التشكيلية رندة المصري: لوحاتي محاولة لتضميد الجراح وتجفيف الدموع ونشر الفرح

«أنا دائمة البحث عن أساليب جديدة في العمل الفني، وقلقي الذي يمنعني عن التوقف ويجعلني أكرّس اهتمامي وشغفي باللوحة»، هذا ما ذهبت إليه الفنانة التشكيلية رندة المصري، مشيرة إلى أن ما يشهده العالم من تدهور وحروب نكسات قد انعكس وأثر في لوحات الفنانين. ورندة المصري حاصلة على بكالوريس علوم حياتية، وتتلمذت على يد الفنان الدكتور حسني أبو كريم والدكتور سليم عايش، ولها العديد من المعارض الشخصية والجماعية محليا وعربيا، وحازت على شهادات التقدير على أعمالها وميدالية من الملتقى التشكيلي الأول في القاهرة. «الدستور»، التقت التشكيلية المصري وحاورتها تجربتها التشكيلية وقضايا أخرى في الفن التشكيلي، فكان هذا الحوار: * يقال بأن الفنان التشكيلي تجربته تمر بمراحل، تبدأ مثلا: بالواقعية فالإنطباعة والتعبيرية إلى غير ذلك، ماذا عن بداياتك مع اللوحة؟ – البداية كانت منذ طفولتي حيث اكتشف والديّ موهبتي في الرسم وشغفي بالألوان من خلال الأعمال التي أنجزتها لمعارض المدرسة الإبتدائية فأهداني ألوانا زيتية ومستلزمات فنية أتاحت لي إكتشاف اللون في تجربة فنية طفولية حرة ساعدت على نضوج اللون في لوحاتي مبكرا، حيث كنت أستخدم الحارق الكهربائي لحرق الخشب واعطائه تأثير اللون البني بتدرجاته ثم أضيف لمساتي اللونية لباقي اللوحة. استمرت تجربتي الفنية بالمرحلة الثانوية مع اختلاف الخامات من زجاج ومرايا وفخارثم انقطعت في المرحلة الجامعية لانشغالي بالدراسة ومن ثم الارتباط والأطفال، الى أن اتيح لي العودة إلى ألواني التي اكتشفت أنها مازالت تسكنني، فصقلت موهبتي من خلال التعلم على الانترنت ومن خلال التتلمذ على أيدي بعض أساتذة الفن أذكر منهم الفنان سليم عايش حيث وضعت بعدها أولى خطواتي الحقيقية لمعرض شخصي فيالعام 2011، كان يحوي العديد من التجارب المتنوعة من الواقعية إلى الإنطباعية إلى التعبيرية التجريدية حيث كان لابد من التجربة حتى ينبثق الأسلوب. ]  التشكيلية رنده المصري، المطلع على أعمالك الفنية، يلحظ أنك تهتمين بفن البورتريه من التشخيص والتجريد، إلى مدرسة تنتمين؟ – عندما يبدأ الفنان بشق طريقه فإنه يخضع الأشياء من حوله للتجريب فيلجأ الى تجريب كل الأساليب المتاحة وقد يلجأفي البداية الى التقليد والاستنساخ ثم التحوير والتطوير ونجده يخضع البيئة المحيطة به لتجاربه الفنية فيعكس مجتمعه في لوحاته وهذه مرحلة فنية مهمة للفنان يطبع فيها خطواته المستقبلية مكونا أسلوبه الخاص في المرحلة التالية قد يقتنع الفنان في مدرسة فنية معينة ويميل اليها أكثر ويضفي عليها من تجاربه الخاصة فالمدرسة لايجب أن تضيف للفنان بالقدر الذي يتوجب عليه أن يضيفه هو وأميل ألى المدرسة الانطباعية والتعبيرية بالرغم من ان تجاربي الألولى واقعية بلا شك . ] الطبيعة تأخذ حيزا كبير في تجربتك، وكما تعرفين أن الإنسان العربي محاصر بكثير من القضايا الإنسانية والهموم اليومية..أي القضايا تشغلك الآن فنيا؟ – أرى أن المشهد الحياتي العالمي في تدهور ملحوظ وخاصة في عالمنا العربي المحيط ومايعانيه من مشكلات وحروب، وهذا يؤثر في الفنان بشكل خاص فتراه يعكسه في لوحاته، فالكثير من الفنانين يحاولون تجسيد الحروب وماينتج عنها، ويعبر كل فنان عن ألمه من خلال ريشته، وهذا مافعلته في بعض اللوحات.. ولكني غالبا ألجأ للطبيعة لأني أنظر إلى الفن بشكل آخر، فأنا أحاول أن أجد المفهوم الجمالي من حولي وأنقله للمتلقي بحيث يشكل أكثر جاذبية وتفاؤل لأعطيه الأمل والسعادة، لوحاتي محاولة لتضميد الجراح وتجفيف الدموع ونشر الفرح، والإحساس مفهوم لايتجزأ فالفنان القادر على الاحساس بشجرة لايمكن أن تمر به مأساة شعب دون أن يحس بها فكيف ان كانت مأساة شعبه. ] ماذا عن جديدك مستقبلا، وهل ثمة حضور للقدس والقضية مساحة في مستقبل الأيام لديك؟ – للقدس ذلك العبق الصاخب الذي أحسه المثقفين من مختلف أنحاء العالم عبر التاريخ فكانت لها نصيبا كبيرا في لوحات المستشرقين الذين رسموا كنائسها ومساجدها..أزقتها وطرقاتها وحتى طبيعتها الخلابة وأماكنها الأثرية ولقد كانت القدس دوما هاجسي فمنذ طفولتي رسمت الانتفاضة الفلسطينة وأطفال الحجارة والمسجد الأقصى ..ثم حضرت أيضا في معرضي الشخصي الأول فرسمت التغريبة الفلسطينة وعاشق الأقصى وامرأة وفوهة بندقية والهم فلسطيني، كما شاركت في معرض أقيم في ايطاليا للوحات من مختلف أنحاء العالم فكانت الأقصى في عيوني هي لوحتي المشاركة، ومؤخرا أقيمت ورشة فنية في بيت نجم الدين الناصر فرسمت خلالها القدس وقدمت اللوحة تذكار للبيت كتعبيرا لامتناني لهذا الصرح الفني، وحاليا أحضر لمعرض شخصي ستكون القدس والقضية المحور الأساس. ] يلاحظ أنك تعملين بصمت، وتبتعدين كثيرا عن الإعلام، علما بأن الإعلام للفنان والمبدع ضرورة للتعريف بمنجزه ..بماذا تفسرين ابتعادك هذا؟ – لست بعيدة عن الإعلام كليا، فمعارضي ونشاطاتي الفنية ومشاركاتي بالبازارات المختلفة في تجارب تصميم المجوهرات واكسسوارات المنزل، كتبت عنها الصحف الورقية والمواقع الالكترونية وأجريت لي عدة لقاءات لقنوات تلفزيونية، أعمل بصمت كاف كي أكون على اتصال مع ريشتي ولا أريد أن أبحث عن الإعلام أو أن يأخذني من تطوير ذاتي فنيا، علما بأن أي فنان بحاجة للإعلام لأنه رافد مهم لكل المبدعين، لذا.. فأنا دائمة البحث عن أساليب جديدة ومازال في داخلي ذلك القلق الذي يمنعني عن التوقف ويجعلني أكرّس اهتمامي وشغفي باللوحة، وأحاول تسخير جل وقتي للفن واخضاع أعمالي لتجارب جديدة تثري تجربتي، ويهمني في المقام الأول المتلقي البسيط صاحب الخبرة البصرية والذي لا يملك ثمن لوحتي، ولكنه قادر على إثرائي بأسئلته الانطباعية ونقاشه الفني.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى