أغـنيـة مـن أجـل الطائـر المسجـون فـي قفـص

ولدت الشاعرة الإفرو-أمريكية مارغريت مايا أنجِلو جونسون في سانت لويس بولاية ميسوري، في 4 نيسان 1928. وقضت السنوات الأولى من طفولتها في سانت لويس وستامبس في ولاية أركنسو. وهي مؤلفة وشاعرة ومؤرخة وكاتبة أغانٍ وكاتبة مسرحية ومخرجة ومنتجة وراقصة ومغنية وناشطة في مجال الحقوق المدنية. عملت أنجِلو في أول سنيّ شبابها راقصةً وقامت بجولات في أوروبا لتقديم عروض موسيقية. ثم عادت إلى مدينة نيويورك وانضمت إلى نقابة كتاب هارلم وانخرطت في الحركة النضالية للسود. بعد ذلك سافرت إلى مصر حيث عملت محررةً للغة الانجليزية في صحيفة أسبوعية ثم انتقلت إلى غانا، حيث عملت في مدرسة الموسيقى والدراما في جامعة غانا، كما عملت في الصحافة. عادت أنجِلو إلى الولايات المتحدة في عام 1974 حيث عينها الرئيس جيرالد فورد عضوًا في لجنة المائتي عام، وفيما بعد عيّنها الرئيس جيمي كارتر عضوًا في لجنة امرأة العام العالمية. كما تم تعيينها  في عام 1981 أستاذةً مدى الحياة للدراسات الأمريكية في جامعة ويك فورست في ولاية نورث كارولينا. وفي عام 1993 ألقت قصيدة «على وقع نبضات الصباح» في حفل تنصيب الرئيس بيل كلينتون، وذلك بناء على طلبه. أما الرئيس باراك أوباما فقد قلدها الميدالية الرئاسية للحرية في عام 2011. ألّفت أنجِلو في السيرة الذاتية عددًا من الكتب اكتسبت من ورائها شهرة واسعة. ومن بينها: «أعرف لماذا يغني الطائر السجين» (1969)، الذي رشح لجائزة الكتاب الوطنية و»قلب امرأة» (1981). صدر لأنجِلو العديد من المجموعات الشعرية، من بينها «الآن تغني سبأ الأغنية» (1987)؛ «ناولني شربة ماء باردة قبل أن أموووت» ((1971، الذي رشح لجائزة بوليتزر؛ «شاكر، لماذا لا تغني؟» (1983)؛ «الأعمال الشعرية الكاملة لمايا أنجِلوط (1994)؛ و»حقيقة جريئة ومذهلة» (1995). توفيت مايا أنجِلو في 28 أيار 2014 بعد ان ساءت حالتها الصحية.  أظل أعلو قد تكتبونني في التاريخ بأكاذيبكم الملتوية المريرة، قد تسحقونني في التراب ولكن مع هذا، مثل الغبار سأعلو. هل تزعجكم وقاحتي؟ لِمَ أنتم محاطون بالكآبة؟ لأنني أسير كما لو كانت لديّ آبار نفط تضخ عندي في غرفة المعيشة. تمامًا كالأقمار والشموس، على يقين من حركات المد والجزر، تمامًا كالآمال التي تقفز عاليًا، سأظل أعلو. هل أردتم أن تروني محطمة؟ مطأطئة الرأس خافضة العينين؟ كتفاي هابطان كقطرات الدمع. وقد أصابتني صرخاتي العاطفية بالوهن. هل تغيظكم غطرستي؟ ألا يقع الأمر من نفوسكم موقعًا سيئًا لأنني أضحك كما لو كانت لديّ مناجم ذهب يجري حفرها في الساحة الخلفية لمنزلي. يمكنكم أن تطلقوا نيران كلماتكم عليّ، يمكنكم أن تُقطّعوني بعيونكم، يمكنكم أن تقتلوني بكراهيتكم، ولكن رغم ذلك، كالهواء سأظل أعلو. هل يزعجكم أنني مثيرة؟ هل يفاجئكم أنني أرقص كما لو كانت لديّ ماسات عند ملتقى فخذيّ؟ من أكواخ عار التاريخ أعلو عاليًا من ماضٍ متجذرٍ في الألم أعلو أنا محيط أسْوَد، وثّاب وعريض، أتدفق وأتضخّم حاملةً المد والجزر. مخلّفةً ورائي ليالي من الرعب والخوف أعلو في انبلاج فجرٍ صافٍ مدهش أعلو حاملةً الهدايا التي قدمها أجدادي ، أنا الحلم والأمل للعبيد. أعلو أعلو أعلو. أعرف لماذا يغني الطائر المسجون في قفص الطائر الحرّ يقفز على ظهر الريح ويعوم باتجاهه إلى أن ينتهي التيار ثمّ يغمس جناحه في أشعة الشمس البرتقالية ويجرؤ على الادعاء بأنه يمتلك السماء. لكن الطائر الذي  يخطر في مشيته داخل قفصه الضيق نادرًا ما يقدر على الرؤية من خلال قضبان غضبه جناحاه مقصوصان وقدماه موثقتان لذا  يفتح حنجرته  ليغني. الطائر المسجون في قفص يغني برعشة مِلؤها الخوف من أشياء مجهولة لكنه يتوق إلبها ويُسمعُ لحنُه على التلّة البعيدة لأنّ الطائر المسجون في قفص يغنّي للحرية. الطائر الحرّ يفكر في نسيمٍ آخر وفي الرياح التجارية العليلة خلال تنهدات الأشجار وفي الديدان السمينة التي تنتظرها في مرجةٍ مشرقةٍ كالفجر ويدعو السماء سماءه. لكن الطائر المسجون في قفص يقف على قبر الأحلام ظٍلّه يصرخ على صيحة كابوس جناحاه مقصوصان وقدماه موثقتان لذا  يفتح حنجرته  ليغني. الطائر المسجون في قفص يغني برعشة مِلؤها الخوف من أشياء مجهولة لكنه يتوق إلبها ويُسمعُ لحنُه على التلّة البعيدة لأنّ الطائر المسجون في قفص يغنّي للحرية. امرأة استثنائية النساء الجميلات يتساءلن أين يكمن سرّي. فلست خفيفةَ الظل ولا يناسب شكلي مقاسَ عارضة أزياء ولكن حين أبدأ بإجابتهنّ، يعتقدن أنني أسرد الأكاذيب. أقول، إنّه في امتداد ذراعيّ  اتّساع ردفيّ، انفراج خطاي، زمّة شفتيّ. أنا امرأة بصورة استثنائية. امرأة استثنائية، هذه أنا. أدخل غرفةً بكل بهدوء، وأمام رجل، ينتصب الرفاق وقوفًا أو يقعون راكعين على ركبهم. ثم يندفعون ويتحلقون حولي، خلية نحل. أقول، إنها النار التي في عينيّ، اللمعة في أسناني، الاهتزاز في خصري، والفرح في قدميّ. أنا امرأة بصورة استثنائية. امرأة استثنائية، هذه أنا. الرجال أنفسهم تساءلوا ما الذي يرونه فيّ. يحاولون كثيرا ولكنهم لا يقدرون أن يلامسوا السرّ الذي في داخلي. حين أحاول أن أريَهم يقولون انهم لا يزالون غير قادرين على الرؤية. أقول، إنّه القوس الذي في ظهري، شمس ابتسامتي، وثبةُ نهديّ، رقّةُ أسلوبي. أنا امرأة بصورة استثنائية. امرأة استثنائية، هذه أنا. الآن تدركون لِمَ رأسي ليس محنيًا. أنا لا أصرخ أو أقفز هنا وهناك أو أضطر لأن أتحدث بصوت بالغ الارتفاع. حين ترونني أمرّ خليقٌ بكم أن تشعروا بالفخار. أقول، إنه في طقطقة كعبيّ، التفافِ شعري، راحةِ يدي، الحاجة إلى رعايتي، لأنّني امرأة بصورة استثنائية. امرأة استثنائية، هذه أنا. حين يمسّنا ملاك نحن الذين لم نَعْتَد الجرأة نحن المنفيين من البهجة نعيش متكورين في قواقع من الوحدة إلى أن يترك الحب معبده المقدس العالي ويصير تحت أنظارنا ليحررَنا ويبعثَ فينا الحياة. يصل الحب وتأتي معه النشوات ذكريات قديمة من المتعة تواريخ غابرة من الألم. لكن إن كانت لدينا الجرأة، فإنّ الحب يُطوّح بسلاسل الخوف بعيدًا عن أرواحنا. ننفطم عن الخجل في دفق نور الحب نجرؤ على التحلي بالشجاعة وعلى حين غرّة نرى أن الحب يكلّفنا كلَّ ما نحن عليه وما سنكون. ورغم هذا، فالحب وحده هو الذي يحررنا. عادوا إلى بيوتهم   عادوا إلى بيوتهم وقالوا لزوجاتهم، أنه لم يحدث طيلةَ حياتهم ولو لمرة واحدة، أن عرفوا فتاةً مثلي، لكنهم… عادوا إلى بيوتهم. قالوا إن بيتي كان نظيفًا للغاية، إنني لم أقل كلمةً واحدةً مبتذلة، كان لديّ جوٌّ من الغموض، لكنهم… عادوا إلى بيوتهم. الإشادة بي كانت على شفاه كل الرجال، فقد أحبوا ابتسامتي وخفة ظلي وأردافي، كانوا يقضون ليلةً واحدة أو اثنتين أو ثلاث. لكنهم… * شاعر ومترجم من الأردن

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى