الاستخبارات الإسرائيلية فشلت، وورشة البحرين لم تفشل

الاستخبارات الإسرائيلية فشلت، وورشة البحرين لم تفشل

د. فايز أبو شمالة

على خلاف معظم التقارير التي تفيد بأن ورشة البحرين قد فشلت لتدنى مستوى التمثيل، ولقلة المتحدثين، وضعف مخرجات الورشة، على خلاف ذلك، فإن ورشة البحرين قد نجحت من وجهة نظر منظميها، وقد جمعوا عدة دول عربية مع دولة الاحتلال تحت سقف واحد، وهذا الذي يعرف بالتطبيع، أو الاعتراف، أو القبول بما كان محظوراً، وهذا ما سعت إليه أمريكا من ورشة البحرين.

أما الفلسطينيون فإنهم يخدعون أنفسهم، ويرضون غرورهم حين يقولون: هزمناهم، وأفشلنا ورشة البحرين، متجاهلين حقيقة التمدد الإسرائيلي، وبسطهم لأرجلهم الاستيطانية على الأرض الفلسطينية، وبسطهم لأذرعهم السياسية في سماء الدول العربية، وهم يرسمون معالم مرحلة جديدة من التطبيع والتعاون والحل الخارجي للأرض الفلسطينية بعيداً عن الفلسطينيين أنفسهم، وكأن القضية لا تخصهم، وإنما تخص البلاد العربية، والحل من خلال البلاد العربية، وفق رؤية اليمين الإسرائيلي.

ورشة البحرين امتداد لضم القدس والتوسع الاستيطاني الذي لم يفشل على شبر من أرض الضفة الغربية، ولكن الذي فشل هو جهاز المخابرات الإسرائيلية، وأذرع الجيش الإسرائيلي الذي اعترف بأنه فشل فشلاً مدوياً على أرض خان يونس، حين عجز عن إقامة وحدة تجسس، وحين فشل في الهرب الآمن من أرض غزة، وحين أقرت نتائج التحقيق الأمني الإسرائيلي بأن غزة قد أفشلت مخططاً، وأهانت مشروعاً، وأذلت استراتيجية إسرائيلية تقوم على الانتصار، والمزيد من الانتصار القائم على الاستخفاف بالآخر والاستهتار، فجاءت المقاومة لتقول: لا، هنا فلسطين، هنا نحن، يقظة وجرأة وملاحقة وتضحية، وجاهزون لما هو أبعد من حالة تجسس وزرع عملاء مصيرهم السحق..

إن لجوء الاحتلال الإسرائيلي إلى التجسس وزرع العملاء لدليل فشل آخر، حيث انعدام المعلومة، وضياع الرؤيا، وانحباس الأنفاس في محيط غزة، وهذا الذي يحذر منه قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وهذا ا لذي يحول دون تفكير الإسرائيليين بأي عملية عسكرية ضد غزة، طالما كانت غزة أرض معبأة بالأسرار والإصرار.

بينما على أرض البحرين كانت التحرك الأمريكي فوق أرض معلومة، وكانت النتائج رغم عدم الإعلان عن معظمها، كانت النتائج فشل للسياسة الفلسطينية في تغيير الواقع أولاً، وفشل لوحدة الموقف العربي المتساوق مع الواقع ثانياً، وفشل لمن يزعم أن ورشة البحرين قد فشلت، فمدد رجليه، ونام على وسائد الانتظار، وراح ينظم في انتصاراته الأشعار، ويردد خلف الشاعر العربي:

ناموا ولا تستيقظوا، ما فاز إلا النوّمُ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى