أكثر من مليار دينار ودائع للأردنيين في مصارف بيروت … ما مصيرها ؟

سواليف
يبدو أن رائد الملكية الفكرية في الأردن طلال أبو غزالة وهو يقدم حلولا لأزمة لبنان ضمن برنامجه الأسبوعي ويقترح رفع القيود التي تم فرضها على الودائع المصرفية بشكل مباشر، كان يتحدث من خلفية تجربة شخصية مريرة راح ضحيتها أكثر من 23 مليون دولار في بيروت، وفق ما نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية ضمن لائحة قضائية قدمها أبو غزالة ضد فرع أحد البنوك الفرنسية في لبنان.
وأثارت حلقة أبو غزالة في برنامج “العالم إلى أين” الذي يعرض على شاشة روسيا اليوم أصلا الكثير من الجدل وهو يؤكد أن “الأزمة اللبنانية ليست نتيجة قانون قيصر أو نتيجة قرارات أمريكية” وان بداية الأزمة اللبنانية “كانت عندما خالف مصرف لبنان القانون والدستور اللبناني وقرر أن يحجز على الودائع المصرفية”.
الحلقة المذكورة جاءت في تاريخ 5 تموز/ يوليو الحالي في حين وبعد ذلك بيومين (7 يوليو/ تموز) نشرت الصحيفة اللبنانية ذات المصادر الموثوقة لائحة اتهام من محامي أبو غزالة في لبنان لأحد البنوك يتهمه فيها بالحجز على ودائع بعشرات ملايين الدولارات عائدة لمجموعة طلال أبو غزالة العالمية، ما ألحق أضراراً بالمجموعة.
وتتلخص شكوى أبو غزالة والذي اثار الكشف عنها الكثير من الجلبة والوجل في أوساط المال والاعمال الأردنيين والعربيين، بأن رجل الاعمال عقد اتفاقية في عام ٢٠١٤ بموجب اتفاقية تحمل اسم «أهلاً وسهلاً»، حوّل بموجبها أموالاً أودعت في حسابات متفرّعة، معظمها حسابات وديعة محدّدة الأجل، حيث بلغت قيمتها الإجمالية عام ٢٠١٩ نحو أربعين مليون دولار أميركي.
وفق الاخبار، فخلال شباط عام ٢٠٢٠، وعند حلول أجل بعض الودائع، طلب أبو غزالة إيداع هذه المبالغ، البالغة قيمتها ٢١ مليون دولار أميركي مع الفوائد المستحقة، في حسابه الجاري وتحويلها إلى حساباته المصرفية في عمّان، لكنّ المصرف امتنع عن ذلك بحجة الظروف الاستثنائية، ما دفع أبو غزالة إلى توجيه كتاب إنذار عدلي يطلب بموجبه تحويل الودائع الواجبة له، البالغ مجموعها ٢٣ مليوناً و٣٧٩ ألف دولار أميركي، إلى حسابه في بنك آخر في العاصمة الأردنية عمّان.
ويتهم محامي أبو غزالة البنك أيضا برفض تقديم كشوفات لحسابات أبو غزالة ولاحقا القول بأن السياسة المتّبعة لدى المصرف تقضي مؤقتاً بحصر التحويلات إلى الخارج بالمبالغ المخصصة لتغطية النفقات الشخصية، كما ابلغه بأنه قرر أحاديا إقفال وتصفية حسابات المدّعي، البالغة قيمتها نحو ٢٢ مليوناً ونصف مليون دولار، ومليار ليرة لبنانية، ووضع شيكين مصرفيين بالقيمتين المذكورتين مسحوبين على مصرف لبنان، يُدفعان في لبنان حصرا، بتصرّف المدعي.
ابعاد القضية وفقما أوردتها الصحيفة اللبنانية كبيرة ومتشعبة تخلص بمعظمها الى كون الرجل الثري في الأردن (كما وصفه موقع العربية ضمن تغطيته للحدث)، وصاحب امبراطورية أبو غزالة يحاول الحصول على أكثر من 23 مليون دولار امريكي ( من أصل نحو 40 مليونا) موجودة في بيروت منذ أشهر (على الأقل 5 أشهر منذ فبراير الماضي) دون جدوى.
أبو غزالة بهذا المعنى تتحول تجربته وهو رجل اعمال قوي وصلب، إلى إلهام ومبعث للقلق لرجال اعمال أردنيين يرجح المحلل السياسي الدكتور زيد النوايسة أن يبدؤوا بمحاكاة تجربة أبو غزالة ورفع دعوات مماثلة على مصارف لبنانية خلال الاسابيع القادمة، مقدّرا قيمة الأموال الأردنية في بيروت بأكثر من مليار دينار “تم ايداعها في المصارف اللبنانية كونها تمنح اعلى فوائد في المنطقة ومقدماً قد تصل لنسبة ما بين 12% الى 15% شريطة ان يكون الايداع لمدة ثلاث سنوات والا يقل عن مليون دولار.”
هنا يراقب المتتبعون للعلاقات بين الأردن ولبنان ان هذا الحراك المتعلق بأبو غزالة، سبقه بثلاثة أيام (2 يوليو/ تموز) زيارة لوزير الخارجية اللبناني ناصيف حتّي لنظيره الأردني ايمن الصفدي في عمان وهي زيارة نادرة تكهن كثيرون ان ملف الأموال الأردنية في لبنان كانت على طاولة المناقشات فيها، اذ لا يمكن انكار الحاجة الملحة في الأردن ولبنان للعملات الأجنبية من جهة وللسيولة من جهة ثانية.
بهذا المعنى، خطف رجل الاعمال الجدلي وذو الآراء الجريئة طلال أبو غزالة مرتين جديدتين الأضواء، ولكن من بوابة لبنان حيث اثار بالمرة الأولى وعبر برنامجه الجدل بعد اعتباره مشكلة لبنان عضوية بين المؤسسات الثلاث المسؤولة عن السياسات النقدية والمالية والاقتصادية وهي الحكومة ومصرف لبنان (البنك المركزي) والمصارف، مشبّهاً العلاقة بين المؤسسات الثلاث بمثلث “برمودا”، وقال إن “الأزمة ظهرت نتيجة العلاقة البينية بين المؤسسات الثلاث، كما أنه لا يمكن تجاهل دور الحكومات السابقة.”
وأضاف أبو غزالة أن الأزمة بدأت عندما تم فرض قيود على الودائع المصرفية، وقال: “لا يمكن لأي دولة تريد أن تتبع نظام اقتصاد حر أن تضع يدها على الودائع من غير قانون، البنك المركزي تصرف بشكل غير قانوني”، معتبرا ان الحلول تبدأ من “رفع القيود عن الودائع بشكل فوري والتفاوض مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والأفضل من ذلك تشكيل فريق من الخبراء من أجل وضع خطة للنهوض بالاقتصاد الوطني بعيدا عن الاقتراض.”
في المرة الثانية، نزل كشف صحيفة الأخبار على الأردنيين والعرب كصاعقة ستؤثر حتما على ودائع كثيرة لرجال اعمال في بيروت، خصوصا في اطار تخبط حقيقي في الاقتصاد اللبناني لا تزال ابعاده تتزايد كل يوم في انهيار الليرة وصعوبة التعافي والبعد عن الإصلاحات الهيكلية.
بكل الأحوال، يؤكد مراقبو أبو غزالة ان الرجل قد يخبر متابعيه بمصير وديعته في الحلقة المقبلة من برنامجه بعدما رفض شخصيا وكذلك مكاتبه الحديث حول القضية مرارا خلال الأيام القليلة الماضية، كما بات بحكم المؤكد ان تخرج الحوارات الرسمية حولها أيضا إلى الاعلام قريبا .

المصدر
رأي اليوم - فرح مرقة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى