أما آن أوان الإصلاح ؟ / م. عبدالكريم أبو زنيمة

أما آن أوان الإصلاح ؟

بعيداً عن الموشحات والسمفونيات اليومية المبرمجة التي تتغنى بالديمقراطية والعدالة والشفافية والانجازات ودولة القانون والمؤسسات إلا أنَّنا لا نزال بعيدين كل البعد عن حلم العيش بالدولة المدنية التي أساسها العدالة والحرية وتكافؤ الفرص لجميع أبنائها في ظلِ دستورٍ محصنٍ من العبث والتشويه، فبالرغم من كل الاحتجاجات والمناشدات وما وصلنا إليه من تدهور في معظم القطاعات إلا أنَّ القائمين على التحكم بادارة البلاد لا زالوا يسيرون في النهج الذي سيؤدي حتماً إلى ما لا نرجوه من انهيارٍ كامل لمنظومة الدولة .
في الوقت الذي تتعرض فيه أيّة دولة للأزمات فأنَّها تسارع إلى حشد طاقات أبنائها من الخبراء لوضع الحلول والإجراءات للخروج منها، إلا أنَّ العكس يحدث هنا، فحكوماتنا تجتر ماضيها بكافة سلبياته ومآسيه لتكرار نهج الفشل عاماً بعد عام، فلا زال التوريث قائماً ومحصوراً بعائلات محددة ولا زال الفساد مستشرياً في كافة المجالات ولا زال القضاء مقيداً ولا زالت أجهزة الرقابة والمحاسبة مرتبطةً بالجهاز التنفيذي ولا زالت الحياة السياسية مُحاربة وما وجود وزارة التنمية السياسية الا لدخول معاليه تشكيلة الحكومات كجائزة ترضيه لأحد المتنفذين أو كديكور تجميلي للحكومة !
اليوم تنتشر ظاهرة تشكل تجمعات شعبية بأسماء ومسميات مختلفة منها ما يطلق على نفسه المعارضة ومنها الموالاة وهي ظاهرة خطيرة ! معارضة لمن وموالاة لمن؟ وبالتدقيق ببعض أسماء شخوصها تكمن الفواجع ! فمنهم من يبحث عن منصبٍ ما، ومنهم من يبحث عمّا يُدَس في جيبه ليرفع صوته ويغني للضياع والتشتت. الأردنيون بكافة أطيافهم متفقون على القيادة الهاشمية عنواناً ورمزاً وقيادة للبلاد لكن الغالبية مختلفون ويعارضون النهج الذي أُديرت به البلاد منذ ما يقرب قرناً كامل، فتعطيل الدستور وغياب الحريات وإقصاء الاحزاب والحياة السياسية أسفر عن إنتاج مؤسسة فساد تتحكم بكامل مفاصل الدولة، فنهبت ثروات الوطن وجوعت المواطن ورهنت سيادة الدولة لأعداء أمتنا،مثل هذه التجمعات وخاصة الموالاة منها لا تبني وطنا ولا تحمي عرشاً .
الإصلاح بمفهومه الشامل – إن وجدت الإرادة الحقيقية لتحقيقه – سهل وبسيط وينقذ البلاد من أزماتها الخانقة، حيث يتمثل بصلاح الدستور والعودة لدستور عام 1952 يتبعه قانون انتخاب نسبي لأحزاب وقوى سياسية على أُسسٍ برامجية مع فصلٍ حقيقي للسلطات واستقلاليةٍ تامة للقضاء والأجهزة الرقابية والمحاسبية وكف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل بالحياة السياسية المدنية للتفرغ لمهامها وواجباتها الوطنية، فالخطر الحقيقي الذي يهدد وطننا ونظامنا والعرش الملكي ليس المعارضة وإنَّما من يسمون أنفسهم الموالاة والمتنفذين الذين يعتاشون على أنين الفقراء والجياع والذين عاثوا فساداً في طول البلاد وعرضها حتى أصبح الوطن ونظامه السياسي مهدداً بالخطر .
آن الاوان لحل مجلسي النواب والأعيان والحكومة، وتشكيل حكومة خارج نطاق التوريث ممن يُشهد لهم بالنزاهة والخبرة والكفاءة الإدارية، يعهد إليها بتنفيذ الإصلاح الإداري والسياسي والاقتصادي وسن قانون انتخابي يلبي طموحات وأهداف وأحلام الشعب بعيشٍ كريم..قانون أنتخاب يفضي الى تداول ديمقراطي للسلطة والحكم.. قانون انتخاب يُفرز نخب وطنية همها وهاجسها الوطن والمواطن ونظامه السياسي..لا نواب كبريهات ومنافع شخصية وارتزاق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى