أذلوا الفقراء وأهانوا الضعفاء

أذلوا #الفقراء وأهانوا #الضعفاء

#بسام_الياسين

 ( للذين اساؤوا الادب مع #الشعب،اذلوا الفقراء،اهانوا الضعفاء،جرجروا اهل الكلمة،شيطنوا #المعارضة،وافسدوا اصحاب المواقف بالمال والمناصب.لهم في هذه السيرة عبرةً وموعظة )

كانت زعامة قريش لا تقيم وزناً للقيم و لا تلتزم بالمبادىء. دأبت على سلوك طرق ملتوية للاستئثار بالسلطة وجمع المال، لاستعباد خلق الله. الاتجار بالبشر كان الاكثر رواجاً وربحاً،و افضلها استثماراً. سوء طالع خباب بن الارّث ان وقع سلعة بايدي “الفرقة السافلة “.عرضوه في سوق النخاسة،لانه ـ بمفهوهم ـ لا يصلح لشيء الا للعبودية .لم يدركوا ان في اعماق خباب، صحابي جليل،يحمل شحنة ايمانية كامنة و شخصية متمردة،ترفض السائد وتتمرد على ثقافة القطيع.

عرضوا آدميته للبيع،فتلقفته البرجوازية “ام انمار” بسعر زهيد ارخص من ضمائرهم المتكلسة، وشخصياتهم المشوة ، لتدخره وقوداً لمستقبلها،وخادماً مطيعاً يقوم على خدماتها.إستغلت مهارته بصناعة السيوفٍ لتقبض ثمن جهده.فهي ابنة مجتمع مريض لا يتورع عن استغلال شقاء الاخرين لسعادته. فالانسان نتاج بيئته وجيناته.هي نقيض كل النساء الحانيات،و كانها لم تتذوق طعم الامومة.نبتت على ثقافة الايذاء، وكراهية للناس لعلة نفسيةٍ كامنة فيها وخلل في تركيبتها، لا تتورع ان ترمي من يخالفها بحجارة حقدها الموروثة من اسلافها الذين تمترسوا بالكفر واستعباد الآخر. فوجدت في خباب ضالتها. سلوكها المُشين ليس غريبا،لانها رضعت العنجهية،فتشكلت لديها قناعة راسخة انها فوق البشر.فإستغلت “خباب بن الارث” بتشغيلة نافخَ كيرٍ، وصانعَ سيوفٍ،بينما الاجدر ان يكون حاملَ مسك لحُسن حديثه،وطيب معشره.

كان خباب بن الارث بنقاوة داخله وسلامة فطرته،كثير التفكير بعلة الوجود،دائم الاستغراق في خلوته،باجرام السماء . ” فلا اقسم بمواقع النجوم وانه لقسم عظيم “.كل جُرم يسير في مداره بتوقيت محكم،وخط مرسوم .فالكون آية إعجازية،وكتاب مفتوح لمن يريد الفهم والوصول. كان حداداً بالمعنى التقليدي،لكنه فيلسوف يغوص في الاشياء .يقرأ الآتي قبل ان ياتي.فالمعرفة لا ترتبط بالمنزلة الاجتماعية.لكنه يرى ان االفوضى ليست في المنظومة الكونية بل في المنظومة الاجتماعية السائدة.

 معاناته الوجودية كانت تطفح على سطح تفكيره، حينما يهجع الى فراشه،يتقلب كالملدوغ، لا من حرارة الطقس الكاوية بل من قلق الاسئلة المُحيرة التي تعتمل في داخله كمرجل لا يهدأ.نجوم تسبح في السماء، شمس مشعة  تغرق الكون بالنور ، قمر منير يكبر كطفل في دورة جمالية  .”افلا ينظرون “.هذا لم ياتِ من فراغ،لابد من قوة حكيمة ومبدعة وراءه.
جاءت الدعوة المحمدية، فكان من اول الراكضين اليها والمؤمنين بها،متعهداً بالموت دونها.حمل رايتها وسار في مقدمة المؤمنين.لقد وجد فيها نفسه، و اجابت له على الاسئلة التي تقض مضجعه: “هو الله الواحد الاحد الفرد الصمد “. شعر بسعادة غامرة اذ وجد عند محمد بن عبدالله ضالته.عرف في مدرسته: “ان الله ليس كمثله شيء،يُستدل به على كل شيء،ولا يُستدل بشيء عليه”. مرت الايام، فخرق خباب شرنقة عبوديته،ليصبح سيداً حراً كريماً، ومرجعية عُليا في القران، ومُعلماً في الفقه و الاحكام.

انتصرت العقيدة،و سقطت الوجاهة القرشية،و تدحرجت رؤوس الكفر.فاخذ المهمشون مواقعهم المسلوبة، واستعاد الضعفاء حقوقهم المهدورة.تحرر الظالم من ظلمه و كسر المظلوم قوقعته. ولما استتبت ركائز الدين في الجزيرة العربية، حمل شيخوخته الى العراق.اقام فيها حتى فاضت روحه لبارئها.دفن في ظل نخلة عربية،ترتوي بماء الفراتين والى جانبه يتمدد سيفه المزين بعبارة :ـ ” لا غالب الا الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى