شائعات موت النجوم في الوسط الفني جرائم تتكرر

سواليف – كمال القاضي

الإلحاح الإعلامي على كل ما يسيء للفن والفنانين وإطلاق شائعات الموت والسجن والجرائم، ظاهرة سلبية لا يمكن تفسيرها بمعزل عن الحالة النفسية العامة لبعض الشرائح الاجتماعية التي ترى في الانتقام من نجوم السينما والمشاهير وسيلة لتعويض النقص الذي تعانيه تجاههم بوصفهم يمثلون دلالات الفجوة الاجتماعية كونهم متميزون على مستويات كثيرة، فهم يملكون المال والشهرة ويحظون بتقدير يفوق ما يستحقونه من وجهة نظر الغالبية العظمى التي لا تؤمن بالمواهب الإبداعية وتعتبر الفن مجرد وسيلة رخيصة للثراء والانتشار فحسب.
في ضوء هذه النظرة القاصرة للثقافة والفكر والفن والإبداع تتكرر حالات العدوان وتستفحل وتزداد خطورة، فمن يطلق الشائعات المغرضة يسعى لتعميق الهوة بين النخبة المبدعة وعموم الجماهير بهدف التأثير على الرأي العام لإدانة الفنانين الذين يستأثرون بكل الفرص والمزايا على حساب بقية الفئات الأخرى من المجتمع. هذا هو منطق التعامل مع الوسط الفني وأهله والذي يترجم في صور تختلف في أشكالها وطبيعتها ومضامينها وأهدافها، ولأن الوسائط الإعلامية باتت متاحة ومتوافرة ولديها أدوات الترويج والانتشار، فقد صارت هي آلة الحرب في الصراع بين الطرفين، ولا شك أن هناك أوجــه استفادة من تلك الحرب الباردة التي تقودها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصحف الألكترونية تتمثل في ارتفاع نسبة زوار المواقع والقراء من الراغبين في تتبع السير الذاتية للنجوم وهي حالة مجربة ومضمونة التأثير.
من واقع الخلفيات المشار إليها يمكن إدراك سوء الظاهرة السلبية في عمومها بعيداً عن شيوع حالات الموت المجازي والافتراضي للنجمة الفلانية أو النجم الفلاني، فليس المقصود هو تعيين الاسم أو الشخصية بقدر ما هو محاولة لإرباك المشهد الثقافي وتحقيق الناتج الدعائي المستهدف من الأخبار الكاذبة التي باتت تنافس الوقائع الحية الصادقة وتتفوق عليها.
وفي هذا المضمار أمثلة كثيرة تخص سياسيين وكتاب ورياضيين، ولكن تأتي بحكم العادة أسماء الفنانين في المقدمة، وربما كان خبر وفاة الفنانة شادية الذي ملأ الآفاق الإعلامية على مدار أيام قبل وفاتها فعلياً دليلاً موثقاً على تورط المنظومة كلها في الكذب وانهيار القيم الصحافية لدى بعض الوسائل التي لم تأبه بالتقاليد ولم تقم وزناً للآثار المترتبة على انتهاك الخصوصيات.
شائعة وفاة الفنانة الكبيرة قبل موتها الحقيقي بأيام لم تكن الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، فهي مجرد حلقة في مسلسل بدأ مبكراً جداً منذ إعلان نبأ وفاة الفنان فريد شوقي قبل نحو 15 عاماً في التلفزيون المصري الرسمي بطريق الخطأ والاعتذار عنه خلال ساعة، وفي خلال هذه الساعة أطيح برئيس القناة الأولى آنذاك لأنها سمحت بإذاعة خبر وفاة النجم الشعبي الكبير دون أن تكلف نفسها عناء التحقق من صحته، في تلك الأزمنة كانت التقاليد الإعلامية التي تقر مبدأ الاعتذار والثواب والعقاب موجودة، لكن بمرور الوقت وتعدد الأخطاء وإطلاق نافورة القنوات الخاصة ضاع حق المواطن وتبدد شعار الانضباط الإعلامي فصارت القنوات والنوافذ حرة طليقة تمارس المهنية حسب وجهات النظر ووفق سياقات انتهازية يتم تداول المعلومات خلالها بالفهلوة وتدشن فيها الأكاذيب كحقائق راسخة مرهونة بسفسطة الحوار الفارغ وأساليب المخاطبة المبالغ فيها صوتاً وأداءً لإحداث التأثير وشد الانتباه بعيداً عن أي غطاء مهني ولو ذراً للرماد في العيون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى