الصبور وخط الصبر الاخير ! / بسام الياسين

الصبور وخط الصبر الاخير !

هاديء وحزين،لم يتصالح مع ذاته ولم تصالحه السنون. مأساته انه يتآكل من داخله حتى اصبح فارغاً مثل قصبة مجوفة لا تُصدر انغاماً جميلة بل شكاوى حزينة.مسكون بالأعباء من رغيف الحكومة المغشوش الى فواتيرها المثقلة بغوامض البنود.هو ينبوع الم ينزف دم.اعتاد ان يشيل احمال النخبة الحاكمة والمتحكمة فيه. حكايته منذ الاحكام العرفية حيث إنطبع بالإذعان .حملً اوزار النخبة ـ رغم انفه ـ حتى قصمت ظهره.كبت اوجاعه في صدره،فتحول الى مخزن بارود،سريع الاشتعال ، شديد الانفجار. ما يغلي في داخله ارتسم على قسمات وجهه ، تكشيرة مخيفة فصارت علامة مميزة في هويته و بصمة لشخصيته تُنبيء بمستقبل اشد سواداً من كحل عينية.تصوروا ان احلامه يخبئها في علبة كآبته السوداء لشدة سوداويته.يهلوس طول يومه :ـ رب اعطني كفاف يومي كي لا اريق ماء وجهي “. رغم انكساره تم تجويعه فسيولوجياً،ترويضه سياسياً،تفريغه سايكولوجياً،فاصبحت حياته قطعة من عذاب منذ شهقة الحياة حتى لحظة الغياب.

دائماً هو في طرف الصورة لكنه مطلوب للحكومة لانه بقرة حلوب، وفأر تجارب عند الدولة العميقة.صيد ثمين لدائرة الضريبة،وفي الرياضة لملء المدرجات و اطلاق الشتائم المسيئة ،تحطيم الكراسي ، تهشيم السيارات.يقضي اوقات البطالة في مقاهي مستنقعات الدخان،ويُشنف الآذان على ايقاع قرقرة الاراجيل كنقيق الضفادع .مطلوب لإطالة طوابير الانتظار ، لـلحلم بـ “باص سريع ” لم يبرح مكانه منذ عشرين عام.تحتاجه هيئة الانتخابات للذهاب الى صناديق الاقتراع لإستكمال ديكور العملية الديمقراطية،وهيئة مكافحة الفساد لفبركة الشائعات عن صغار الحرامية،للسير في جنازات اهل الحظوة وتبجيل اهل الخطوة في الترفيعات وللشماتة حين التقاعد. لقياس ردود الفعل وبالونات الاختبار.باختصار هو كومة حطام،حصان هزيل من عظام.فهل رأيتم اسوأ من ـ الاغلى ما نملك ـ وارخص منه .

اسند للجدار الاخير ظهره، في بلد تُمحى فيه التربية الوطنية بجرة قلم ،تتغير المناهج حسب تعليمات الدوائر الاجنبية.تُباع فيه الذاكرة التاريخية / القطع الاثرية في السوق السوداء، على يد ادعياء الوطنية بينما الاعلام الرسمي في سبات اهل الكهف،لكنه يُعطي مساحة واسعة لمطابخ المأكولات الشهية مع ان الناس جياع وبؤر الفقر فوق الاحصاء.سؤال يطرح نفسه :ـ بأي شريعة يكون حجم الانفاق على الطالب الاردني الاقل في العالم وهناك نقص 500 مدرسة في المملكة فيما قصور عابدون ودير غبار لو رآها قارون لضربته سكتة دماغية.

سيكولوجيا الزحام تتغافل عن اثارها الحكومات.زحام في كل مكان، يهدد استقرار المجتمع النفسي والعصبي والصفاء الروحي، يستهض المشاعر العدوانية لدى الفرد .تدفعه للتحرش بالآخر ، للتسفل اللفظي، لاطلاق الرصاص و استعمال الهراوة لاسباب اتفه من تافهة. فقد تضاعف سكان المملكة الى عشرة ملايين، و تضاعفت السيارات بمتواليات هندسية. حتى صارت المدن كراجات تضخ الدخان والضوضاء.ما زاد الطين بلة، قيام الامانة بتحويل العاصمة الى تحويلات،فحولوا عمان الى متاهة اشبه بمتاهة سيدنا موسى وربعه في صحراء سيناء.

الانكى تراجعت الغابات الى اقل من 1 % ، واحتل وطننا الاحلى ثاني افقر دولة مائياً في العالم،وهبطت حصة الفرد فيه الى دون مستوى خط الفقر ؟!. في غياب الماء والخضراء لم تتصحر المملكة فحسب بل تصحرت معها نفسية الانسان وتوترت شخصيته ،ما جعله نزقاً متوتراً ، قلقاً، ضيق الخلق،قليل الحيلة، لا يحتمل جدالاً ويُستثار لابسط الاسباب،فلا يتوانى عن سحب سلاحه حتى في صالة الافراح .
يا الله ،لا منقذ قادر على انقاد البلد، لا احد قادر على خلق تيار وطني موحد يلملم الشعث ،يُعلي الهوية الوطنية الواحدة التي نهشتها الهويات الفرعية. اليست تهديدات نتنياهو بضم الضفة و الاغوار المفضية لتحويل وطننا ـ لوطن بديل ـ كافية لرص الصفوف ؟!.لكن السؤال الذي يدور في الاذهان :ـ ال متى ستبقى الشخصيات المشعوذة ، تتلاعب بنا،وتتحكم برقابنا ؟!.ومتى يأتي المُخْلِصُ المُخَلِص للخلاص مما نحن فيه، ويرفع ( لا كبيرة ) في وجه عرب الردة وصهاينة صفقة القرن،لنشرب كأس نصرٍ صافية ” لا غول فيها ” ، ونثبت ان الاسماء الكبيرة اكذوبة كبيرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى