أين سيكون الأردن في إقليم 2021؟

أين سيكون الأردن في إقليم 2021؟
ماهر أبو طير

تغيّرت معادلات الأردن في المنطقة العربية، وهي تغيرات متوقع لها، أن تتعمق أكثر في العام المقبل، أمام حالة الاستعصاء في الملفات العربية، عموما.
لقد انفرط عقد العمل العربي الجماعي، في كل العالم العربي، وبات التركيز على العلاقات الثنائية أو الثلاثية بين الدول، وليس أدل على ذلك من اضطرار الأردن اليوم، إلى تبني مقاربات جديدة بديلا عن العلاقات الأوسع، والأكثر شمولا وتأثيرا، وأمامنا نموذج الحلف الثلاثي الأردني المصري العراقي، على ما بين هذه الدول من تناقضات، أحيانا.
هذا الحلف بديل براغماتي، قد يصمد مطولا، وقد لا يستمر، إضافة الى نماذج جيدة لعلاقات أردنية مع بعض الدول العربية، بشكل ثنائي، يتقلب بين القوة والضعف، وفقا للظروف والمستجدات، وقد يعترف مسؤولون كبار هنا، أن لا أحد قادر على قراءة المستقبل، فيتم إنتاج بدائل لعبور المراحل، لكنها ليست استراتيجية، او قابلة للحياة بسبب طبيعتها الخلقية.
لو حللنا العلاقة الأردنية – السورية، مثلا، لوجدنا أن عام 2021 لا يبشر بأي تغيرات، إذ إن المؤشرات تؤكد أن العلاقة ميتة سريرياً، وقد تبقى كذلك، خصوصا، أن الإدارة الأميركية الجديدة، قد لا تكون قادرة على حل عقد العلاقات مع دمشق، وبالتالي ستترك أثرا على الحلفاء العرب، كما ان إدارة الرئيس غير المأسوف عليه، تركت للرئيس الجديد ملفات معقدة، من قانون قيصر حيث العقوبات على سورية، مرورا بإشكالات الملف النووي الإيراني، واستحالة التعامل مع السوريين بمعزل عن الإيرانيين والروس، وتعقيدات ملفات الاكراد، والتدخل التركي وغير ذلك، وعدم وجود سيناريو واحد متفق عليه بشأن الأزمة.
كل هذا يأخذنا في الخلاصة إلى علاقات مجمدة مع السوريين، ولا اختراقات في الأفق حتى على مستوى العام المقبل، واذا كانت العلاقات مع الجار السوري خاضعة لتعقيدات تتجاوز الأردن، وليست قابلة للإصلاح حتى الآن، والعلاقات مع العراقيين، تخضع لمعادلات إقليمية، مع إصرار الأردن على تحسينها دوما، فيما الجانب الفلسطيني، لديه محنة الاحتلال، فإن كل جوار الأردن، غارق في الأزمات الحساسة سياسياً، وأمنياً، واقتصادياً.
يدخل الأردن العام الجديد، في ظل علاقات عربية عادية، أو ضعيفة، أو باردة جدا، وهناك نماذج لكل حالة، والمعلومات المتوفرة تؤكد أن سياسة الترقب ستبقى هي القائمة في عمان، فقد مرّ العام 2020 بشكل ثقيل جدا، وتشاغلت كل الدول بشؤونها الداخلية بعد كورونا.
يقال بشكل واضح، إن تأثيرات الإقليم على صعيد الأتراك والإيرانيين، والتأثيرات الدولية، والتمدد الإسرائيلي، كلها معادلات تترك أثرها على العالم العربي، بما في ذلك الأردن، الذي لن يكون قادرا على الانفلات من هذه المعادلات، وسيواصل تبني سياسة الترقب، دون قدرة على صياغة معادلته الخاصة، فالأردن يتحرك وسط خريطة ملغمة في العالم العربي.
لكن لا يمكن هنا، الاستمرار بالمراهنة على العلاقات الثنائية بين الأردن وبقية الدول، ولا على تشكيلات تحالفات ثلاثية، قد تتفق على عناوين، وتختلف على عناوين ثانية، خصوصا، أن السؤال حول حلفاء الأردن في المنطقة، يتردد في أكثر من نقاش، ومدى قدرة الأردن على ترتيب أوراقه الخارجية، بشكل صحيح، قبل أن تبدأ الإدارة الأميركية الجديدة الخوض في شؤون المنطقة، بعد شهور، ومع إطلالة الصيف، وفي ظل انتخابات إسرائيلية مبكرة، ووجود تغيرات في مجمل المعادلات الدولية والإقليمية والعربية.
سياسة الترقب، والحرص على النجاة فقط، غير كافية، خصوصا، إذا توجه العالم نحو مبدأ التسويات والصفقات في هذه المنطقة، وبحيث يخرج رابحون وخاسرون نهاية المطاف.
كل الخبراء والمحللين المطلعين، يؤكدون أن العام المقبل، عام تسويات، سواء تسويات سلمية بالود والتفاهم، أو تسويات بالقوة والحرب، وهذا يعني أن فترة التعليق التي ورثناها من إدارة أوباما، وزادت إدارة الرئيس غير المأسوف عليه، من حدتها، تشارف على الانتهاء، وقد نكون أمام مرحلة إعادة صياغة، لكل وجه العالم، أو المنطقة، لنسأل منذ الآن، عن تصورات الأردن، وسيناريوهاته، للفترة المقبلة، وإذا ما كان لديه تصور لكل الاحتمالات، أم سنبقى ننتظر البوصلة وإلى أين تتجه، ونلهث خلفها.
أين سنكون على خريطة 2021 على مستوى الإقليم، والسؤال ينطبق على غيرنا أيضا، حتى لا ننتقل من مرحلة الترقب واعتبار مجرد النجاة فضيلة، إلى مرحلة الاختناق القهري؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى