أجواء عام 89 تقلق الجميع في الأردن

سواليف
قد لا تبدو مناورة رئاسة الوزراء في الأردن فعالة ومنتجة في اللحظات الأخيرة وهي تتجاهل محاولة خمسة شبان الإنتحار جماعياً منتصف الأسبوع من سطح عمارة كبيرة وسط العاصمة عمان بسبب عدم «وجود وظائف». الرئيس النسور محنك ومخضرم ويعرف من أن تلتهم أكتاف خصومه
بمعطيات إفتراضية تحدث الكاتب محمد ابو رمان عن إستدعاء الرئيس للشباب الخمسة ومناقشتهم «أبوياً» بما خططوا لفعله على اساس تخيل ان ذلك حصل فعلاً .
المسألة بكل الأحوال تنطوي على «سو ء حظ» حيث لا يمكن إعتبار محاولة الإنتحار الخماسية لسبب «معيشي» حادثة عابرة فهي بأقل تعديل تسلط الضوء تماماً على إتجاهات التوتر المحتملة في الشارع جراء النقص الحاد في الوظائف وبصورة دفعت رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي للإعلان، «هنا ينبغي ان نقرع ناقوس الخطر».
الأهم ان مجسات المؤسسات المرجعية يمكنها أن تلتقط مرحلياً ما هو أعمق في حادثة من هذا النوع حتى وإن كانت «شابة وعصبية ومراهقة» وذلك لأن حجم الإحباط المعيشي والإقتصادي «ينمو» وبصورة لافتة في المجتمع الأردني.
وهذه المرة ليس في الأطراف كما يلاحظ القيادي في الحركة الإسلامية مراد عضايلة ولكن في المدن الرئيسية حيث نشاط الأرزاق المألوف لا بل في العاصمة عمان. لذلك قد لا تندرج أي محاولة للتفاعل عند حكومة النسور مع الحادثة في سياق الإنتاجية لإن الغرض منها قد يكون «إبراء الذمة الذاتية» أكثر من وضع معالجة لمشكلة البطالة التي تعبّر ضمنياً عن مسألتين في غاية الأهمية هما أولاً ضعف النمو الإقتصادي وإغلاق المشاريع وخمول القطاع الخاص، وثانياً إستمرار مسلسل المديونية الخارجية.
سوء الحظ فقط فتح هذا الملف في حضن النسور في الأسابيع أو حتى الأيام الأخيرة لحكومته كما هو متوقع حيث يربط الرأي العام تجربته بغلاء الأسعار وتراجع سوق العمل وفرض المزيد من الضرائب وتراجع الإستثمار وإنزعاج القطاع الخاص.
البديل المقترح عن النسور حتى الأن وهو الدكتور هاني الملقي هو الآخر واجه أحد أسوأ أيامه من حيث التوقيت فقد إنقطعت الكهرباء عن مدينة العقبة التي يديرها ليلة كاملة فيما كانت مدينته تشهد «لقاءات تشاورية مغلقة» لبعض الشخصيات البارزة على الصعيد الإستشاري في محاولة لترسيم حدود وهوية الفريق الوزاري الذي سيطالب بتحمل المسؤولية في المرحلة اللاحقة الصعبة.
سواء رغب النسور أم لم يرغب قرعت محاولة الإنتحار الجماعية الأجراس فعلاً ولم يعد من الممكن تجاهلها تماماً كما رفع يأس وزير ماليته من منسوب الإحباط العام وهو يتحدث عن ارقام المديونية.
المناخ في الجزئية المتعلقة بالإحباط الإقتصادي والإحتقان الإجتماعي قد لا تعالجه الإنتخابات المقبلة.
وبالنسبة لطبقة عريضة من المراقبين الصامتين الأجواء إقتصادياً على الأقل اليوم قريبة من أجواء عام 1989 مع فارق بسيط بحسب رئيس وزراء سابق مخضرم يتمثل في ان المناخ مماثل لتلك المرحلة لكن مع عدم وجود شخصيات توافقية وطنية يستمع لها الناس وقادرة على الإحتواء الفعال من وزن الأمير الراحل زيد بن شاكر.
بن شاكر كان له دور كبير عام 1989 في قيادة حكومة إستوعبت بذكاء وفعالية تحولات ذلك العام المهم.
والأهم أن الأجراس تقرع مع إقرار الجميع داخلياً بإستمرار وجود «أزمة أدوات ورموز في مؤسسة الحكم».

القدس العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى