المرأة والتحديث السياسي في الأردن

المرأة والتحديث السياسي في الأردن.

نور الدويري

رقع كلمة التحديث أولا تثير الهواجس في المجتمع الأردني، والذي يعزز الصورة الذهنية في أن مكونات السياسة في الأردن قديمة، أو معطلة، وهذا أمر حقيقي لا يمكن إنكاره، لكن الإنعكاسات التالية للتحديث يبدو أنها تحتاج لإبتكار، وستبقى في طور الفزعات، وشدشدة براغي بلا قوة حقيقة لتمتينها، والدفع بالعقل الإجتماعي في الأردن ليقتنع بالثقافة السياسية أو التحديثية الجديدة، فلا يمكن أن يتم تحديث أي كينونة بدون أن نصنع لها إضافات تفتح شهية التجربة وتحشد التأييد، ثم تكسب الإنتماء لها لتصبح ثقافة معتنقة بالرضا تورث وتصنع التغير المأمول.

فعلى أضعف التحديثات أو التعديلات كادت أن تخرج الأمور عن السيطرة! ، فكيف إذن ستمكن المرأة أو الشباب عموما من الإنخراط في العمل السياسي أكثر!؟.

مقالات ذات صلة

وعلى صعيد الوجود الضعيف للمرأة الأردنية في السياسة فهو واقع بسبب ضعف الإجتهاد بدعم النوعية الفكرية، والتركيز على مظاهر الجندر وكأن المطالبة بالمساواة وحده سيدفع بالمرأة الأردنية للمشاركة السياسية أكثر، وهذه الجزئية تكاد لا تؤثر على حقوق المرأة العامة في الأردن نظرا لتمكن المرأة الأردنية من إختراق كل المحافل، والقطاعات، والقيادات ولم يعد يستبعد عليها أن تقلد أي دور في المستقبل القريب، وإن التشكيك في قدراتها المهنية بات يتراجع بقوة أمام إثباتها لذاتها بموضوعية وعدم تراجع عن أهدافها، حتى فاقت الرجل بعدة مجالات، وإن الحظو بخصوصية مجتمعية مهمة للمرأة الأردنية نظرا للأسلوب المحافظ للفكر الأردني العام، لا ولن يشكل عائق أمام طموحاتها .

لنعد مرة أخرى لتشبيك بين النصين السابقين أعلاه أن مسألة التحديث السياسي التي يتحدث عنها الجميع، ومن الطبيعي جدا أن تجد مؤيدين ورافضين، ومحايدين، يجب أن تركز على أن عملية إشراك المرأة والشباب في العمل السياسي، وتهيئة القوانين والتشريعات الناظمة لذلك، لا يكفي لأن الصورة الذهنية عن المنظومة السياسية ذابل في العقل الأردني ولن ينمو أو يعزز ببذر جديد صالح لنمو والتكاثر، بدون سقي ماء وافر وتوفر للهواء، ففي ظل معوقات التجارب السياسية السابقة الضعيفة، والموروث الثقافي العام المقلق للمرأة نفسها أن يخرجها العمل السياسي من طبيعية سيكيلوجيتها وفيسيلوجيتها ليعرضها لنقد لا حاجة لها فيه كثيرا، لتبقى مهام القيادة ذكورية وهذا بحد ذاته نمط فكري غبر صحيح فالرجل قبل أن يصبح قائدا كان تلميذا لدى أمه، ومعلمته ومجتمعه الذي لا يخلو من وجود المرأة كعنصر يكمل الحياة ولا يساويها فالعدل لا يحتاج مساواة ليتحقيق إنما لتكافل، وتكامل، ومعرفة الحقوق والواجبات على كل منهما وفقا لطبيعة العلاقات الإنسانية وأنواعها .

ثم يأتي عنصر هشاشة الإيمان الحقيقي بدور المرأة الفاعل كفرد منتج في كل مناحي الحياة، يشكك في إمكانية أن تفقد مشاركتها في السياسية نمطية الحفاظ علة الأسرة الأردنية السوية، ونواة العناية بخصائصها، وكأن الرجل لا يملك أي ضوابط حقيقية للحفاظ على خصائص نواة الأسرة أيضا! والأمر مناط بالمرأة فقط، وهذا ايضا نمط فكري يحتاج إلى تغير، فلا يعني ان تسأل المرأة عن بيتها وتربية أبنائها يقلل من شأن مكانتها في العمل، أو يعني انه قد يدفع الرجل ليصبح عنصرا ضغيفا!! هذا محض خيال فالظروف الطبيعية تستدعي وجود توافقات تعتمد على خصوصية المجتمع الأردني، ثم على تنظيم الأولويات وفقا للحقوق والواجبات على كل طرف، ولن يحرم المرأة من دورها في أي محفل ولن يعثر خطوات الأسرة أساسا .

بالمحصلة إن عملية إشراك المرأة في عملية التحديث السياسي اليوم ستكون مبتورة الأجزاء ولن تولد بجسد كامل الصحة ما لم ندفع بالفكر الإجتماعي، ويتم توزيع الفرص المتاحة بعدالة، ودعم القدرات النسائية الفكرية التي تحترم في مجالاتها من تقديم العون في صناعة التغير المأمول.

وسيبقى مصطلح الدكاكين لصيقا بالأحزاب، وستبقى المرأة تفكر مرارا قبل خوض غمار العمل السياسي، وسيبقى الشباب لا يجرؤن على المشاركة السياسية، وستبقى مواقع التواصل الإجتماعي المتنفس الفوضوي لتسيس الرأي العام المؤقت، ما لم تبنى عملية التحديث من الإعدادات الأصلية للمجتمع والتي تبدأ بتغير الفكر السائد، ودعم الطاقات النسائية الفكرية، وفتح متنفس الفرص للشباب، والبدء بعملية إصلاح اقتصادي تحافظ على سقف بيت الأسرة كريما يقدم لأهله العيش الممكن، حتى يبدأ الفكر الممكن، ثم التحديث الممكن .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى