اسعار المشتقات النفطية إلى متى!

اسعار المشتقات النفطية إلى متى!
د. مفضي المومني

منذ أيام وفي رد توضيحي لتباين أسعار لتر البنزين للعام الماضي واعوام سابقة مع العام الحالي، نشرت الحكومة رد توضيحي، وصراحة ومع أن تسعيرة البنزين اصبحت لغزا في ما مضى، إلا أن العارفين بأمور النفط وكذلك عامة الناس من خلال المقارنة للأسعار مع دول أخرى، يدركون أن سبب هذا الإرتفاع هو الضرائب الحكومية، ولم تخفي الحكومة السر ، ففي معرض توضيحها أوردت أن سعر لتر البنزين واصل ميناء العقبة 313.4 فلس، وكلفة التحميل والتنزيل والنقل وغيره للتر 62.3 فلس، أي ما يقارب 38 قرش سعر اللتر مع الكلفه أي سعر التنكة دون ضرائب 7.6 سبعة دنانير وستون قرشاً، مع اني اعتقد ان الرقم مبالغ فيه! وبعد ذلك يتضمن التوضيح أن الضرائب 370 فلس على اللتر أي أن الضريبة هي ضعف السعر واصل زائدالكلفة، ولهذا يصل سعر التنكة للمستهلك قرابة 15 دينار وهذا من أعلى الأسعار في العالم، ولا يتناسب بأي حال من الأحوال لا مع مستوى دخل المواطن ولا مع مستوى الإقتصاد الوطني.
و كتب الخبير النفطي عامر الشوبكي عن ذلك : بعد دراسة تاريخ أسعار البنزين ومقارنته مع سعر خام النفط برنت في نفس الشهر من الأعوام السابقة ، اتضح ان سعر لتر البنزين اوكتان 90 في سنة 2012 لم يتجاوز 62 قرشاً لكل لتر، وبواقع 12.4 ديناراً للتنكة المكونة من 20 لتراً، مع أن معدل سعر خام النفط برنت لشهر آذار لنفس السنة كان 124 دولاراً للبرميل، و لشهر شباط الذي يسبقه 119.6 دولاراً للبرميل، اما التسعيرة اليوم ورغم تخفيض الحكومة الأسعار إلى أن وصل سعر البنزين مع بداية آذار الحالي إلى 74.5 قرشاً لكل لتر أو 14.9 ديناراً للتنكة، مع ان معدل سعر خام برنت لشهر شباط الماضي 55.4 دولاراً للبرميل فقط ،وذلك بعد انتشار فيروس كورونا وتأثيره على الأسواق العالمية.
واضح أن الحكومة تعتمد على الضرائب على المشتقات النفطية لتأمن دخل يصل إلى 30% من الموازنة، وهذه الضرائب بحجمها الكبير لا تتناسب مع أي خدمات وتُعد جباية غير مبررة أبداً.
ما أريد قوله ويعرفه أرباب الإقتصاد، أن ارتفاع فاتورة الطاقة سواء على المستهلك أو القطاع الإنتاجي باستثماراته المختلفة، يؤدي إلى إرتفاع كلف التشغيل والإنتاج، حيث أن زيادة العبء الضريبي عدو الإستثمار الأول، ومناخ طارد للإستثمارات، وبالتالي تباطؤ إقتصادي وركود، وانخفاض في العمل التجاري وحركة رأس المال وبالتالي بطالة وإنخفاض في دخل الدولة المتأتي من الضرائب المختلفة من مبيعات ودخل وغيره، ولا ننسى تأثير هذه الضرائب على القدرة الشرائية للمواطن الفقير ومتوسط الدخل وهو بالأصل عماد حركة السوق، فليس من المعقول أن تأخذ فاتورة الطاقة ثلث دخل المواطن سواء من المشتقات النفطية أو الاإرتفاع الكبير لفاتورة الكهرباء، حيث اصبح هذا الموضوع سبب للفقر والعوز للعائلات الأردنية، ناهيك عن هروب الإستثمارات.
لست هنا في باب النقد والتهكم على الحكومة، ولكن من باب النصح وقد نصح غيري، إلا أن الحكومة ما زالت لا تأخذ البعد الآخر بعين الاعتبار وهو، يجب أن تنخفض أسعار المشتقات النفطية جميعها واسعار الكهرباء إلى النصف، وسينتج عن هذا زيادة القوة الشرائية في السوق للمواطنين بطبقاتهم المختلفة، وانتعاش اقتصادي، وبالتالي زيادة دخل الحكومة من الضرائب الأخرى وقد تكون ضعف ما يتأتى من الضرائب على المشتقات النفطية بوضعها الحالي، ناهيك عن تقليل نسب البطالة وزيادة الإستثمارات وارتفاع مستويات الدخول، فالإنتعاش الإقتصادي سينعكس بالضرورة على كل الجهات حكومية او قطاع خاص، إضافة لبحبوحة في العيش للناس.
متى ستقرأ الحكومة هذه المعادلة وتنفذها؟ لنتعلم من تجارب الدول الأخرى، بدل هذا الموت الإقتصادي، وإنعدام الأفق، والضغط على جيوب المواطنين، بامكان الحكومة أن تجني الكثير دون إرهاق المواطنين والوطن إذا فكرت بعقل تجاري وأبعاد وطنية صحيحة، بدل إستسهال رفع الضرائب لحدود جنونية دمرت الحرث والنسل وزادت العوز والفقر وأوقفت عجلة الإقتصاد، وبدل الحزم التي لم نشعر بأكثر من ضجيجها الإعلامي، توقفوا عن وضع الضرائب الكبيرة على مدخلات الإنتاج وبالذات الطاقة، وعندها سينتعش اقتصادنا ونشعر ببحبوحة من غير كل الفذلكات والمبررات التي لم تقنعنا يوماً… ..حمى الله الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى