الأردنيون كأبناء لثقافة الكورونا المعولمة

الأردنيون كأبناء لثقافة الكورونا المعولمة
أ.د حسين محادين

أولاً- يا اهلي الأردنيين وكجزء من هذا العالم الهلامي الذي نرتعد فيه ومنه لكونه أصبح اهوجاً؛
هل تشاركونني الرأي، والوعي والمعايشة اللحظية اثرا وتاثيرأً، بأن ثمة تشابها كبيراً بين أطروحات وافكار وعدوى العولمة/ات التي تجتاح كوننا “الارض والسماء” منذ سيادة كل من القطب والقرن الواحد المتوحش اصلا، وبين توحش وتهديدات فايروس الكورونا لحياتنا كبشر على هذه الارض، وفي هذه الحياة الوحيدة التي لا تحتمل التجريب أو حتى التكرار.
ثانيا- كلاهما”العولمة وفايروس كرونا” غربيّ المنشأ والتصدير، مُذيبان للحدود، والأمكنة ،اللغات، الاديان، ولكل ما عرفناه وتعلمناه كبشر قبلا ،من المسموح فيه أو المنهي عنه اخلاقيا وقيماً نبيلة عبر توظيف التكنولوجيا كأيدلوجيا لبث ونشر اطروحاتهما، واشهار ممارساتهما المتغولة على حياتنا الوحيدة في سبيل المال والتجريب علينا كبشر، وتوحدهما معا بالضد من إنسانية الانسان ولصالح؛ الرأسمالية المعولمة، والشركات المتعدية الجنسيات، اموالا، حروباً، مخدرات وتجارات أسلحة ، جنس. وتوظيف التكنولوجيا السيئة الاهداف لخلخلة قيمنا الإنسانية بالمجمل، ولهذا تظاهر جزء كبير من الأوروبيون جراء وعيهم المتقدم علين في العالم مطالبين بأنسنة العولمة بضرورة ابتدأءً.
ثالثا-الاردنيون كنموذج للحياة المسالمة الآمنة منذ عقود مثلا، رغم أنهم يعيشون بهدوء نسبي عالِ جراء وعي وحنكة قيادتهم السياسية ضمن إقليم نفطي قبائلي ، ديني وصراعي معولم يرتبط عضويا بالصراع العربي الاسرائيلي كمفتاح اللسلام والحرب في العالم. اقول بناءً على ما سبق ، لم تعُد مفاهيمنا السابقة كأردنيين ،ولغتنا وحتى ثقافتنا التقليدية، وبالتالي سلوكياتنا كجموع ما قبل كورونا، تصلح للاستعمال لِم بعدها. لا بل اصبحت ثقافتنا اليوم في ظل هذا الحصار المنزلي، والعدوى المتوحشة المهددة لانسانيتنا، والنقيضة بالتالي، لكل المسموح فيه والمنهي عنه الذي تربينا عليه وتعلمناه منذ طفولتنا، والذي كان ينظم حياتنا عبر اجيال.
اقول أصبحت ثقافتنا مختلفة تماما عن ما قبل معبرين عن جديدها بعدة مظاهر علمية يمكن رصدها وتحليلها من منظور علم النفس الاجتماعي عبر ما هو آتِ مثلاً:-
1-الاضطراب المفاجىء في مكانة وممارسة المفاهيم الإنسانية العريقة لدينا، مثل انعدام التواصل الوجاهي اي وجها لوجه بالمعنى الإنساني بحكم الضرورات الجديدة التي فرضتها عدوى الفايروس المميت، فتقدمت الأنا الفردية كرأسمال شخصي على مشتركات الجماعة حتى داخل الاسرة الواحدة بعد العزل الفردي الآخذ في الانتشار عموما.
2- تم إحياء قيمة الصبر على الواقع الجديد كمصلحة مطلوبة لنا كأفراد اولاً”قيمة العيش”، بحكم الضرورة سواء لدى الأفراد اوالجموع المتوحدة ولو صوريا أمام عدوانية الكورنا، واستمرار غموضها وعولمة تنقلها الحر كمرض في هذا الكون الذي تحتاجه، وبغض النظر عن مستوى تقدم الغرب أو تخلف الشرق المستهدفان معا وهذا هو الوصف السابق والذي أصبح بائدا بعد قدومها كعدوى للفتك بنا كبشر اولا واخيرا.
3 – ظهرت سلوكياتنا الجمعية كأردنيين وكأنها الأقرب إلى الغريزية الاولى، إذ انحسرت فجأة قشرة ” التربية والتعلم” وكذلك المستوى العالي لتعليمنا الماضي، مقابل سيادة كل من؛ الخشونة في التعامل بيننا والانحياز الفردي لأسباب العيش الفطرية، كالصراع الدام على الخبز، الغاز، الخضار، والاستهلاكات المبالغ فيها ، وخرق النظام العام بأنانية واضحة، ولو أدى هذا السلوك إلى نشر العدوى بين الآخرين في المجتمع.
وهذه مظاهر وسلوكيات نفس/ اجتماعية جديدة على ما اعتدنا وتربينا عليه من أنماط قبل سيادة ما اسميه برُهاب الكورنا على يومياتنا حاليا كأردنيين وهو ايضا بحاجة ماسة للدراسة والتحليل العلمي لدى صناع القرار فأين تأثير و قوة ضبط كل من الاديان، الاخلاق، الضمير الجمعي، القيم المشتركة في الظروف الاستثنائية التي يمر بها راهنا ومرشح للمرور فيها مستقبلاً مجتمعنا الاردني ما دمنا نعيش في مسامات هذا الإقليم المشتعل دوما .
4 – أصبح حجم التوقع كبيرا – وان غطيناه بنشرتنا من انتشار عدوى كورنا نتيجة للمخالطة- بأن تكون سلوكياتنا كجموع، أكثر خشونة أو حتى احترابا اذا ما فُك حضر التجول جزئيا للتسوق بعد أخذنا بالتكيف ولو على مضض مع واقع العزل الأسري القائم كسلوك دخيل على ثقافة الاردنيين تاريخيا.
حمى الله اردننا الحبيب والدعاء الصادق الى الله عزت قدرته الشفاء العاجل للمصابين.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى