أمرك يا سيدي !

أمرك يا سيدي !
د. محمد شواقفة

هذه ليست نكته مع أنني سمعتها بهذه الطريقة و حورتها لتصبح نصا ملائما خاليا من الألفاظ المحظورة ….
في مكان ما و في زمان ليس ببعيد … أراد أحد الولاة الظالمين أن يرى مقدرة احتمال مواطني ولايته و نجاعة الاحكام القاسية التي جعلت من سكان الولاية أشبه بالعبيد….
طلب من قائد العسس أن يجدوا له أي معارض لسياساته الخرقاء …. و لكن سطوته و ابداعاته في ترهيب الناس و تدجينهم جعل ذلك الأمر أشبه بالمستحيل … و بات يضيق ذرعا باستكانة الناس و استسلامهم و قبولهم بكل انواع الذل و القهر و التعذيب….
طلب اجتماعا طارئا مع مستشاريه و ندمائه و أخبرهم بما يجول في خاطره … هل ما نفعله فعلا غير كاف لأن يجعل أي من الساخطين يثور و يتكلم منتقدا ؟!
تململ كهل عجوز من ثلة المستشارين و أقترح بتطبيق ضريبة جديدة على الناس الذين يدخلون المدينة كل يوم … و كانت الضريبة ليس لها ما يبررها أبدا و كانت بأن يدفع كل من يدخل المدينة مبلغا يقدره حراس البوابات … فتارة تضاف ضريبة على الوزن و تارة يتم اضافة مبلغ لرعايا الاطراف و المناطق النائية لأنهم سيستهلكون قسطا من هواء العاصمة النادر ….و للحراس الحق تماما بتحويل كل من يتذمر أو يشتكي للأمانة و يتم التحفظ عليه لمدة يتم تجديدها بدون أي مبرر …
سارت الأحوال سيئة كالعادة و لكن الناس تحمد و تشكر لأنها لا تصبح أسوأ … و لكن ذلك لم يعجب الوالي فطلب بزيادة حجم المضايقات … فإضافة للضريبة فقد أمر بمعاقبة الزائرين بالجلد عند الدخول و عند الخروج … و تم تشكيل هيئة مستقلة لتنظيم عمليات الجباية و التعذيب حد سواء … و لكن ذلك لم يك كافيا لاستفزاز أحد … و الناس تعتاد على النظام الجديد في العبودية و الاذلال…. و لكن الكل راضي و سعيد ما دام الوضع لا يسوء أكثر …
في أحد الأيام الاعتيادية امتعض أحد المواطنين و أبدى غضبا غير معهود …. استنفرت كل الاجهزة الامنية و كوادر الامانة و اجتمع مجلس الوزراء و النواب و المتقاعدين لبحث هذا الأمر الجلل … و كان عنوان نشرات الأخبار و الفضائيات و بعض الصحف البائدة : “مواطن … يحتج !!!”
طلب الوالي أن يلتقي هذا المواطن الذي خرج عن المألوف و إحتج و لو بكلمة ….
نظر المواطن حوله و الرعب يكتم أنفاسه وقال: أنا لا أحتج على الضرائب و لا على التسلط و العبودية …. و ليس عندي مشكلة في الجلد صباحا و مساء … ولكنني يا مولاي أطالب بزيادة عدد الجباة و الضاربين …كي لا نتأخر على مواعيد عملنا و الدوام !!!

“دبوس على الخنوع ”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى