أنا العاٸد;کلام بلا مقبلات

أنا العاٸد;کلام بلا مقبلات

شبلي العجارمة

وللکلام شوارعُُ أيضاً,مقاهٍ بلا عناوين,وحداٸق بلا جدوی للمکوث في زوايها الرمادية,وأنا أسافر في وجوه الفقراء بنصٍ تعبيري لا يخرج عن مجرد الشکل التنظيري من الطراز الرفيع ,أکتب عن بٶسهم ,وأجتر جوعهم ,أٓلامهم ,تأوهاتهم دون أن أکتب وصفةً نصف سحرية تبلل جراحاتهم المتحجرة ,فأنا أيضاً شريكُُ يرتدي قناع الفضيلة الزاٸدة لا أكثر وجزءُُ من تکريس شکلهم الأبدي الأخير .

منذ زمن ليس بالقصير جداً ولا هو بالبعيد أمداً ,وأنا أضع يدي علی الجرح ,وأجسّ مکامن الألم ,وقد نکشت غير مرة جحور الفساد حتی طالتني وخزات إبر دبابيرها ,لکن شيٸاً لم يتغير حتی الأٓن ,ولا أعتقد أنه سوف يتغير ,لأن هذا الألم کان نتاج منهجية مٶسسية ,وأمرُُ دبّر له بليل نتيجة التجهيل المقصود ,والترهيب الذي سبق کل ذلك ,وتأليه النماذج حد القداسة المحرمة ,صورةُُ مشابهة للقطيع الذي ظن أن کسر الخبز الناشف والمتعفن الذي لا يمتلك سلطة الوصول لخرج الحمار سوی الراعي هي وحدها الکافية لإخماد غريزة الجوع وإبقاء المراييع في ظلة الحمار التي لا تتسع سوی رأسين من العجزة وخروف صغير وکلب .
لذت بالصمت في صخب الثرثرات ,حين کنت أری وطني مصلوبُُ ما بين لغتي المنمقة والتراجيديا التي يمثلها الساسة ,أو بالأحری أشباه الساسة ,منابر للبوح المفبرك,وللکذب المهدرج حتی ,وللعناوين البراقة الزاٸفة ,وحلقات دفع ثمنها المشاهد البسيط منذ أزمنة باٸدة ,وعلی رأي المثل “من دهنه إقليله “.
والذين يملکون الحقاٸق يتم اغتيال فکرهم وتغييبهم عن المشهد بکل الوساٸل البوليسية المتاحة ,بدءاً من التشکيك بمواقفهم الوطنية ,وفبرکة کل المٶامرات والدساٸس له حتی يتم بث اليأس به ودب الوهن في کل أوصاله الذهنية والفکرية حتی يصل لجدارين أبکمين لا ثالث لهما ;إما اللجوء لمنبر لا يرفرف فوقه علم بلاده ,أو أن يتبع القطيع المفکر وهو يحمل حکمة حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس.
هنا أعين الکلام داهمها الرمد ,فحتی کحل الجدات لن يزيل القذی المتحجر في محاجر دمعها ,ووجه البوح ربما أقبح من أن يسنفره حلاق الحي , لأن الزمن ها هنا نسي کيساً من بذور الدمامل والندب التي أعيتها عقاقير الأرض بدٸاً من الصابون النابلسي ,وانتهاءً بطينة بنت العم التي لم أأخذها ولم أضعها علی خدادي .
بت لا أنوي الکتابة , وها وقد أصبحت انثر غجرية الکلام حتی بلا مسودة ,وبلا أدراج هارباً من سلطة التقليد للنصوص ,وکأنني أحمل صرةً من الدواحل الزجاجية “القلول ” ,ومن فرط فرحتي حين قالت لي أمي ذات زمن بعد أن أنهيت دروسي “روح العب مع عيال الحارة ولا تتأخر ” ,هرعت مسرعاً في دوحة سخاء أمي بالذهاب وأصفاد العودة قبل الغروب ,فقد سقطت علی مصطبة الدرج الکبيرة الخشنة وتدحرج کنز الدواحل نحو حوض النعناع المستعمر بالعشب المتشابك ,فلعلي أجمع دواحلي قبل الغروب وقبل مغادرة سور البيت حتی ,فلا أنا بمن اکتملت فرحته ,ولا أنا بالذي لعب ولا بالذي ذهب مسرعاً ولم يعد متأخراً براً بأمه .
هکذا قلنا “سيکون کلام العودة بلا مقبلات!”.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى