظام ولها أهداف تتخطى الاستراتيجية الروسية في سوريا. فهي المنافس القوي للنفوذ الروسي وقبضته على سوريا.
وعلينا أن ندرك بأن الوجود الروسي في سوريه واستقراره هو برضا امريكي واسرائيلي. وما كان لهذا أن يكون بهذه السهولة لولا تفاهمات وتطمينات روسيه لاسرائيل. ومن غير الممكن أن تأخذ روسيا على عاتقها مسألة اخراج ايران من سوريا كحليف سابق سواء بالدبلوماسية أو بالقوة. فلا اسرائيل ولا روسيا قادرة على خوض معركة ناجحة لتصفية وجود حزب الله أو ايران على الأرض السورية. فالمسألة معقده. ولهذا السبب بدأت اسرائيل بشن حرب استنزاف بصمت روسي وباعتقادي بتواطؤ روسي ولا استبعد إطلاقا صرف روسيا لنفس تلك التطمينات إلى السعودية ودول الخليج.
سوريا ما زالت مستهدفة بقوة، كدولة عربية وكنظام ما زال عصيا على الرضوخ للمشروع الصهيوني. كما إنها بوضعها الحالي المدَمر تشكل بعدم رضوخها وبحلفائها الحقيقين وموقعها الجغرافي التحدي العربي الوحيد المتبقي بوجه اسرائيل. والوجود الروسي فيها أصبح في هذه المرحلة يشكل عبئا عليها وعلى ايران وحزب الله. فالأهداف التي كانت تجمع التحالف الروسي مع ايران وحزب الله وسوريا انتهت وبدأ التناقض الأساسي بينها. فروسيا من الدول المنشئة والداعمة لوجود اسرائيل و الضامنة لحمايتها، ولها مصلحة كبيرة في الإبقاء على ذلك. وسياستها من اسرائيل والمخطط الصهيوني في فلسطين ليست عدائية وإن بانت رافضة فالرفض غير استراتيجي، إنها سياسات معزولة عن خلافاتها مع أمريكا والغرب وعن صداقاتها مع العرب.
سوريا كنظام عربي وحيد في حلف المقاومة يشكل بشرعيته الدولية الأساس القوي والقانوني لوجود ايران وحزب الله على الارض السورية الملاصفة لدولة الاحتلال. وإذا فشلت حرب الاستنزاف التي تخوضها وتنوي تصعيدها اسرائيل ضد ايران. فإن الموقف الروسي قد يتغير من النظام السوري ممثلا بشخص الأسد. ولا نستبعد أن يبدأ العمل عندها لاستبداله بسلاسة من نفس علبة النظام بشخص عميل للروس. والوسائل للتخلص من الأسد كثيرة ولا تقتصر على الإنقلاب العسكري، وتركيا جاهزة للتعاون على الأرض.
سوريا وحلف المقاومة في ورطة سياسية بسبب الاصطدام مع استرتيجية ومصالح الحليف الروسي. وإن خرجت ايران من سوريا وانقطع تواصلها مع حزب الله ستخسر الكثير من ثقلها السياسي الدولي ومن مصالحها ومشروعها الخاص بها والذي يتقبله ويغض الطرف عنه الشعب العربي كونه مشروع متناقض في جزئياته مع المشروع الصهيوني. ولو كنت في مكان الأسد وايران لانقلبت على سياستي وتمسكي بالسلطة وسحبت القضية والازمة السورية من التدويل وفرضت الحل الوطني السوري بقوة الشعب السوري بكل أطيافه السياسية التي يستغلها الغير وجمعته على أسس ديمقراطية وتصالحية في دستور يضمن عروبة سورية ووحدتها وفكرة المقاومة والتحالف معها، وتفاهمات مع روسيا تضمن مصالحها التقليدية الخاصة، واعتبرت ما تبقى تفاصيل ثانوية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى