السرج المذهّب..

مقال الثلاثاء 10-5-2016
النص الأصلي
السرج المذهّب..
روى لي صديق – لا أرغب بالكشف عن اسمه – حكاية منسوبة إلى أبي زيد الهلالي – شخصيا لا اعتقد ذلك – بغض النظر ان كانت عن أبي زيد أم عن غيره المهم أنها تعود لأحد أصحاب السلطة والجاه النفوذ في المجتمع العربي القديم ، فالعبرة في الحكاية وتفاصيلها لا في بطلها ..
تقول الحكاية أن صاحب الجاه هذا كان يتسيّد مجلسه ذات نهار ..فخطرت في باله فكرة “بلا طعمة”..
قال يا قوم: بماذا يَختلفُ الكرّ عن الحصان؟ أ
جمع الحاضرون أن “الكُرَّ كُرٌ والحصان حصان”..
قال السلطان بلهجة لا تخلو من استخفاف بالإجماع : أنا أختلف معكم، الكرّ..أهم من الحصان لو وجد رعاية واهتماماً وتنظيفاً ودلالاً..
بدأ المتلوّنون يغيرون آراءهم فوراً ..قال أحدهم: أنا اتفق مع السلطان..الكرُّ أقصر من الحصان وبالتالي ستكون هذه حسنة إضافية في السباق حيث لن يعيقه طول القامة في الجري وشقّ المدى ..
قال الثاني : ذيلُ الحصانِ الطويل يعيق حركته في أكثر الغزوات…بينما “الكرّ” أزعر قصير الذيل يمنحه حرية حركة أفضل…
قال آخر: وأنا أثني على هذا الكلام..ناهيك أن الكرّ مظلوم منذ الأزل فالحصان احتكر الفروسية والتضحية والإقدام في نفسه…مع أنني اعتقد أن الحمار يتمتع بذات الصفات لكن الصورة النمطية التي أخذت عنه بأنه “كائن هُزأة” حرمته من أن يكون من العاديات…
فأمر صاحب الجاه أو سيد قومه أن يتم إطعام الكرّ “خاصته” اللوز والجوز والكاجو والعسل المصفّى كل صباح ومساء ليفتتل عضله وتقوى سواعده استعداداً للسباق القادم ، تقوّى “الكرّ” وسمن بما فيه الكفاية بسبب الخيرات التي تأتيه صبح مساء بأيادي الجواري الحسان ، وقبل موعد السباق بيومين همس صاحب الجاه لأحد أصحابه بتجويع الجياد ، حتى تضعف أمام قوة “الكرّ” الجديد فتتحقق رؤيته وتصح نظريته أمام قومه …فكان له ما أراد..
حان موعد السباق ركب صاحب الجاه على الكرّ بينما امتطى باقي الفرسان الخيول الأصيلة وانتظروا لحظة الصفر..وما ان دقّت الحوافر في الأرض…حتى انطلقت الجياد بسرعة البرق وفوقها فرسانها بينما لم يستطيع الكر الهرولة وفوقه صاحب الجاه…ضربه برجليه مرتين ثلاثة بالكاد كان يهرول هرولة السعي وراء الشعير في أيامه الخوالي…ثم ما لبث أن “عنفص” على حين غفلة وأوقع الرجل الوجيه عن ظهره ومضى ماشياً وعليه “السرج المذهب”.
في هذه الأثناء انتبه الفرسان للحادثة فعادوا مسرعين بعد أن وصلوا نقطة النهاية وطوّقوا صاحبهم ليطمئنوا عليه، بينما شرعت الخيول “تحمحم” و”تشمشم” صاحبها رغم مراهنته على غيرها…فقال الرجل قولته المشهورة: الأصايل أصايل لو جوعتها ..و”الكرّ” “كرّ” لو طعميته عسل وجوز…ثم صاح “انحروا الكرّ وارجعوا السرج المذهّب” بليز…

وطار الطير ومسيناكم بالخير..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. لالالالالالالالالالالالا ما ظنيت هيك الخاتمة … لو وقعه الكر عشر مرات راح يرجع يشارك بالسباق .. حتى لو ادى ذلك الى ان ينحر كل الخيول ومن عليها

  2. اتركني من مدلولاتها السياسيه او الاجتماعيه .. و انت دايما نيتك في المقالات الله و اعلم عن سقف اسقاطاتها .. انت متأكد يا أحمد انه صاحب الجاه قال (بليز).. لا و فيه شبهه انه ابو زيد الهلالي .. بليز يا رجال مره وحده .. و الله حسستني انه كان فيه ايام زمان طنطات زي ايامنا .. هاي مشيناها بس انه حاط واقي شمس هاي صعب نمشيها يا ابو حميد

  3. مزيدا من الإبداع ..أستاذنا …كل يوم بتصاعد الحس الإبداعي وتبدو المفارقة …ويتضح المشهد …دراما أدبية لا أروع ولا أحلى …مع أنها مغلفة بالمرارة ….
    يثبت الشرفاء أنهم عشاق الوطن الأصايل ..حينما تزول الأقنعة ، ويزال الستار …وينتخي الوطن بأبنائه …والحقائق تظل حقائق وإن غمرتها غمار الزيف وحاول طمسها أنصاف الرجال….

  4. لا الوم الوجيه اخطأ وتعلم من خطئه ورجع الى صوابه لكن للاسف يبقى الوجيه بالقصة فقط

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى