التعليم العالي بالجرم المشهود.. #الحلقة_الأولى

التعليم العالي بالجرم المشهود..
#الحلقة_الأولى.
د.فلاح العُريني

دولة الشعب الأردني العظيم.
ابنائي الطلبة في مدارس الوطن.
اخواني الطلبة على مقاعد الدراسة الجامعية..
السادة الأفاضل حملة شهادة الدكتوراه الأردنيين غير العاملين والمنكوبين في الأرض.
السادة اعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات الاردنية.
السادة مالكي راس المال في الجامعات الخاصة.
اصحاب العطوفة رؤساء الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة، السابقون والحاليون واللاحقون، الاحياء منهم والاموات.
عطوفة رئيس هيئة اعتماد الجامعات الأردنية وضمان جودتها، ومن جاؤوا قبله.
معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ومن سبقوه.
دولة رئيس الوزراء الاكرم.
تحية وبعد..
أعلم أن رسالتي طويلة جداً، ولكنها لست أطول من صبرنا على الفساد الأكاديمي..
حتى تقرأونها عليكم ان تنظروا لكاتبها نظرة الناقد، لا الناقم، وان تكونوا اهلا للحل والعقد..
اما بعد..
التعليمُ بِأيادِ غيرِ أمينةٍ
* عندَما يتمُّ تعيينُ رؤساءِ الجامعَاتِ على أسسٍ أبعدُ ماتكونُ أكاديميةً؛ بلْ على اعتباراتٍ عشائرِيَّةٍ وَإقليمِيَّةٍ وَجهَوِيَّةٍ، بِحيث يفقدُ رئيسُ الجامعةِ صلاحيَّاتِهِ كاملةً قُبَيْلَ تعيينِهِ، وَلايملكُ منَ الأمرِ شيئًا بِما يتعلقُ بِتعيينِ نوابِهِ، وَتُفرَضُ عليْهِ الكثيرُ منَ الإملاءَاتِ، وَتُسحَبُ الصلاحيَّاتُ منْ تحتِ قدمَيْهِ كَشرطٍ لِتعيينِهِ، حتى يصل بِهِ الأمرُ إلى أنْ يكونَ أشبهَ بِريابِيَّةٍ وسطَ مقثاةٍ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما تُدَارُ الجامعاتُ منْ خارجِ أسوارِهَا، وَمنْ قِبَلِ أصحابِ النفوذِ وَالمالِ وَالجاهِ، وَتُفرَضُ الخاوَاتُ بِالدرهمِ وَالدينارِ، وَيكونُ الجميعُ عبيدًا لِلمالِ وَالسَّفرَاتِ وَالكراسي على حسابِ التعليمِ وَمخرجاتِهِ، وَعلى حسابِ الوطنِ وَإنجازَاتِهِ، وَتُدَارُ الجامِعَاتُ منْ خلفِ الكواليسِ منْ قِبَلِ أشخاصٍ لاعلاقةَ لَهُمْ بِالمنبرِ الأكاديمِيِّ، وَبِطريقةٍ أشبهُ بِحكومةِ الظلِّ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما يَصِفُ أحدُ أباطرةِ الجامِعَاتِ الأردنِيَّةِ العملَ الإضافِيِّ بِالجامِعَاتِ بِأنَّهُ بئرُ النفطِ الذيْ يمثِّلُ جنَّةَ اللهِ في الأرضِ، وَكَما تتهافتُ الوحوشُ الضاريةُ على قصعتِهَا؛ يتهافتُوْنَ على إعطاءِ مَسَاقَاتٍ تتجاوزُ جُهدَهُمْ وَطاقتَهُمْ وَوقتَهُمْ، بلْ وَبِكثيرٍ منَ الأحيانِ تتجاوزُ خبرَاتِهِمْ وَمهارَاتِهِمْ، في سبيلِ التَّكسُّبِ الحرامِ، وَنهبِ المالِ العامِّ تحتَ ذريعةِ الإضافِيِّ وَالذيْ لانرَاهُ إلَّا مال سُحتٍ، قدْ سُرِقَ منْ جيوبِ المُتعطِّلِيْنَ عنِ العملِ وَهُمُ الأقدرُ على العطاءِ وَالأكفأُ فيْ إيصالِ الرسالةِ التعليميةِ لِما يملكُوْنَهُ منْ حماسٍ وَحبٍّ لِلعطاءِ بعيدًا عنْ عبودِيَّةِ المالِ، وَدونِيَّةِ التفكيرِ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما تُشكَّلُ مجالسُ الأمناءِ منْ أشخاصٍ لاعلاقةَ لَهُمْ بِالتعليمِ، وَلايملكُوْنَ منْ أدواتِهِ سوى قلم الحبرِ الجَّافِّ الذيْ يُوضَعُ كَالنيشانِ فيْ جيبِ القميصِ الباهتِ، بِحيث تتصدرُ العباءَاتُ التايوانيةُ وَمُخرَجَاتِ اللامركزية دفةَ الحكمِ فيْ أروقةِ الجامِعَاتِ دونَ تورُّعٍ أوْ خجلٍ، وَدونَ أدنى إحساسٍ أوْ رادعٍ، وَكلُّ ذلك منْ قَبِيلِ سياسةِ الاحتواءِ وَجلبِ المُؤيِّدِيْنَ وَالأفواهِ المبتورةِ وَالأقلامِ المأجورةِ لِتأمينِ بيئةِ فسادٍ أفضلُ لِإداراتِ الجامِعَاتِ، على أساسِ المبدأ الذيْ يقولُ: “إنَّ التعاملَ معَ الجاهلِ درعُ أمانٍ إنْ حلَّ السؤال”، حينَهَا لاتقولُوا التعليمَ بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما يتمُّ تعديلُ الأنظمةِ وَالتعليمَاتِ في الجامِعَاتِ بِشكلٍ ربعِيٍّ كَحالِ فاتورةِ المياهِ، منْ أجلِ أشخاصٍ مُعَيَّنِيْنَ فرضُوْا سطوتَهُمْ على إداراتِ الجامِعَاتِ وِأفقدُوْهَا هيبتَهَا وَوقارَهَا، حتى أصبحْنَا فيْ شريعةِ الغابِ الأكاديمِيِّ التيْ تَنحَرُ سكانَهَا تحتَ مظلةِ التعليمَاتِ الطازجةِ، دونَ مراعاةٍ لِأدنى مشاعرِ الإنسانيةِ، وَدونَ النظرِ لِأمانةِ المسؤولِيَّةِ بِتحسينِ مُخرَجَاتِ التعليمِ، حتى أصبحَتِ الأنظمةُ وَالتعليمَاتُ تَضُخُّ فيْ عمقِ الرحمِ الجامعيِّ قياداتٍ منغوليةَ التخصصِ تعاني منْ متلازمةِ الضعفِ الأكاديمِيِّ وَزيادةٍ بِكروموسوماتِ السطوةِ المناطقيةِ، التيْ باتَتْ تخلقُ جوًّا منَ التوترِ وَالضغينةِ على حسابِ اللحمةِ الوطنيةِ، بِحيث بدأَتْ مظاهرُ تفككِ النسيجِ الاجتماعِيِّ ظاهرةً لِلعيانِ، منْ خلالِ ردَّاتِ الأفعالِ التيْ تنادي بِالمساواةِ على أسسٍ وطنيَّةٍ مرجعيتُهَا الدستورُ الأردنِيُّ وَالرقمُ الوطنِيُّ، حمايةً لِلأقليَّاتِ وَالفئَاتِ الأقلِّ حظًّا التيْ تعاني منْ حرمانِهَا منَ التمثيلِ وَعدمِ بزوغِ شمسِهَا بِظلِّ العشائرِيَّةِ وَالمناطقِيَّةِ التيْ تحكمُ وَتتحكمُ بِمصيرِ العقولِ التعليمِيَّةِ وَمُخرَجَاتِهَا وَقواعدِ بُنيانِهَا، حينَهَا لاتقولُوْا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما تتحولُ أقسامُ الجامِعَاتِ وَكلياتِهَا إلى دارٍ لِلمُسِنِّيْنَ وَمِمَّنْ هُمْ تجاوزُوْا الخامسةُ واَلسبعِيْنَ منَ العمرِ، حسبَ قوانين المتنفذِيْنَ الذِيْنَ جعلُوْا سنَّ اليأسِ وَالعنوسةِ يمتدُّ إلى أرذلِ العمرِ، حتى أصبحَ التعليمُ على أيادي أشخاصٍ ندعُوْا لَهُمْ بِالشفاءِ بعدَ أنْ ظهرَتْ عليْهِمْ ملامحُ الزهايمر، حيث ينسُوْنَ قائمةَ الحضورِ وَماقُطِعَ منَ المنهاجِ، وَالارتجافُ، حيث يظهرُ ذلك جليًّا أثناءَ تناولِهِمْ لِلعلاجِ المدرِّ لِلبولِ، وَضعفُ السمعِ، حيث لايسمعُوْنَ أصواتِ لعبةِ الببجي في المقاعدِ الخلفيةِ وقتَ المحاضرةِ، وَضعفُ البصرِ الذيْ أفقدَهُمْ قدرةَ التمييزِ بينَ الكتابةِ على السبورةِ أوْ على جدارِ القاعةِ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
يتبع في الحلقة الثانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى