الحنية الحكومية

الحنية الحكومية
جروان المعاني

كان للإجراءات التي اتخذتها الحكومة الاردنية الاثر الاكبر في بناء جسر من الثقة بينها وبين الشعب، واقول جسر لا جسور، خاصة مع نزول الجيش الى الساحة، وهو جيش مدجج بالثقة وحب الناس له، لأنه رمز لقيم السيادة والكرامة الوطنية، ولأن كل بيت اردني تقريباً فيه عسكري عامل او متقاعد.
الاردنيون عموما لا يقبلون بالضغوط والتهديدات ويرفضون الابتزاز، ولعلها المرة الاولى التي تنتظم فيها العلاقة بين الشارع والحكومة حيث ان هذا الفايروس اللعين لن يفرق بين المواطن والقاضي والمشرع والمنفذ، فأفتى الجميع بضرورة العمل بقانون الدفاع وتعطيل اي قانون يمكن ان يضعف من نفوذ الجيش في هذه الظروف، حيث ان الجميع على استعداد للتنازل عن حقه في حرية التنقل، مقابل سلامته وسلامة اهله.
حتى ساعة كتابة هذا المقال لم استوعب هذا الحجم من الحنية الحكومية على المواطن الاردني وارفض اي صوت مشكك في الاجراءات، فأعيش تناقضاً داخليا وتخوفا يشاركني به رئيس الوزراء الذي قال في مؤتمره الصحفي (أيام وأسابيع وربما أشهر قادمة صعبة جدا) وهذا يعيدني للمربع الاول حيث ان عبارة الرئيس سمعتها على مدى عمري الاف المرات، وفي كل مرة كانت الاوضاع تزداد سوءً، حيث تزداد ديوني وتزداد الهموم وترتفع الاسعار فنزيد من كتابة الاشعار ..!
بكل حسن نية سأستمر في تأييد اجراءات الحكومة فبغير ذلك سنذهب جميعا الى نتائج لا تحمد عقباها، وسأرضى بكل المبررات التي جعلت الحجر على من قدموا من الخارج في افخم الفنادق بأن مرده الخوف على الاردنيين عموما، وليس على فئة محددة قدمت من اوروبا وامريكا وبقية دول العالم، فالمؤكد عندي أن الاردنيون سواء، فالقادمين جميعا ليس فيهم واحد من حي جناعة في الزرقاء او من قرية فقوع في الكرك او المحمدية في معان، فحق لهم ان يُحجز لهم بأفخم الفنادق وان تقدم لهم كافة الخدمات، واسأل الله لنا ولهم جميعا السلامة، حيث ان اصابة ابسط انسان قد تصل وتعدي اكثر الناس نفوذا وهي (عدالة عجيبة) قل ان نصادفها في حياتنا.
لست اتحدث من منطق حاقدٍ او حاسد، بل اتحدث من حيث موقعي كمواطن يدرك حقوقه تماما، وطوال عمري اقوم بواجبي اتجاه الوطن ورفيقي المواطن، مبتعدا عن السعي لاستغلال معارفي لأكون شيئا مهماً، ومؤمناً بأن الانسان في العالم كله من ابناء الله وإن الحدود التي فرقت البشر هي من صنع اعداء الحياة، ولما جاء هذا الفايروس زادت قناعتي بأن رأس المال الخبيث سيكون له الكلمة العليا وبأن التجار هم اول من سيزيد ثراءهم في مغبة تهافت الناس خوفا من نفاذ البندورة والخبز، فنحن شعوب بسيطة يفزعنا جوع اولادنا .!
أياً كان مصدر ما نحن فيه وأيا كانت نتائجه فإني أقر ان ما صنعته الحكومة الاردنية حتى اللحظة هو افضل ما يمكن فعله، وارجو الله ومعي كل الاردنيين بل العالم ان يرفع الله عنا هذا البلاء وان تستمر الحكومة بحنيتها على الشعب الاردني داعيا الله ان يحمي جيشنا واجهزتنا الامنية والصحية وان يوفق الجميع في مسعاهم وان يتقي التجار الله في الكادحين والفقراء ومن لا دخول لهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى