العمل التطوعي والعمل الربحي

العمل التطوعي والعمل الربحي
د. ذوقان عبيدات

لم تُترك فكرة في العمل التطوعي إلّا وجرى الحديث عنها. فالمفهوم واضح، ودوافع التطوع واضحة، وغاياته واضحة، وكذلك علاقته بالعمل الربحي.
لقد تحدث المهتمون في مجالات التطوع وحقوق المتطوعين وواجباتهم، كما تحدثوا في انحرافات العمل التطوعي وأمراضه، وهذا ما يجعله عرضة للهجوم!!
فالعمل التطوعي مليء بالنوايا الحسنة، ومليء أيضًا بغيرها، بل ويحدث الكثير من الانحرافات تحت غطاء الادعاء بالنوايا الحسنة!!
إن مزايا العمل التطوعي واضحة، فهي تزود المتطوع بخبرات ومهارات مفيدة له في حياته الشخصية والمهنية، وعلى المستوى الاجتماعي، فإن العمل التطوعي ظاهرة إيجابية تعكس الغيرية والخدمة العامة وحب الخير وتحت هذه الشعارات فإن قضايا نقاشية مهمة يجب أن تثار!!
هل من علاقة بين العمل التطوعي والعمل الربحي؟
من حيث المبدأ، قد يتطوع شاب لاكتساب الخبرة في شركة ما، لكن ما الذي يمنع من تخصيص مبلغ بسيط يُسد حاجاته إلى المواصلات وبعض الملابس؟ فالشركات التجارية ربحية، يتطوع فيها شباب لكسب الخبرة!
لكن هناك مشروعات تطوعية مثل: بناء مدرسة، أو فتح طريق، أو بناء جمعية، أو تأسيس صندوق خيري…إلخ. هل يستحق من يعمل فيها إلى أجور؟ وإذا كانت هناك أجور، هل تشمل كل متطلبات الحياة؟
وهناك قضايا أخرى تحت مسمى العمل التطوعي حيث يتبرع أشخاص بقيادة العمل التطوعي مثل: الترشح لجمعية، أو بلدية، أو لقيادة مشروع تطوعي، فالواجهة تطوع، والمخفي: هو الوجاهة، والمكانة، والاستعراض، والشكلية!! إن أبرز أمراض العمل التطوعي ومن خلال خبرتي في عدد من الأعمال أبرزها: جمعية تنظيم وحماية الأسرة الأردنية، كيف كانت الجمعية محط أنظار الانتهازيين كافة، وكيف تدار المؤامرات لاستلام أمور الجمعية، بحثاً عن فوائد ومنافع ليس بينها الخير!!
ولذلك كنت أطالب بالفصل بين أي عمل تطوعي وأي عمل ربحي، وحتى في ظل هذا الفصل، فإن الأرباح تبقى كثيرة، وهذا ما يتهافت عليه “أدعياء التطوع”. طبعاً الأرباح ليست مقننة، لكنها تحت السجادة.
أؤيد بشدة طبعاً أن تكون هناك جوائز للعمل التطوعي وربما مكافآت مادية أو مالية، وقد أحسنت وزارة الشباب حين خططت لمثل هذه الجوائز وأحسنت أكثر حين قررت تخصيص جزء من أموال الجائزة لخدمة العمل التطوعي نفسه، وأن الوزارة تعمل كمؤسسة وطنية، تجمع وتستشير شخصيات وخبرات متنوعة قبل اتخاذ قرارها. هذا نهج جديد على مؤسساتنا، فالاستشارة ليست ضعفًا بل قوة لكل وزارة، مهما كان عدد الخبراء والحكماء فيها.
فالجوائز ليست عملًا ربحيًا، ولا يجوز أن يكون التطوع ربحيًا والتشاور قوة!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى