التاريخ الديني -4 / د . هاشم غرايبة

التاريخ الديني -4

بعد إقامة يعقوب(اسرائيل) عليه السلام وبنيه في مصر بزمن طويل، ولد موسى عليه السلام بعد أن أصبح قومه مستضعفين، ثم هرب الى مدين وعاد وقد تزوج من ابنة النبي شعيب، وكلّمهُ الله مكلفا إياه بدعوة فرعون الى السماح بخروج بني إسرائيل، مكث هناك زمنا ولم يفلح ، ولما بيّتَ الفرعون النية للقضاء عليه أمره الله بالخروج مع قومه ، فأنجاهم وأغرق فرعون وجنده.
كانت الفئة الضالة ما زالت على ضلالها رغم رؤيتهم لإعجاز الله في نجاتهم فلما رأوا قوما يعبدون الأصنام رغبوا في مشابهتهم في غيّهم دلالة على سوء طويّتهم وقلة إيمانهم، أوحى الله الى موسى أن يأتي الطور ومعه سبعين رجلا ، فألقى إليه الألواح التي في نسختها التوراة، لكنه لما عاد الى قومه وجدهم قد عبدوا العجل، ثم تابوا واستغفر لهم نبيهم قائلا إنا هدنا إليك، فسمي هؤلاء باليهود أي التائبون من بعد فسوقهم، لكن هؤلاء ظلوا يعودون للفسوق كلما امتحنهم الله، فعندما أُمروا بدخول الأرض المقدسة ومساكنة أهلها الكنعانيين، قسمهم موسى إثنتي عشرة فرقة على رأس كل منها نقيبا، نكص منهم عشرة خافوا القتال هم اليهود، فيما استجاب اثنان هم المؤمنون من بني إسرائيل، فيأس منهم وفقد الأمل في صلاحهم فدعا الله أن يفرق بينه وبينهم ، لكن كلمة الله كانت سبقت في أن يستوطنوا في فلسطين الى حين اكتمال السلسلة النبوية من ذرية ابراهيم من فرع اسحق ، وتنتهي أخيرا بالمسيح عليه السلام، فعاقبهم الله في التيه أربعين عاما ثم تاب عليهم ليعودوا من جديد بقيادة جالوت فيدخلوها ، ويستتب الملك من بعده لنبي الله داود ثم سليمان.
نستنتج أن قصة شعب الله المختار هي من نسج اليهود، فالإختيار كان لبني إسرائيل كونهم ذرية الأنبياء الصالحين ، وليس لعموم اليهود الذين هم أغلبهم فاسقون، وقد كفروا بكل معجزات الله وكذبوا بكل الأنبياء أو قتلوهم ،فكيف يختار الله مثل هؤلاء ويصطفيهم؟
كما أن أرض الميعاد لم تكن صك تمليك بل هي دار إقامة مثلها مثل إقامتهم في مصر وسيناء، ومثلما لم يخوّلهم طرد المصريين من أرضهم بل مساكنتهم، كذلك مع الفلسطينيين، وكانت إقامتهم في مصر مؤقتة بزمن ظهور موسى، فكذلك إقامتهم في فلسطين الى حين ظهور المسيح، وبعد ذلك انتهى مبرر وجودهم في هذه الأرض فشتتهم الله وجعلهم مستضعفين أينما كانوا، وجعل الذين آمنوا منهم برسالة المسيح وهم النصارى فوق الذين كفروا ، وبذلك انتهت حالة الشعب المختار، وأكمل ذلك بربط المنطقة المباركة ( فلسطين والشام عموما) بالعقيدة الإسلامية من خلال حادثة الإسراء والمعراج، حيث أن دين الله اكتمل بالبعثة المحمدية، فباتت الأرض المقدسة جزءا من أرض الأمة الإسلامية.
وهكذا انتهى نسل بني إسرائيل، وتحولت المسؤولية عن حمل أمانة دين الله، الى النسل النبوي الوحيد لإسماعيل وهو محمد صلى الله عليه وسلم، والوحيد الذي أنيط به نشر الدين للبشرية جمعاء، ولما استتبت دعوته وضمان بقائها الى يوم القيامة انقطع نسله أيضا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى